الزواج هو تلك العلاقة الرائعة الجميلة التي تجمع بين آدم وحواء ، يجمعهما الحب والمودة والرحمة وحسن المعاملة والمعاشرة والصبر والتعاون والتسامح والتغافر وتربية الأولاد وبناء القيم فيهم .
والزواج هو الكيان الذي يكبر ويكبر إلى أن يصير عائلة وقبيلة ومجتمع بأكمله .
وكأي علاقة بين زوجين لن تمر على ما يرام دوما ، فيجب أن تصادفها بعض المشكلات والخلافات بين الحين والآخر ، وهذا الأمر لا يعد مشكلة في حد ذاته فهو أمر طبيعي وارد الحدوث ، لكن المشكلة تكون في عدم معرفة الطريقة الصحيحة في التعامل مع المشكلات .
ومع مرور الأيام والسنين تزداد المشاكل والخلافات بين الزوجين حتى تصل إلى مرحلة الطلاق العاطفي أوالطلاق النهائي .
وقد يكون السبب هو الكتمان وعدم المصارحة وترك الملفات القديمة دون وجود حل لها ، والاختلاف مثلا على النفقة أو إدارة المنزل أو الخيانات الزوجية من أحدهما أو بسبب الظلم والقهر والاعتداء اللفظي والجسدي بينهما مما يجعل أحدهم يسعى للانتقام من الشريك الآخر سواء كان على ذمته أو بعد الطلاق الرسمي .
ويكون الانتقام بقلب كاره وحاقد وحزين ومجروح ، يلبس فيه الزوج أو الزوجة لباس الشر ويستعين بالشياطين من الإنس أو الجن ، وتُعلن الحرب وتمارس ضد الطرف الآخر أنواع العنف والذل والإهانة والإساءة ، وقد يتدخل أطراف أخرى في هذه الحرب من عوائل أومحاكم أونيابة أوجيران أوأصدقاء .
رجل يقوم بإشاعة قصص واقعية وخيالية حول زوجته الأولى في المجالس انتقاما منها لأنها طلبت الطلاق لأسباب غير مقنعة من وجهة نظره .
وآخر صور زوجته بأحوال مختلفة وهي في بيتها وهي لا تدري ، وعندما طلقها هددها إن تزوجت بآخر سينشر صورها في الانترنت .
وأخرى بعد طلاقها بدون سبب مقنع لها جعلها تدخل في حالة نفسية يرثى لها بسبب كلام الناس عنها ، وبحكم معرفتها بوظيفته وبعض مخالفاته في عمله ، اشتكت عليه عند القضاء لتسجنه وتجعله يخسر كل أمواله ، تقول لقد شعرت بالارتياح كثيرا ، لكن ما آلمني أنني تسببت لطليقي بجلطة جعلته على إثرها فاقد للحركة .
أيها الأخوة والأخوات … الله أذن لمن اعتُدي عليه أن يرد بالمثل على من اعتدى عليه ، قال تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى ) ، وقال تعالى ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) ، ومع هذا فقد بين الله سبحانه أن العفو على المعتدي والتغاضي عن زلاته وخطئه أفضل من الانتقام خاصة بعد الطلاق والانفصال، قال تعالى ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ) ، وقال صلى الله عليه وسلم ” ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ” .
يا بناتي ويا أبنائي … اتقوا الله ولا تظلموا غيركم وابتعدوا عن الانتقام واعفوا واصفحوا فإما بإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، واتقوا دعوة المظلوم ، كما قال صلى الله عليه وسلم ” اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ” ، وقال تعالى ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) .
اللهم أصلح قلوب أبنائنا وبناتنا واجمع بينهما على خير ، وارزقهم خلق العفو والرحمة والتواضع وحسن العشرة .
————————————————————-
كتبها / عدنان سلمان الدريويش
المستشار الأسري بجمعية التنمية الأسرية بالأحساء