الجمعة 20 سبتمبر 2024 / 17-ربيع الأول-1446

«أبدع رغم إعاقتي».. دروسُ الحبّ واللطف



درسي الأول: العلاقات والتواصل
العلاقات والتواصل هما مرآة نفسك كما تحب أن يراك من خلالها الآخرون. وما الذي يجعل الناس ينجذبون لمرآة نفسك يا ترى؟ الإيمانُ بقوة العلاقات وأثرها على الإنسان والناس من حولك، وبقوة الجودة التي تقدمها لهم من العمل والإنجاز ورقي القيمة المعنوية التي تؤثر على المشاعر. هذه هي الأعمدة الثلاثة التي تجعل التواصل قويا، والجسر الذي يربط بين القلوب قبل العقول، فيعطي العقلَ المساحة الرحبة والهانئة كي يحكم ويتأمّل أكثر. كانت أعمال المشاركين من ذوي الإعاقة -ويحب بعض أصحابنا أن يسموهم «أصحاب القدرات الخاصة»- عظيمة بمقاييس العظمة الحقيقية. وربما طرأ لك أن تسألني ما معنى العظمة ببساطة؟ فسأقول لك هي عندما ترى شيئاً يشدّ اعجابك فترفع حاجبيك دهشةً، والحقيقة أنك برفع حاجبيك إنما رفعت السقفَ فوقك. كان تجوال المهتمين في معرض أعمال فعالية «ابدعُ رغم إعاقتي» رفعوا السقفَ بدهشة رفع حواجبهم، حتى طاول سقف مركز «سايتك» بالخبر عنانَ السماء.

درسي الثاني: اللطف
كان الأمير جلوي آل سعود راعي الحفل الختامي الذي وزعت فيه جوائز الأفلام المتسابقة عن ذوي الإعاقة، ولم يكتفِ بحضور الحفل، بل أصر أن يزور المعرض الذي يصاحب فعالية «ابدع رغم إعاقتي» وكنت أظنها ستكون زيارةً بروتوكولية؛ لأن الجميع أصرّ على أن أرتدي البشت لزوم البروتوكول كما قالوا لي، وكان لا بد أن أصدقهم لقلة علمي به ولكثرة علمهم به، وتحت أثر البشت نبت هذا الظنُّ البروتوكولي، الذي حدث في النهاية أن حاجبي الذي رفعته لم ينزل طيلة زيارة الأمير. كان الأمير جلوي حنونا حقيقيا، ولطيفا برقة غير معتادة في «التواصل الرسمي»، كان يصر أن يقف عند كل عارض أو عارضة من ذوي الإعاقة ومن أصحاب الإنجازات الكبيرة، ويستمع لهم للنهاية وإن أشار عليهم أحدٌ بالاختصار رفض وطلب أن يتركوا كل متكلمة ومتكلم حتى يضعوا بأنفسهم النقطة الأخيرة على كل ما يريدون أن يقولوا، ثم ان الأميرَ يشكرهم ويؤكد لهم أنهم ليسوا معاقين، فالمعاقُ الحقيقي هو الذي أعطاه الله القدرة فلا يبذلها. ثم يلبي الأمير كل من يطلب التصوير معه، واجابته عن سؤال كل من يقول «الأمير أريد صورة معك» إجابة واحدة مؤثرة: «يسعدني ذلك»، بل كان الأطفال في القاعة يتراكضون وينادون: «أبي أصور مع الأمير».. وعندما يكبحهم أحدٌ أو أهاليهم يتقدم هو لكل طفل ويقبّله ويصور معه في موقف باسمٍ حنون. يبدو واضحا أنها طبيعة الأمير، وساهم في اشراقاتها هذه المرآة التي ذكرناها في درسي الأول التي جعلنا ذوو الإعاقة نراهم من خلالها، فشاع اللطفُ والمحبة والإعجاب، وداروا مع الهواء في المكان. وكان صديقي القريب لدوائر السلطة وعضو الشورى د «نواف الفغم» حضر الفعالية من الرياض من أجلهم، إن لم يكن هذا لطفا زرعه في قلبه هؤلاء البطلات والأبطال.. فماذا تسمونه إذن؟.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم