لقد وجدت طبيعة الفضول في نفوس الأطفال منذ صغرهم فهذا أمر طبيعي، تجدهم يحاولون تحدي القوانين واكتشاف كلّ جديد، وعلى الآباء والأمهات أن يكونوا صبورين ومرنين في تربية الأطفال والتعامل معهم ومحاولة ضبطهم.
الحدود تصنع الانضباط الضروري في كلّ بيت، إذ إن الهدف من الانضباط هو مساعدة الأطفال على اختيار السلوكيات المقبولة وتعلم ضبط النفس، لينمو كيانهم بطريقة صحية وليصبحوا بالغين مسؤولين، لذلك إن وضع قواعد لتربية الطفل واضحة في المنزل يساعد الأطفال على فهم توقعات الأهل وتطوير ضبط النفس.
تربية الطفل: تعريف الحدود في العلاقة بين الأطفال والآباء
تعرف الحدود في العلاقة بين الأطفال والآباء في تربية الطفل هي الخط الذي يرسمه الوالدان بينهما وبين طفلهما أو أطفالهما في العائلة، ويحددان من خلاله صلاحيات وحدود كلّ من الطرفين المبنية على الاتصال والتواصل الواضح.
قد تكون الحدود التي يضعها الوالدان في تربية الطفل لينة مفككة، أو متزمتة وغير مرنة، وفي الحالتين فالعلاقة التي أنشأها الوالدان غير صحية ففي حال كانت هذه الحدود:
– رخوة جداً، ستنتقل السلطة إلى يد الأطفال فتنقلب الأدوار ليتحكموا بالمنزل وتعم الفوضى في العائلة.
– متزمتة جداً وغير مرنة، فستبقى القوى الكاملة والتحكم في يدي الوالدين ولكن في هذه الحالة فإن الحزم الشديد يولّد حالة من الضغط وانعدام التواصل بين الطرفين الوالدين والطفل، وبالتالي يلجأ الطفل إلى التمرد والعصيان والتصرفات العدوانية المتولدة من الكتمان.
الحدود داخل العائلة معقدة ومتغيرة باستمرار، نحن لا نريد حدوداً مفككة ولا حدوداً غير مرنة، وإنّما نسعى إلى الوسطية في إنشاء العلاقة الصحية بين الطفل ووالديه، والتي تسمح بالتواصل الفعّال والمناسب وتشارك القوى بين كلا الطرفين.
تربية الطفل: كيف تنشئ حدوداً صحية مع أطفالك؟
إليك مجموعة من القواعد الهامة التي تساعد في إنشاء الحدود في العلاقة بينك وبين أطفالك خلال تربية الطفل في ما يأتي:
1- ارسم حدودك وقيم عائلتك وقواعد منزلك
إنّ الخطوة الأولى هي أن يكون الوالدان واضحين مع أنفسهما بما يتعلق مع قيم وقواعد العائلة خلال تربية الطفل، فيجب أن يكونا واضحين في رسم حدود العائلة، ويبدأ هذا من خلال معرفة أنفسهما وما هو النموذج الذي يقدمانه للطفل من خلال تصرفاتهما، وهنا سوف يظهر سؤالان يحتاجان لإجابة:
ما هي أهم الأشياء في الحياة؟
ما هي قيم عائلتك وما هي قواعد منزلك؟
كن واضحاً مع طفلك وضع أوامر واضحة، مثل:
منع الضرب أو الركل أو مناداة الأبوين بأسمائهم.
أوقات النوم الواضحة.
التصرف الصحيح أثناء الغداء ووجبات الطعام.
ترتيب الغرف.
الوقت المسموح لمشاهدة التلفاز أو ألعاب الفيديو.
من المهم بالنسبة لطفلك أن يعلم من أنت وبماذا تؤمن، وذلك يعني أن توصل مبادئك الشخصية إلى طفلك وتلتزم بها أمامه، إذ يتبع الأطفال ويقلدون ما يشاهدونه من آبائهم، الأمر الذي يترك أثرًا أكثر من مجرد الكلام فقط لذلك كن مثالًا جيدًا لأبنائك.
2- أخبر طفلك ماذا تتوقع منه
يمكنك دائماً وضع قائمة بالقيم التي تهمك والتي تتوقع من طفلك أن يحترمها مثلاً إذا كانت أحد هذه المبادئ هي الاحترام أعلم طفلك بذلك، فإن استمر طفلك بمعاملتك بعدم تهذيب ومناداتك باسمك أعلمه بالعواقب التي سيتعرض لها في حال استمر بهذا التصرف.
