بين الفينة والأخرى تظهر على السطح بعض القضايا الأسرية التي ما تفتأ أن تكون حديث وسائل الإعلام ، ويتداولها الناس في أحاديثهم ومجالسهم، و هو ما أوجد مراكز أسرية خاصة لحل النزاع بين أفراد الأسرة خصوصا من الأبوين الذي قد يتطور إلى الطلاق و تفكيك الأسرة و تمزيقها «اليوم» بحثت عن دور المراكز الأسرية في حل القضايا الأسرية و مدى حاجة الناس لها مع تزايد القضايا و المشاكل بين الزوجين وأبنائهما.وبين المستشار الأسري ياسر العضل أن الاستشارة ضرورة لتصويب بعض الأخطاء التي يكون الشخص غافلا عنها ، أو دون إدراك بجوانبها المختلفة من خلال القضايا التي يعيشها الإنسان خصوصا الأزواج، لذلك وجود مراكز أسرية لحل القضايا الأسرية و ما ينجم عنها من مشاكل معقدة أصبحت ضرورة لما فيها من خدمة للأسرة بكافة أفرادها.
وبين المستشار بمركز التنمية الأسرية بالدمام و عضو المجلس التنفيذي للجمعية السعودية للعلوم التربوية و النفسية بالشرقية الدكتور عبدالغني الغامدي، أن الحياة مليئة بالمشكلات التي قد تجبر الإنسان على الاستعانة بغيره، ومن هذه الاستعانة المشورة ، ومن جرب المشورة عرف أهميتها وقدرها، ولذلك لا بد أن نعرف الكثير مما يتعلق بالاستشارة من حيث السبب و الأهمية ، و الكيفية و النتائج ، و صفات المستشار و المستشير، والموانع التي تمنع من المشورة، و كيف تعالج هذه الموانع.
و الاستشارة مهمة في حياة لمسلم لأنها أدبٌ إسلاميٌ عظيم حصل فيه نوع من التفريط بين المسلمين، وهذا الأدب يعكس جوانب من عظمة هذا الدين في ترابط أفراد المجتمع الإسلامي الواحد، وهو كذلك مهمٌ في ضبط الأمور و منع الفوضى التي قد تحصل نتيجةً لبعض الآراء التي لا تكون ضمن الطريق الصحيح ، و كذلك تمنع حدوث كثيرٍ من الكوارث الفكرية وغيرها؛ نتيجة بعض الآراء الشاذة التي لا تخلو منها بعض أذهان الناس .
ساهم الهاتف الاستشاري في حل بعض القضايا عبر تحويلها إلى قسم إصلاح ذات البين
و حول المراكز الأسرية ودروها يقول المشرف العام على مركز التنمية الأسرية في الدمام، التابع لجمعية البر في المنطقة الشرقية خالد العرفج أن المركز منذ أن جاءت فكرة تطويره وهو يسعى لتقديم الخدمات الإنسانية والأسرية لكافة أفراد المجتمع، لتحقيق استقرار الأسرة وسعادتها، مضيفاً أنه من أجل هذا الهدف، أنشئت مجموعة من الأقسام تهدف لتحقيق السعادة الأسرية، والسكن النفسي بين الزوجين أولاً، ثم بين الأبناء وأفراد الأسرة بشكل عام والتربية القويمة للأجيال وتوثيق صلة الرحم وبر الوالدين. ومن تلك الأقسام قسم الاستشارات الأسرية ، و الذي يستقبل الاستشارات عبر وحدة الهاتف الاستشاري و يستقبل الاستشارات الهاتفية أيضا من جميع أنحاء المملكة ، كما يستقبل الاستشارات عبر وحدة الاستشارات الحضورية ، حيث تتم بالحضور الشخصي لمبنى المركز ، و تشتمل الاستشارات المجالات الأسرية و النفسية و الزوجية و التربوية . و أوضح المدير التنفيذي لمركز التنمية الأسرية بالدمام أحمد الفريدان أنه يوجد في المركز وحدة للهاتف الاستشاري حيث يوجد فيه كادر أكاديمي متخصص من مستشارين و مستشارات مؤهلين في هذا المجال، لكل مستشار غرفة مخصصة لاستقبال الاستشارات الهاتفية أو الحضورية في جو من الأمان والخصوصية، حيث يقوم منسق القسم باستقبال الاتصالات من الساعة الخامسة مساءً وحتى التاسعة ليلاً، طيلة أيام الأسبوع، عدا يومي الخميس والجمعة، وبعد التعرف على نوع الاستشارة المطلوبة وتسجيل البيانات في البرنامج الحاسوبي، يتم تحويلها إلى المستشار، مع العلم أن المركز لا يطلب البيانات الشخصية بالمتصل، بل يكتفي بإعطاء المتصل رقما خاصا به ورقم المستشار الذي سيرد على استشارته حتى يستطيع متابعة حالته عبر رقمه الشخصي .
و بين الفريدان أن دور المستشار يكمن في الاستماع لطالب المشورة و الإنصات لمشكلته و الإلمام بجوانبها ، ثم السعي لإيجاد حلول للمشكلة أو توجيه طالب الاستشارة إلى الجهات المختصة للقيام بالخطوات الصحيحة لحل مشاكلة ، حيث ساهم الهاتف الاستشاري إلى حل بعض القضايا عبر تحويلها إلى قسم إصلاح ذات البين في المركز أو إلى الجهات الأمنية ذات العلاقة أو وزارة الشئون الاجتماعية ، و أغلب الاستشارات تكون حول المشاكل الزوجية والعنف الأسري و مشاكل التعامل مع الوالدين أو التعامل مع الأبناء ، كما تصل للمركز حالات تناقش قضايا التحرش و الابتزاز و كيفية التعامل مع تلك المواقف كذلك المشاكل التربوية ومشاكل التحصيل العلمي للأبناء.
