يتعرض البشر يوميًا إلى ضغوطات تنتج عن عالم متسارع الأحداث بلا توقف، ما يستدعي معرفة أعراض الضغط النفسي، الذي يؤثر بمرور الوقت على الجسم والنفس والسلوك، ويحتاج للتقويم دون تأجيل.
الضغط النفسي
تعد الضغوط النفسية الشديدة أشبه بالمرض الذي يضعف ضحيته يومًا بعد الآخر، حيث تختلف أسباب الضغوط النفسية لكن نتائجها تبدو متشابهة إلى حد كبير ومتمثلة في القلق والتوتر في أفضل الحالات، وخاصة إن بدا الإنسان عاجزا عن التعامل مع أزمته في أسرع وقت ممكن، وقبل أن تتفاقم.
يفرق خبراء علم النفس بين الضغوط اليومية التي يتعرض لها الجميع، سواء في العمل أو بالشارع أو في المنزل، والتي أحيانًا ما تكون مفيدة للإنسان حينما تدفعه لبذل المزيد من الجهد لتجاوزها، وبين ضغوط أخرى مزمنة ومؤثرة بقوة على حال الإنسان، لتبرز من خلالها أعراض الضغط النفسي.
تتعدد إذن أعراض الضغط النفسي التي لا تكتفي بإرهاق الإنسان على الصعيد النفسي أو الذهني فقط كما يظن الكثيرون، بل كذلك تؤثر على حالته العضوية وبالطبع على سلوكياته اليومية، كما نوضح في السطور التالية.
أعراض الضغط النفسي الجسدية
الصداع أحد أعراض الضغط النفسي
الصداع أحد أعراض الضغط النفسي
تبدو أعراض الضغط النفسي الجسدية أو العضوية مربكة للكثيرين، حيث يعتقد البعض أنها إشارة لمرض عضوي، دون التفكير في احتمالية ارتباطها بمشاعر التوتر المسيطرة على الذهن، فيما تتمثل في:
الآلام الجسدية
سواء كانت تلك الآلام في الرأس على هيئة صداع مزعج، أو كانت بالعضلات أو حتى بالصدر، فإنها قد تكشف عن تأثير الضغوط النفسية الكامنة، حيث تنتج عن توتر النفس المؤدي لتوتر عضلات الجسم، ليبرز أحد أعراض الإجهاد النفسي بوضوح.
مشكلات الهضم
لا تعد عملية الهضم في منأى عن تأثير الضغوط النفسية، حيث يؤثر إجهاد النفس على سرعة مرور الطعام داخل الجسم، وعلى مدى قدرة الإنسان على امتصاص العناصر الغذائية المفيدة، لتظهر تلك المشكلات في صورة إمساك أو إسهال أو شعور بالغثيان أو قيء.
الأزمات الجنسية
من الوارد أن تعبر التغيرات الواضحة في الرغبات الجنسية، عن واحدة من أبرز أعراض الضغوط النفسية، حيث تتراجع بوضوح لدى الرجل والمرأة، فيما تؤدي لمشكلات متعلقة بإنتاج الحيوانات المنوية لدى الرجال، وتتسبب في مرور النساء بفترات حيض مؤلمة وغير منتظمة.
الأمراض القلبية
يدفع الضغط النفسي الغدد الكظرية إلى إفراز كميات كبيرة من الأدرينالين وكذلك من الكورتيزول المعروف أيضًا باسم هرمون التوتر، حينها تصبح الاستجابة الطبيعية للجسم ممثلة في سرعة شديدة بمعدل نبضات القلب، وارتفاع ملحوظ في ضغط الدم، وهي أمور تصبح خطيرة أحيانًا، وتحديدًا حينما تتسبب في الإصابة بالنوبات أو الأزمات القلبية.
اضطرابات النوم
إن كانت أسباب إصابة الإنسان بالأرق متنوعة، فإن المعاناة من الإجهاد النفسي تعتبر أحد أبرز عوامل المعاناة من تلك الأزمة، والتي تزيد من صعوبات النوم، لتتحول فترات الليل التي كان يفترض بها أن تكون للراحة وشحذ الهمة لليوم التالي، إلى فترات عذاب نفسي تستحق الانتباه.