اجعله يرى أنك تحترم شخصك وبالتالي هو سيحترمك أيضًا وبهذه الطريقة أنت لا تفرض عليه أن يحترمك بالقوة بل تترك له حرية الاختيار ولكنه سيكون مسؤولًا عن نتيجة قراره وسيحاسب عنه.
عندما تضع حدوداً معينة عليك أن تنحني إلى مستوى طفلك، لتنظر إليه في عينيه وتقول له ببساطة وهدوء ماذا تتوقع منه، بهذه الطريقة أنت واضح تمامًا في رسالتك ليستقبلها طفلك.
على سبيل المثال، قبل الدخول إلى المتجر اشرح لطفلك أنك ستدخل المتجر لشراء “الساندويتش” لأنك جائع ولن تشتري الحلوى وإذا أحسن التصرف في المتجر ستكافئه بنزهة في الحديقة، وكن حازمًا ولا تشتري له الحلوى حتى وإن أصر على ذلك وقل “لا” بهدوء وحاول تغيير الموضوع في كلّ مرة.
3- دع طفلك يختبر عواقب تعدي الحدود من خلال العقاب
اجعلوا أطفالكم يجربون أثر خرق القوانين والتعدي عليها. إن كنت قد خرقت القانون بدورك اعترف بذلك واعتذر لهم وتحمل عواقب فعلتك كوالد واجعل طفلك يفعل المثل فإذا تعدى على القوانين اجعله يعترف بخطئه وحاسبه على فعلته بتحمل العواقب.
تختلف أساليب العقاب خلال تربية الطفل من عائلة إلى أخرى فمنهم من يتبعون أسلوب التحذير أو “المهلة” وزاوية المشاغبين أو فقدان الامتيازات.
على سبيل المثال، لنفرض أنك وعدت طفلك بأن تصطحبه إلى السينما عندما ينتهي من تأدية واجباته المدرسية ولكنه اختار أن يلعب بألعاب الفيديو بدلًا عن أداء واجباته، في هذه الحالة يجب عليك أن تختار عدم اصطحابه إلى السينما كعقاب على فعلته حينها سيشعر الطفل بعواقب تصرفاته وسيدرك أنك جدي في كلامك وتعني ما تقول وعندها سيحترم الاتفاق الذي بينكما ويلتزم به.
أحد الأخطاء الشائعة التي يقوم بها الآباء خلال تربية الطفل هي عدم متابعة الطفل ومحاسبته إن أخطأ مراراً، لا يمكنك تأديب الأطفال بالتحدث إليهم مرة واحدة وتجاهل ذلك في اليوم التالي لذا كن ثابتًا على مبدئك حتى يتعلم الطفل منك.
4- كافئ طفلك
اجعلوا أطفالكم يجربون متعة الالتزام بالقوانين أيضاً. إن تحقيق الانضباط لا ينطبق على تطبيق العقاب فقط بل إن الطريقة المثلى للوصول إلى قلب الطفل هي عن طريق ملاحظة تصرفاته الجيدة والإشادة بها.
على سبيل المثال، قل لطفلك: “أنا فخور بك لأنك شاركت ألعابك مع أصدقائك” هذه العبارات محفزة للطفل لأداء واجباته، لذا:
كن كريماً في تحفيز طفلك خلال مراحل تربية الطفل، “لقد رتبت سريرك من دون حتى أن أطلب منك، إنك شخص رائع” هذه العبارات تكون فعالة أكثر من فكرة العقاب نفسها.
اصنع طريقك إلى قلبه بمدحه على تصرفاته الجيدة كلّ يوم.
5- فسر طلباتك للأطفال
لا تتوقع من أطفالك أن يلتزموا بالنظام فقط لأنك والدهم بل يحتاجون ويستحقون تفسيراً مثلهم مثل البالغين.
إذا لم تفسر سبب طلبك سوف يشك الأطفال بالقيم والمبادئ التي تحثهم عليها وتعتمدها، فالآباء الذين يتبعون أسلوب الشرح مع أطفالهم يعمقون الفكر لديهم ويجعلهم مقتنعين بأهمية هذه القوانين، لذا:
فليكن تفسيرك واضحاً وإذا كانت هنالك مشكلة اشرحها، عبر عن مشاعرك وادعوا أطفالك للمشاركة في البحث عن حل لهذه المشكلة.
كن واضحاً في عرض العواقب أمام أطفالك أيضًا، وقدم بعض المقترحات والخيارات، وكن منفتحاً لاقتراحاتهم كذلك.
كن قابلاً للمفاوضة واستمع لهم، فالأطفال الذين يساهمون في اتخاذ القرارات المشتركة يتحفزون للالتزام بهذه القرارات.