المراكز الأسرية تشتكي من قلة كوادرها والمتخصصين
وبين المستشار الأسري جمعان الظفيري أن حالات الطلاق المسجلة رسميا وغير المسجلة، وكثرة المشاكل الأسرية في المجتمع وتزايد عددها ونوعها وفق ما تظهره الإحصاءات الرسمية مع ما يقابله من قلة في عدد المتخصصين في الخدمة الاجتماعية أو علم الاجتماع أو علم النفس فضلا عن عدم وجود تخصصات تعنى بالإرشاد الأسري بشكل مباشر إلا ما خرج أخيرا من جامعة الملك فيصل وهو دبلوم الإرشاد الأسري.
وقال الظفيري أنه ليس من الحكمة منع أي ممارس مجتهد حريص يستفاد منه في هذا المجال بشرط توفر الحد الأدنى من مهارات الإرشاد الأسري كحضور بعض الدورات الأساسية في مجال الإرشاد الأسري ونظرياته وتطبيقاته والاهتمام بالتدريب الميداني وتطبيق المعايير المهنية والأخلاقية ومعرفة بعض أساليب العلاج النفسي والاجتماعي، وبهذه الشروط وغيرها يمكن القول بأنه ليس لكل شخص الحق في ممارسة مهنة الإرشاد الأسري، ولكن لابد من نظرة واقعية يراعى فيها ظروف الزمان والمكان ، إذ من الممكن قبول هذا الأمر كمرحلة مؤقتة ولكن كما قلت سابقا بشرطه وبين رئيس قسم الهاتف الاستشاري في مركز التنمية الأسرية وليد الحمود أن نسبة الاتصالات من الإناث تصل إلى 89 بالمائة من مجموع الاتصالات مقابل 11 بالمائة من الرجال، أما في فئة الاستشارات، فقد استحوذت الاستشارات الزوجية على النصيب الأكبر، بنسبة تصل إلى 69.5 بالمائة، مقابل 16 بالمائة للتربوية 8.5 بالمائة للنفسية، ووصل عدد المستشارين والمستشارات الذي عملوا بالمركز إلى 21، منهم 15 مستشارا و6 مستشارات.
أن نسبة الاتصالات من الإناث تصل إلى 89 بالمائة من مجموع الاتصالات مقابل 11 بالمائة من الرجال
مؤكدا حرص اللجنة على رصد ردود الفعل ومدى الاستفادة التي يحققها المستفيدون من خدمات المركز، فقد وضع المركز عدة قنوات للتواصل، يستطيع عبرها المستفيد إبداء ملاحظاته وآرائه عن الخدمة المقدمة لديه، إما مباشرة أو كتابية أو إلكترونية أو عبر تسجيل رسالة صوتية بالهاتف، وقد سجل المركز رسائل عدة من المستفيدين من خدمات الهاتف الاستشاري.
وبينت دراسة للمعايير المهنية لممارسة الإرشاد الأسري في المملكة، أن عدد المتخصصين في الخدمة الاجتماعية وعلم الاجتماع وكذلك علم النفس لم يتجاوز 28مفردة في مراكز ومكاتب الإرشاد والاستشارات الأسرية الحكومية والخيرية، بنسبة قدرها 8.12% للخدمة الاجتماعية، و3.8% لعلم الاجتماع، و19.2% لعلم النفس، وأن هناك شحاً كبيراً في عدد المراكز، بالرغم من المحاولات الكبيرة للنهوض بهذا المجال وإيجاد عدد من المراكز، لكنها لا تزال محدودة العدد. وأوضحت الدراسة التي أعدتها الباحثة جميلة العمري وحصلت من خلالها على درجة الماجستير في جامعة الملك سعود قسم الدراسات الاجتماعية بإشراف الدكتور عبدالعزيز الدخيل، عدم وجود جهة محددة مسؤولة عن حصر هذه المراكز، حيث تبيّن عدم إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية إشرافاً مباشراً على عمل أي من المراكز عينة الدراسة، باستثناء وحدة الإرشاد الاجتماعي التابعة للوزارة نفسها، إلى جانب أن النتائج أوضحت عدم وجود اتساق في آليات العمل في المؤسسات المختلفة، التي يمارس فيها الإرشاد الأسري، وقد تكون تلك المؤسسات تتمتع بأنظمة إدارية جيدة تنظم العمل، وتكفل حقوق العمل وحقوق العاملين، لكنها تفتقر لوجود أنظمة مهنية مقننة وهدفت الدراسة للتعرف على بعض المعايير المهنية والأخلاقية المنظمة لممارسة الإرشاد الأسري، خاصة فيما يتعلق بالقاعدة المعرفية، والمهارات المهنية، والسمات الشخصية، إلى جانب القيم الأخلاقية والتدريب، بهدف الخروج بتصور مقترح لمعايير مهنية لممارسة الإرشاد الأسري في مراكز ومكاتب الإرشاد والاستشارات الأسرية في المملكة، من خلال المعايير المتوافرة في المجتمع السعودي والمعايير المهنية المطبقة عالمياً. وذكرت الدراسة بشكل عام اتجاهاً نحو التزام بالميثاق الأخلاقي، مع وجود حاجة لمزيد من نشر الوعي بأهميته، وأن يكون هناك إلزام لكافة الجهات التي تمارس الإرشاد الأسري بالالتزام بالميثاق الأخلاقي.