سبعة أعوام*
بقلم/ د.خالد بن سعود الحليبي
سبعة أعوام من الخير الثرِّ مرت مرَّ السحابة لا ريث ولا عجل.. كلُّ عام فيها يغاث فيه الناس وفيه يعصرون، بل كلُّ يوم فيها يُفرَّج عن مستشير مكروب، ويُصلح بين اثنين متخاصمين، ويقف معلمو الخير في الجوامع والجامعات، وفي المدارس والسجون، وفي قاعات الأفراح والأسواق، ليبثوا نور الوِفاق الأسري، والأمنَ النفسي بين الأرحام، بأرقى أنواع التدريب والمحاضرة والكلمة الطيبة والمطوية المؤثرة، والبرنامج الإذاعي أو التلفازي.
ونقف اليوم على ناصية العام الثامن، وقد تم تأهيل مئات المستشارين والمصلحين والمدربين في مجال الأسرة ليس على مستوى الأحساء فقط، بل على مستوى المملكة العربية السعودية، وقد مُدَّتْ الجسور مع شركاء نلنا شرف شراكتهم؛ من وزارات الشؤون الإسلامية والاجتماعية والصحية، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ومؤسسات داعمة كانت لنا خير معين في الدعم المادي ورفع مستوى التخطيط للبرامج، ودوائر حكومية مدنية وعسكرية، وجامعات وإدارات التعليم العام، كانت ميدانا لنشاطات المركز، تحقيقا للشراكة المجتمعية، وشرع في التخطيط لبناء المقر الدائم للمركز ومعاهده، لتزداد فرص العطاء للوطن الذي أعطانا كثيرا كثيرا، لنهدي إليه ثمرة يانعة، تتمثل في: جمع الصفوف، وتآلف القلوب، والمواطنة الصالحة، التي تعرف حق دينها وولاتها، ووطنها العزيز عليها، في منهجٍ وسطيٍ قائمٍ على الوحيين.
كلما تقدم المركز خطوة كلما شعر فريق العمل بالمسؤولية أكثر، فالعالم يتسارع من حولنا، والتقنية بقدر ما تخدمنا تنتج لنا مشكلات أسرية جديدة، وليس لنا إلا أن نكون أسرع منها، أو سُنهزم أمامها.
العمل الأسري أمانة عرفنا ثقلَها، كما عرفنا مدى الحاجة إلى الاستمرار في مكابدتها، والشرف في الإصرار على حملها، مستعينين بخالقنا ومعيننا عزَّ وجل.
لقد انطلقت أضواء فكرة المركز من الأحساء إلى كل محافظات المنطقة الشرقية، وإلى مدن كثيرة في المملكة العربية السعودية، بتشجيع مباشر من أولياء أمورنا ورعايتهم ودعمهم المباشر، أيدهم الله بالحق، وزادهم تمسكا به وعملا به، ومتابعة دقيقة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية، وسمو نائبه الأمير جلوي بن عبد العزيز بن مساعد، وسمو محافظنا الكريم الأمير بدر بن محمد بن جلوي رعاهم الله جميعا وحفظهم ذخرا لهذا الوطن الغالي، وبدعم كبير من وزارة الشؤون الاجتماعية، والجهات المانحة ورجال الأعمال والبر، الذين استودعوا المركز ثقتهم الكبيرة، راجين الله تعالى أن يجعلنا أهلا لها، وأن يحقق على أيدينا ما يحب ويرضى، وأن يرزقنا شكر نعمائه.
لقد وضع المركز إستراتيجيته الخمسية منذ مطلع 1431هـ، ولم تمض سنتان إلا وقد حقق الله تعالى أكثر من ثلثيها فله الحمد والفضل والمنة، وتطلُّعنا الآن هو أن نرى مجتمعنا في محافظة الأحساء وفي كل منطقة ومحافظة وقرية وهجرة ومركز في بلادنا المترامية الأطراف قد تشرب الثقافة الأسرية التي تجعله يتقي غوائل التفكك الأسري، والانحراف العاطفي، والجريمة الخلقية، ويبني أسرا قائمة على الحب والعدل والإسهام في أمن المجتمع وتقدمه في مجالات الحياة المختلفة. فيقيننا أن الأمن الأسري بوابة الأمن الوطني، كما أنه إرساء لدعائم الاستقرار الاجتماعي والنفسي، التي يحفظ بها الله تعالى كثيرًا من المقدرات المالية والبشرية، التي يصرفها كثير من الناس في تكوين أسرهم؛ حتى لا تضيع سدى بسبب نقص الوعي بالحقوق، أو السقوط في خنادق الاستشارات غير المأمونة.
ويسرنا أن نقدم اليوم لمجتمع الأحساء بل إلى بلادنا الغالية في كل مكان عددا من المشروعات التنموية الأسرية الكبرى، وفقنا الله جميعا لكل خير وبر امن ورفاهية.
—————–
*ألقيت في حفل المنتدى الأسري الرابع في جامعة الملك فيصل، بحضور صاحب السمو الأمير بدر بن محمد بن جلوي آل سعود محافظ الأحساء يوم الأحد 23/1/1433هـ