دراسة مثيرة تؤكد توتر العلاقات الزوجية بسبب كأس العالم
ستكون الفترة القادمة فترة حاسمة بالنسبة إلى الرجال إذ تحتل مباريات كأس العالم جزءاً كبيراً من حياة الأزواج، وتطل علينا في البيوت بكل ما تحمله من نشرات إخبارية وبرامج رياضية حول هذه المناسبة العالمية، وأصبح التعرض لها ظاهرة ملحوظة في مجتمعاتنا العربية وصلت في أحيان كثيرة إلي جوانب مرضية تؤثر في حياة الفرد وعلاقاته الاجتماعية، ويذهب بعض علماء التربية والاجتماع إلى أنها أدت لتفسخ العلاقات الاجتماعية، وأدت إلى تدهور الروابط الأسرية والانعزال الاجتماعي، فالجميع يظل ماكثاً فترات طويلة أمام ما يشاهده على الشاشة متناسياً أي نشاط اجتماعي آخر له علاقة بالأسرة .
تؤثر هذه المباريات في تفاعل الزوجين واهتمامها بشكل كبير، وأدت إلى تدهور الروابط الأسرية والانعزال الاجتماعي، فالجميع يظل ماكثاً فترات طويلة أمام ما يشاهده على الشاشة متناسياً أي نشاط اجتماعي آخر له علاقة بالأسرة .
هذه التأثيرات التي ترافق أكبر تظاهرة عالمية تشهدها الكرة الأرضية أخذت ظلالاً واسعة من الاهتمامات والآراء في الآونة الأخيرة، لما لها من تداعيات كبيرة على الكثير من الأسر في المجتمعات الحديثة، حتى إن المراكز والهيئات والجامعات أخذت تتابع تلك الظواهر وإجراء الدراسات حول هذا الموضوع، لعل من بينها دراسة ميدانية أجراها الأستاذ خليفة محمد المحرزي رئيس المجلس الاستشاري الأسري تبين أن 47% من الأسر، معرضة لمخاطر المشاجرات والخلافات الزوجية، أثناء مونديال كأس العالم، كما تشير نفس الدراسة إلى أن احتمالات ارتفاع معدلات الطلاق بين الأزواج تظل قائمة بنسبة مرتفعة عن غيرها من الأيام الأخرى بسبب التوتر الناجم عن نتائج المباريات، صحيح أن مدة البطولة لا تزيد على فترة شهر من انطلاقها لكنها تؤدي إلى كارثة زوجية عارمة، لأن الاهتمام بالمباريات ستملأ حياة الكثير من الأزواج وسوف تستحوذ على جل أوقاتهم ومناقشاتهم وأحاديثهم اليومية، ثم يعود الزوج إلى رشده وبيته وهدوئه المعتاد، فالانكباب على مشاهدة مباريات الكرة وما يصاحبها من حماسة التشجيع والفوز والخسارة تزيد من نسبة المشاجرات الأسرية في الكثير من الأسر، فهذه الرياضة التي يفضلها الرجال، تسبب غيرة الزوجات اللواتي لا يعرن لهذه الرياضية الكثير من الاهتمام بعكس الرجال الذين يكرسون جل أوقاتهم للجلوس أمام التلفاز والتنقل عبر القنوات المختلفة لمتابعة المباريات والتغطيات الصحافية والتحليلات الرياضية، وهذه الظاهرة التي تتكرر كل 4 سنوات لا تنحصر في المنطقة العربية فحسب وإنما تهدد أكثر من 350 مليون أسرة في العالم أجمع، فالمؤشرات الإعلامية للقنوات الفضائية توضح أن هنالك أكثر من 3 مليارات مشاهد تلفزيوني على الأقل لهذا التظاهرة العالمية من خلال القنوات وشاشات التلفاز خلال 33 يوما من المباريات، ومنهم مليار شخص متزوج، والإحصائيات السابقة تؤكد أن 33% منهم قد تعرضوا للخلافات والمشكلات أثناء المونديال السابق، فمعنى هذا أن 350 مليون أسرة سوف تعيش في دائرة من القلق والتوتر أثناء تلك الفترة، كما تؤكد الدراسات والأبحاث التي قام بها العديد من الباحثين والمختصين في المجال الأسري والخبراء في العلاقات الزوجية كجامعة اكسفورد البريطانية وجامعة هارفارد وبعض الجامعات المصرية .
ففي دراسة لجامعة اكسفورد على عينة مكونة من 1000 زوج وزوجة تبين أن 18% من حالات الطلاق على مستوى العالم إبان مباريات كأس العالم التي أجريت في ألمانيا في عام 2006م كانت بسبب الكرة، والتي شاهدها أكثر 843،785،3 مشاهد، حدثت 23% من حالات الطلاق في العالم أجمع بسبب المونديال، كان نصيب الدول العربية منها 3% .