أعراض الضغط النفسي الذهنية
يفترض بـ الحالة النفسية للإنسان أن تكون أول ما يتأثر سلبًا بالضغوط بمختلف درجاتها، حيث يعاني المرء حينها من أعراض الإجهاد النفسي على العقل كما نوضح.
القلق والتوتر
هي العلامة الأشهر من بين أعراضه على الذهن، حيث تؤدي الضغوط إلى سيطرة مشاعر القلق والتوتر على الإنسان دون شك، وسواء كانت ضغوطا عادية مؤثرة على مدار فترات قصيرة، أو بدت مزمنة وبالتالي مؤثرة على مدار فترات طويلة.
التفكير المفرط
يرتبط الإجهاد النفسي دومًا بالتفكير المرضي الذي يسيطر على عقل الإنسان رغمًا عنه، فيما يتلخص في أفكار متسارعة تكاد لا تتوقف، لتمنع ضحية الضغوط من فرصة الحصول على استراحة قصيرة وسط زحام الأحداث.
ضعف الذاكرة
بينما يظن الكثيرون أن صعوبة تذكر الأحداث، ترتبط دومًا بالتقدم في العمر وبمرور السنوات تلو الأخرى، فإن الضغوط النفسية في واقع الأمر من شأنها أن تتكفل بإضعاف ذاكرة الإنسان، والذي يعاني من التشتت ليصبح النسيان هو رفيق دربه شديد الإزعاج.
فقدان الحماس
على الرغم من أن هناك بعض أنواع الضغوط النفسية إيجابية التأثير، والتي تدفع الإنسان لبذل الجهد خوفًا من الفشل، كأن تحفز الطالب على المذاكرة أملًا في النجاح وتشجع الموظف على العمل رهبةً من الطرد، فإن زيادة حدة تلك الضغوط تجعلها سلبية الأثر، لتؤدي إلى فقدان الإنسان حماسه وشغفه.
الاكتئاب
لا يوجد أي شك في أن أعراض الضغط النفسي قد تتزايد لتصبح أكثر صعوبة، إن لم يفلح الإنسان في التعامل معها بجدية، إذ يؤدي كل من التفكير المفرط والسلبي دومًا، والذي يمتزج بمشاعر القلق والتوتر، ويرتبط بفقدان الحماس والشغف، إلى معاناة الشخص من الاكتئاب.
أعراض الضغط النفسي السلوكية
تترجم أعراض الضغط النفسي دائمًا في صورة سلوكيات، ربما لا يلاحظها ضحية الضغط نفسه لانشغاله بأزماته ولتشتت أفكاره، لكنها تبدو واضحة المعالم للمحيطين به، حيث تتمثل في:
اتخاذ القرارات الخاطئة
ليس من الوارد لأي إنسان ومهما كان يتمتع بالحكمة والذكاء، أن ينجح في اتخاذ قرارات صحيحة تمامًا، إن كان يعاني في الأصل من آثار الضغوط النفسية طويلة الأجل، حيث يعد تشتت الأفكار كافيًا من أجل إرباك الحسابات وبالتالي اتخاذ أسوأ القرارات.
سهولة الانفعال والغضب
بينما نستمع كثيرًا لتبرير البعض لانفعالاتهم الشديدة، بأنها ناتجة عن كثرة الضغوط، فإن الأمر يبدو حقيقيًا في واقع الأمر، حيث تعتبر سهولة إصابة الإنسان بالغضب الشديد وربما لأتفه المواقف، من ضمن أعراض الإجهاد النفسي.
قلة الحركة
يرتبط الشغف والحماس بالنشاط، فيما يؤدي الوقوع تحت أسر الضغوط النفسية إلى الكسل وقلة الحركة، والتي تعتبر من ضمن أعراض الضغط النفسي على الصعيد السلوكي، فيما تظهر في صورة تجنب تام للرياضة، رغم أنها من عوامل تحسين المزاج.
الإدمان
هو واحد من أخطر أعراض الضغط النفسي على المستوى السلوكي، والتي يلجأ إليها البعض للأسف اعتقادًا بأنه قادر على إراحتهم، حيث يتمثل في إدمان المواد الممنوعة كالمخدرات أو الإفراط في شرب الكحوليات، والتي تزيد الأمور سوءا وليس العكس.
