سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة.
من الأمور العظام التي تثمر في زيادة أواصر المحبة, وتزيد من الترابط الأسري بين الزوج وزوجه – التصريح بلفظ الحب, فتلك الكلمة رغم قلة عدد حروفها, وسهولة خروجها من مخارجها الطبيعية, إلا أنها صعبة كنقل جبل من مكانه على الرجال – إلا من رحم الله – خاصة إذا كانت من رجل إلى زوجته, فالرجال – العرب أو الشرقيين خاصة – يعتقدون أن إظهار كلمات الحب والعطف والشوق إلى زوجاتهم يظهرهم بمظهر الضعف, الأمر الذي قد يقلل من قوامتهم على زوجاتهم وطاعتهن لهم.
لكن المتأمل في السيرة النبوية الشريفة, وفي سير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاتهم يرى نقيض ذلك تمامًا؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم خير البشر لأهله, وكان القائد الأعلى للمجتمع الإسلامي, ورغم ذلك لا يثنيه أمر من ذلك عن أن يُظهر حبه لزوجاته, بل ويوصي أصحابه بذلك أيضًا حيث يقول: “إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه”. وليس أحب للإنسان من زوجته وأم أبنائه وشريكته في أفراحه وأحزانه وقرينته في بيته.. وليس بأولى بذكر الحب, وميل القلب, وانشغال الفؤاد, والتهاب المشاعر, من الزوجة.. وإني لأدهش من رجل تكاد زوجته تتقلب فوق جمر الهجر والفراغ العاطفي وزوجها ذلك البارد الميت لا يشعر – أو يكاد – بما تعانيه وتقاسيه تلك الحزينة المسكينة.
أقول للزوج: أيها الحبيب, إن كنت لا تعلم أن زوجتك تحتاج لكلمة تمسح بها دمعها, وتخفف بها عناءها وتعبها طوال اليوم في خدمتك وخدمة أبنائك وأبنائها, أفلا تستحق هي – بعد كل هذا الهم – كلمة تزيل عنها ذلك..
أما إن كنت تعلم احتياجاتها وما تقاسيه وتعانيه طوال اليوم ثم تبخل عليها, فلا شك أنك مخطئ وينبغي أن تراجع نفسك وتقف وقفة تلملم فيها شتاتك المتبعثر, قبل أن تندم في وقت لا ينفع فيه الندم.
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ
خطوات لإشاعة الحب المنزلي:
أيها الزوج الحبيب.. أعلم أن تلك الكلمة ثقيلة ثقيلة على لسانك.. ولكني سأساعدك على قولها لتكسب بها قلب حبيبتك, التي أعلم تمام العلم أنها حبيبتك, وأنك تحبها, وتكنّ لها أعظم المشاعر, وتقدرها أيما تقدير, ولكن لعل مانعك من قولها الكبر أو خوف جرأتها عليك… إلخ, والتي هي كلها أعذار واهية ألقاها عليك الشيطان ليفرق بين المرء وزوجه, وذلك منتهى أمله. فلا يكفي عزيزي الزوج مجرد إحساسك بتلك المعاني الرقراقة والأحاسيس الفياضة, بل واجبك نحو محبوبتك أن تظهر لها تلك المشاعر, وتغلفها في غلاف جميل من الكلمات الحانية التي تكسب بها ود وحب مهجة فؤادك وأم أبنائك؛ حتى تتحقق لكما السكينة والمودة والرحمة التي بشرك بها الله عز وجل في قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}.
أولاً: اجلس مع نفسك جلسة خفيفة, وأحضر ورقة وقلمًا, ثم ابدأ بالآتي:
قسِّم الصفحة إلى قسمين هكذا:
كيف عبرت عن حبي وتقديري لها؟ أعمال تقوم بها زوجتي من أجلي
ثم قم بكتابة الأمور التي تقوم بها من أجلك – عشرة أمور – وهل فكرت يومًا ما أن تعبر لها عن حبك لها وتقديرك لقاء ما تفعله لك ولأبنائكما؟!!
ثانياً : إذا تأكدت من حبها لك وتضحيتها من أجلك فقل في نفسك: “فلانة – اسم زوجتك – تحبني” وكررها في نفسك عشر مرات.
ثالثاً : هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟! مادامت تحبك هكذا فلم لا تحبها أنت أيضًا؟! ستقول: ولكني أحبها.. إذن فقل في نفسك: “أنا أحب فلانة” وتدرَّج في هذا القول بتأكيد من التأكيدات حتى تصل إلى عشر مرات مثل: “أنا أحب فلانة جدًا” “بالتأكيد أنا أحبها” “أنا متأكد من أنها تسكن قلبي”… إلخ.
رابعاً : لديك الآن شحنة عاطفية قوية حاول تفريغها.. ولكن الأمر لا يزال صعبًا؛ لذلك فلنبدأ بشيء خفيف قبل أن تصرح بقول كلمة الحب.. اشترِ بطاقة “كارت” عليه بعض القلوب الحمراء أو الورود والأزهار, واكتب فيه بعضًا من كلمات الحب الرقيقة مثل: “أحبك يا أجمل من رأت عيني”, “أسأل الله أن تكوني زوجتي في الجنة”, “يا له من سعيد من له حبيبة كحبيبتي”… إلخ. ولتستمر على هذه الحال فترة أسبوع أو أسبوعين أو حتى ترى أن المرحلة قد انتهت وأن أوان المرحلة الأخيرة قد أتى.
الخطوة الخامسة والأخيرة: هي أن تصرح لها بلفظ الحب, وليكن في البداية في وقت العلاقة الحميمة.. ثم في أوقات العمل بالتليفون.. ثم في الأوقات الخاصة.. ثم عند قدومك من العمل… إلخ. وتدرَّج في هذا الأمر حتى تصل لقولها وجهًا لوجه ودون حياء.
ختامًا أقول: من كثرة ما رأيته من شكاوى النساء من ذلك الفراغ العاطفي.. ومن كثرة ما يصل إليّ وما قرأت وعاينت من زوجات وقعن فريسة لذئب بشري لا يتقي الله في نساء المسلمين, فيستميل قلوبهن بالكلام المعسول, والمرأة تسمع هذا الكلام ويداعب فؤادها, ويحتوي الرجلُ قلبها فيوقعها في حبائله وبراثنه, ولو اتسع المقام لسردت لكم من ذلك قصصًا وحكايات تشيب من هولها الرءوس, وما كل ذلك إلا لانصراف الزوج عن تلك الكلمة التي لا يكلفه النطق بها شيئًا, ولكنها تصير صمام أمان يحفظ عليه زوجته وبيته وأولاده.
المصدر : موقع صيد الفوائد .