كما نشرت جريدة الجاردين دراسة مثيرة على عينة مكونة من 1500 زوج وزوجة، تبين أن موسم المباريات تسبب في نشوء أزمة حادة بين الأزواج .
ويؤكد الموجه الأسري خليفة المحرزي أن مباريات كأس العالم التي سوف تجرى بجنوب إفريقيا تحمل الكثير من البهجة والمتعة والترفيه لشريحة كبيرة من الأزواج والشباب، لكنها في نفس الوقت قد تؤدي إلى نشوب حرب الخلافات والمشاكل داخل البيوت لما لها من تأثيرات سلبية في نفسية كلا الزوجين، فالوضع الراهن في الساحة الخليجية لا يتحمل المزيد من الأسباب المؤدية للطلاق .
بحسب معطيات البحث الذي أجراه رئيس المجلس الاستشاري الاسري يستدل انه أثناء الدورة السابقة لكأس العالم وفي الشهرين اللذين تليا كأس العالم سُجل ارتفاع بنسبة 23% في عدد الحالات اللواتي يتوجهن إلى المكتب الاستشاري بطلب البدء بإجراءات الانفصال، فالدراسة التي قام بها، نتيجة بحث ميداني أجراه على 300 زوج وزوجة، تؤكد أن 84% من الأزواج يتابعون مباريات كأس العالم بشيء من الاهتمام، كما أقر 67% من الزوجات بتخوفهن من الحالات المزاجية والعصبية التي تنتاب الرجال أثناء مشاهدتهم المباريات، وأن 11% منهن يؤكدن وقوع مشادات كلامية مع الطرف الآخر يتبادل خلالها الطرفان الكلمات النابية والجارحة، في حين أجابت 12% من الزوجات أن المباريات لا تشكل خطرا على حياتهن الزوجية، وحول السؤال الذي يدور حول متابعة الزوجة المباراة مع الزوج، أكدت 70% من الزوجات أنهن ليس لديهن الاهتمام بمتابعة المباريات مع أزواجهن في حين أجابت 20،5% من الزوجات أنهن يتابعن المباريات إلى جانب أزواجهن .
تقول إحدى الزوجات المطلقات (أم محمد، 32 سنة) أنها لم تتصور أن ينقلب زوجها إلى وحش كاسر بسبب مباريات كأس العالم، فقد جعلني الشماعة التي ينفس فيها عن غضبه من خسارة المنتخب الذي يشجعه، فكان يتعمدني بالشتم والإهانة إذا خسر الفريق حتى أخذ يخاصمني عدة أيام من دون سبب ما ويعتبرني السبب في خسارة الفريق، وكانت صدمتي كبيرة وأنا أسمعه وهو يتحدى زميله ويراهن على طلاقي في حال خسر الفريق للمباراة، فلم يكن بإمكاني الاستمرار ساعة واحدة مع زوج بهذا النوع الذي لا يحترم أهله ويساوم عليهم من أجل كرة القدم، ولم يكن أمامي خيار سوى الذهاب لبيت أهلي وطلب ورقة الطلاق منه .
وتقول أم حمد منذ أن اشترك في خدمة استقبال مباريات كأس العالم الماضية، وزوجي كل ما يفعله بعد عودته للمنزل من العمل أن يجلس بالساعات أمام التليفزيون لمتابعة مباريات كرة القدم، المهم أن يجلس يشاهدها، وأصبح هذا هو ما يشغل وقته الذي يمضيه في المنزل، فلم يعد يهتم بالحديث معي بشكل متوازن، بل قل هذا الحديث بدرجة كبيرة، بل ربما يؤجل تأجيل المناقشة في موضوع مهم لحين الانتهاء من مشاهدة المباراة، مما يصيبني بالضيق .
والموقف الأغرب ما جرى مع إحدى الزوجات (أم حمد، 28 سنة) عندما طلقها زوجها لأنها فصلت التيار الكهربائي بطريق الخطأ عندما كانت تكوى الثياب في منزلها، والزوج جالس مع أصدقائه يشاهدون إحدى مباريات كأس العالم الماضية والتي جرت بفرنسا، فما أن غادر زملاؤه المنزل للمقهى متذمرين، حتى جاءني ورمى عليَّ يمين الطلاق بمنتهى السهولة ظناً منه أني فعلت هذا بقصد نية وإصرار لطردهم من المنزل .
يقول أبوعبدالله (39 سنة) مع بداية كأس العالم تبدأ المواجهات مع زوجتي، فهي تصر وبشكل متعمد على تغيير المحطة التي تذيع المباراة لتتابع إحدى البرامج التي لم تكن تتابعها من الأصل، ولا يهم إن كان فلماً أو أي شيء آخر، المهم أن تغير المحطة، بهدف القضاء على استمتاعي بمشاهدة المباريات .
