بقلم أ. فهد الخالدي
تتوالى القرارات التي تصدرها الدول في الشرق والغرب بما فيها الدول المتقدمة والتي تلغي أو تخفف القيود التي فرضتها احترازيا في مواجهة جائحة كوفيد 19 وما تلاه من متحولات وبائية أخرى ليس آخرها أوميكرون الذي يجتاح العالم اليوم، وتتراوح هذه القرارات بين الإلغاء الكامل لهذه الإجراءات أو التخفيف منها بما يشمل الاشتراطات للسفر بين الدول والعودة إلى التعليم الوجاهي في جميع مراحل التعليم بعد أكثر من عامين من التعليم عن بعد ومدة الحجر للمصابين ومدة انقطاع الطلاب والموظفين المصابين عن الدوام في مدارسهم وفي أماكن عملهم مع الإبقاء على شرط التطعيم وارتداء الكمامة كحد أدنى، والاعتقاد السائد بأن الدول التي لم تتخذ مثل هذه القرارات هي في طريقها لاتخاذها لأسباب عدة أهمها ما يسمى مناعة القطيع نتيجة تطعيم نسبة مئوية كبيرة من المواطنين ضد الوباء وكذلك إصابة غالبية الناس بهذا الفيروس مما يجعلهم أقل تأثرا حتى في حال الإصابة به مرة أخرى بحيث لا يشكلون عبئا على المستشفيات لعدم حاجتهم لما كان يحتاج إليه المصابون من إجراءات أهمها دخول المستشفيات والحاجة لأجهزة التنفس الصناعي التي كان من الصعب تأمين الأعداد الكافية منها. والمتمعن في هذه القرارات ومسبباتها يجد الأمر طبيعيا ومتماشيا مع الواقع وأنه كان لا بد من اتخاذها في مرحلة من المراحل لأنه ليس من الممكن أن يستمر العمل بالإجراءات التي تم اتخاذها إلى ما لا نهاية لكن ما يخشى منه أن يظن البعض أن بدء إلغاء الإجراءات الاحترازية يعني انتهاء الجائحة وهو ما يدفعهم للتساهل إلى حد التفريط في الإجراءات الوقائية والعودة إلى الحياة الطبيعية مما يشكل خطرا على الناس قد يؤدي إلى العودة إلى تسجيل أعداد كبيرة من الإصابات بل وربما الإصابة بمتحولات أخرى من الفيروس كثر الحديث عنها هذه الأيام والقول إنها قد تكون أكثر فتكا مما سبقها. ومع ملاحظة تأني حكومة بلادنا في اتخاذ مثل هذه القرارات والذي يأتي استمرارا لصواب القرارات التي واجهت بها هذه الجائحة من بدايتها حتى الآن والتي أدت بعون الله وتوفيقه إلى الحد من آثارها فإن ما يجب التأكيد عليه أن كل ما اتخذ من إجراءات تخفيفية وما قد يتخذ مستقبلا محليا وعالميا لا يعني أبدا انتهاء الجائحة وإنما هو محاولة للاستفادة من الجهود التي أدت إلى مستويات أقل من الخطر، وأن الدافع إليها في معظم الأحوال هو تخفيف الآثار الاقتصادية التي عصفت بكثير من الدول وأدت إلى آثار سلبية على الحياة الاقتصادية للناس قد تكون في بعض الأحوال أكثر إيلاما من آثار الجائحة نفسها، وأن القرارات التي اتخذت أو قد تتخذ مع أنها ترتكز على معطيات صحية ومن جهات تتابع الوباء وآثاره ومستجداته إنما هي محاولة للتوازن بين الآثار الوبائية والآثار الاقتصادية للجائحة على المجتمعات والأفراد.. ويبقى أن وعي المواطن وإدراكه لأهمية التقيد بما تتخذه الدولة من قرارات هو بعد إرادة الله ما سوف يؤدي إلى حماية الأنفس من أية مفاجآت قد تحصل في مستجدات المرض وتحولاته، ويمكننا المراهنة على وعي هذا المواطن يدفعنا إلى ذلك الثقة السائدة عند المواطن بمصادر القرار والتي اعتدنا أن تتحرى في جميع الأحوال مصلحة الوطن والمواطن وتتجنب أية آثار سلبية عليهما أيا كان نوعها ومصدرها -بإذن الله-.