الانعزال
في وقت ينصح فيه خبراء علم النفس بضرورة التعامل السريع مع الضغوط النفسية لأسباب مختلفة، فإن السقوط في هاوية الانعزال وتجنب البشر الآخرين تعتبر من أبرز الأسباب، حينها يبدو تحسن الوضع من الأمور شبه المستحيلة، في ظل فقدان الإنسان بإرادته لفرص تفريغ مشاعره عبر التحدث مع الأصدقاء على سبيل المثال.
كيفية التخلص من الضغط النفسي والتوتر
إن كانت أعراض الضغوط النفسية مخيفة للبعض، فإنها لا تحول دون علاج ضحية تلك الضغوط فقط إن سعى لذلك بقوة، عبر اتباع الخطوات التالية:
الاهتمام بفترات الاسترخاء
تؤدي طول ساعات العمل وكثرة الخلافات في المنزل، إلى نسيان أهمية فترات الاسترخاء، والتي يجب ألا تتمثل في النوم فحسب، بل يمكن لـ15 دقيقة فقط في اليوم يحافظ الإنسان على استغلالها في قراءة بعض صفحات كتاب مسلٍ أو للمشي في أماكن خضراء مبهجة أو لممارسة اليوجا أو حتى للاستماع للموسيقى الهادئة أثناء إغلاق العينين، أن تساهم في السيطرة على مشاعر القلق السلبية.
التشتيت المطلوب
على الرغم من أن التشتت يبدو سلبيًا، وخاصة حينما يعتبر من ضمن أعراض الضغط النفسي، فإن تشتيت الإنسان لنفسه عن الأمور التي تتسبب في توتره، يبدو من الخيارات الموفقة والمطلوب تنفيذها، فسواء لجأ الإنسان حينها لممارسة هواية مفضلة أو للتطوع لخدمة الآخرين أو حتى لمشاهدة فيلم كوميدي، فإنه يصبح المستفيد الأول من هذا التشتيت المفيد، والذي يجب ألا يتعارض في كل الأحوال مع إجراء محاولات جادة لعلاج المشكلات ومقاومة أسباب التوتر.
سرد الأفكار
لا يحتاج الإنسان إلى قضاء ساعات اليوم في التفكير في أسباب توتره، لكنه بحاجة فعلية إلى تخصيص وقت قصير ومحدد من أجل كتابة تلك الأمور السلبية، حيث يساهم ذلك من ناحية في تفريغ شحنات الغضب أو الإجهاد النفسي الداخلي، فيما يؤدي من ناحية أخرى إلى تركيز الإنسان على مشكلاته الحقيقية، وربما ينبهه لأمور لم تخطر على باله من قبل.
الحفاظ على حس الدعابة
قد لا يدرك الكثيرون أهمية الإبقاء على حس الدعابة مهما بدت الأمور معقدة، حيث يمكن لنظرة الإنسان الساخرة أن تدفعه لتجاوز الصدمات، كما تخفف من حزنه وتوتره في الوقت المناسب، كي يبقى قادرًا على تخطي العقبات دون وجود فرصة للانغماس في مشاعر الاكتئاب.
زيارة المتخصصين
تبدو مواجهة الإنسان لمختلف أعراض الضغط النفسي بنجاح، من الأمور الإيجابية دون شك، إلا أن الفشل في ذلك لا يتطلب الغرق في الأحزان والشعور باليأس، بقدر ما يستدعي الاعتماد على المتخصصين، والذين يتمثلون في خبراء الطب النفسي، حيث يبدو الطبيب قادرًا على تحديد عوامل ظهور الأزمة، قبل أن يحدد طرق العلاج الاحترافية.
في كل الأحوال، يبقى تعرض الإنسان للضغوط اليومية من الأشياء العادية، إلا أن وصول الأمر إلى حد المعاناة النفسية أو الجسدية، يكشف عن ضرورة التعامل مع أعراض الضغط النفسي بدرجة من الجدية والاهتمام قبل فوات الأوان.
_____________________
عمرو يحيى