أفضل الطرق لتقليل المشكلات
ويطرح الأستاذ خليفة المحرزي عدة وسائل وخطوات يمكن لكل زوجة وزوج العمل بها للتقليل من نسبة تصاعد الخلافات أثناء انطلاق المونديال ولفترة شهر فقط، لضمان الهدوء والاستقرار الزوجي وعدم التعرض لهذه الظاهرة العالمية .
1- يجب على الزوج الاستعداد والتهيئة النفسية لتوزيع جدول أوقاته اليومية على البيت والزوجة والمباريات، حتى يضمن الإشباع الحقيقي لمتابعة تلك الهواية فكما قال النبي الكريم (ساعة وساعة) .
2- الخروج مع الزوجة والأبناء إلى إحدى الأماكن الترفيهية أو دعوتهم لإحدى المطاعم يوما في الأسبوع مقابل كل ليلة يقضيها الزوج أمام التلفاز لمتابعة مباراة ما .
3- الاتفاق مع شريكة الحياة على عدم الاقتراب منه أو الخوض في حديث يتعلق بالمنزل أو مشاكل الأبناء عند انطلاق المباراة أو خلالها، حتى ينتهي موعد المباراة .
4- لا تظهري أي تذمر خلال الإعادة التلفزيونية للأهداف لما تمثله من أهمية لزوجك، حتى وإن شاهد الهدف أكثر من 100 مرة .
5- على الزوجة أن تستغل فترة انشغال الزوج بمتابعة المباراة في خلق نشاط ما، أو متابعة هواية معينة مما يعتبر ذلك تعويضا مناسبا لقضاء حاجة معينة أثناء انشغال الزوج .
6- تعهد الزوجة بتسجيل المباراة على شريط كاسيت خالٍ في حال تعرض المنزل أو أحد الأبناء لموقف يستوجب تدخل سريع للمعالجة من قبل الزوج .
7- تعهد الزوج بعدم تفريغ الشحنات الانفعالية وعدم ممارسة الضجر وضيق النفس التي قد تتولد بعد المباراة، في المنزل أو أمام زوجته لفترة من الوقت .
8- على الزوجة توفير بعض المكسرات والعصائر وبعض الوجبات الخفيفة للزوج قبل انطلاق المباراة، وتوفير جو من الهدوء والسكينة في المنزل وخاصة مع إزعاج الأبناء، فهي من أفضل الوسائل التي تحافظ على أعصابه وتحريك عضلات جسده لتخفيف الضغط عليه .
9- عدم الضغط على الزوج ذهنيا ونفسيا عندما تبدأ المباراة بل على الزوجة توفير الجو المناسب للزوج وعدم المطالبة بالاحتياجات، وجره إلى الأسواق والمتاجر .
10- في حال متابعة الزوجة للمباريات مع الزوج، فعليها عدم توجيه اللوم والتنكيد عليه أو معايرته في حال خسارة فريقه وفوز فريقها .
11- في حال تعرض فريق الزوج للخسارة، حذار من أن تقولي له: إنها مجرد لعبة . أو لا عليك . أو سيفوزون في المرة المقبلة . لأن هذا يزيد من غضبه ويقلل من حبه إليك .
12- على الزوجة أن تحترم هذا الشعور الذي ينتاب الزوج، وتستوعب هذه الحالة الانفعالية ولا تحاول أن تفتح موضوع المباراة حتى لا يفهمها الزوج بطريقة لا تقصده هي، كما يجب عليها أن تقدره وتحترم هوايته ولا تحتقر تلك المباريات أن تقلل من شأنها .
13- على الزوج أن يستوعب أن النفس البشرية عرضة للمواقف السلبية والانفعالية، فعليه أن ينتبه لنفسه ولا يتورط في مشاعره مع زوجته، ولا يشركها في غمرة ذلك الغضب .
14- عدم الاستمرار في مناقشة موضوع ما عندما تبدأ ظواهر الانفعال على الزوج، وإرجاء المناقشة في وقت لا حق .
15- على الزوج أن يبتعد عن جو المباراة قليلا ويشغل نفسه بنشاط آخر ليس له علاقة بالمباراة .
16- يجب أن يفصل الزوج بين الواقع الذي هو فيه وبين واقع المباراة الحماسية، ويستوعب أن المباراة في النهاية تهدف إلى روح المنافسة والتحدى والخروج بأي الاحتمالين: الفوز أو الخسارة ولا ينظر إليها من جانب التطرف والعصبية .
المصدر : موقع المستشار خليفة المحرزي .
17- الزوج الذي لا يتحكم في أعصابه لا ننصحه بمتابعة المباراة في المنزل بل يذهب لأحد الأصدقاء رحمة بزوجته وأبنائه