العنوسة كما تم إطلاق الكلمة من خلال طرحكم للموضوع وأنا اختلف في الرأي فهو ( تأخر سن الزواج لكل الطرفين ) .
في الوقت الحاضر وما فيه من متغيرات عديدة أفرزتها ( العولمة ) سواء كانت اقتصادية أواجتماعية أو ثقافية على المجتمع السعودي على الوجه الخاص أو على المجتمعات العربية أو النامية بشكل عام من الانفتاح على مختلف الثقافات والمتغيرات والمستجدات الأخرى في العالم .
أصبح ليس هناك ضابط للعنوسة .. أوسن محدد إلزامي لها كما كان في السابق ( وهو ما دون سن العشرين عاماً)…وذلك نظراً للتحولات الجذرية التي طرأت على الأسرة السعودية نتيجة هذه المتغيرات .
ثانياً أسباب العنوسة :
في اعتقادي هناك أسباب كثيرة ومتعددة وخطيرة من أهمها :
1- العولمة وهى عملية تحول تكنولوجي واقتصادي واجتماعي وثقافي وتربوي ,تقلل التوازن الداخلي للأقاليم عامة وللدول في حد ذاتها .
– فمثلا الانفتاح الاقتصادي في البلاد وما صاحبه (من أنشاء مجمعات تجارية كبيرة وأماكن ترفيهية من ملاهي وحدائق عامة ومطاعم متعددة الإشكال ومختلفة المذاق )التي أصبح يستطيع أن يرتادها جميع أفراد الأسرة بدون استثناء , كان له تأثير واضح فتغيير معيشة الأسرة وتطلعاتها المستقبلية .
– إضافة إلى الانفتاح الإعلامي وما صاحبه من انتشار القنوات الفضائية وما تبثه من مواد وبرامج مناسبة وغير مناسبة وفى جميع الأوقات ,وما تحتويه هذه البرامج من عادات وثقافات اجتماعية مختلفة له تأثير كبير على أفراد الأسرة وشكل ضغطا على نمط حياتها…
فتغيرت تبعاً لذلك مفاهيمها وثقافتها وما ترتب على ذلك من تغير عاداتها الاجتماعية المتوارثة ناهيك عن المطبوعات من مجلات وصحف على مختلف الأنواع والأشكال.
مما أدى في النهاية إلى تغيير عادات أساسية في المجتمع وظهور مفاهيم اجتماعية جديدة لم تكن سائدة وهو ما أطلق علية ( العولمة الحضارية ) مثل الاهتمام بتامين الوضع المادي وإكمال التعليم الجامعي والالتحاق بالوظيفة وإعطاء الفتاة مساحة من الاختيار .
كل ذلك كان له مردود واضح .. في تغير نمط الزواج وبالتالي تغيير مفهوم ما يسمى بالعنوسة إلى مصطلح آخر وهو تأخر سن الزواج وهو ما يناسب الحياة الحالية للمجتمع السعودي وغيرة من المجتمعات العربية وهذا يعنى أنه ليس هناك ضابط محدد للزواج .
2- أسباب مجتمعية :
الكثافة السكانية أوجدت تباعدا بين مختلف الأسر فبعد أن كان المجتمع السعودي مجتمعا محليا مترابط الجوانب …أصبح المجتمع متعدد الثقافات ذا نظرة واسعة ومتعددة وخاصة في مجال الزواج بمن هم خارج مجتمعة بحجة أسباب متعددة منها التعليم أو العلاج أو العمل خارج مجتمعة .
– فا لتعليم اوجد تباعدا فكريا وثقافيا في الأسر فنجد في الأسرة الواحدة مستويات مختلفة من درجات التعليم وليس مثل السابق (إما متعلم أي يعرف القراءة والكتابة أو أمي )
وهذا بالتالي أوجد طبقات تعليمية مختلفة مثل البكالوريوس ,الماجستير ,الدكتوراه فأغلب الأزواج في الوقت الحاضر يفضلان أن يحصل الطرفان على الشهادة الجامعية .
– أما الوضع الاقتصادي … فارتفاع الدخل لعدد كبير من الأسر السعودية ساهم في وضع شروط جديدة للزواج مثل السكن المستقل عن الأسرة ,المهر المرتفع ,ومتطلبات الزواج المبالغ فيها مما دعم فكرة تأمين المستقبل الوظيفي للرجل قبل الزواج كما ساهم في الزواج من الخارج للتحرر من العادات الاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع السعودي .
– كما أن قلة دخل بعض الأسر شجعت أبنائها على الزواج من الخارج لعجزهم عن القدرة على الزواج من الداخل وقصور نظرتهم على الجانب المادي بغض النظر عن الاختلافات البيئية والاجتماعية والثقافية بين الطرفين وإهمالهم النظرة المستقبلية المؤثرة على التنشئة الاجتماعية للأبناء والتأثر بثقافة الأم,
بالرغم من محاولات خادم الحرمين الشريفين الحد من هذه الزيجات و تأثيراتها على المجتمع عن طريق وضع بعض النظم لذلك,وتأخر وضع الحلول المساعدة لتخفيف من هذه الظاهرة مثل المساهمة في تأمين الوظيفة للشباب المقبل على الزواج ,تقديم القروض في دعم الزواج ,توفير المسكن بأجر رمزي …وغيرها مما يساهم في ارتفاع نسبة الزواج .
3- العادات والتقاليد:
– انحسار بعض العادات المؤثرة والدافعة لزواج الشباب في سن مبكرة مثل عيش الأبناء المتزوجين مع أسرهم (الأسرة الممتدة ) واكتفائهم بجزء من هذا المنزل إلى الرغبة في تأمين سكن مستقل خاص بهم , وهذا كان له دور كبير في تأخر سن الزواج للرجل إلى ما يقارب الثلاثين عاماً ، وهذا بدورة انعكس على تأخير سن الزواج للفتاة .
– انصراف الشباب عن الزواج المبكر نتيجة عدم أحساسة بأهمية الزواج نتيجة تأمين أسرته جميع متطلباته الأساسية وغير الأساسية وكذلك إحساسه بصعوبة القيام بتكاليف الحياة ورغبته التمتع بجزء من حريته وزيادة المغريات التي يتعرض لها ومشاهدة القنوات الفضائية وغيرها من سلبيات الحياة المؤثرة في عامل الزواج .
– حرص الشباب على تأمين الوضع المادي له قبل الزواج بحسب قناعته المادية ,فهناك من ينظر أن الراتب الوظيفي سواء كان ضعيفا أو مرتفعا كافي للزواج أما البعض الأخر فيرى ضرورة الانتظار بضع سنوات قليلة حتى يرتفع الراتب أو الحصول على وظيفة أخرى براتب عال ورغبته في حياة أسرية ثابت الدخل .
– رغبة عدد كبير من الشباب في الزواج من فتيات موظفات بالذات وظيفة حكومية حتى تكون مسانده له في المساهمة بتكاليف الحياة الأسرية ومتطلباتها وهذا كان عاملا أساسيا في تأخر سن الزواج لعد د كبير من الفتيات ما بعد الخامسة والعشرين .
– حرص الفتاة على أكمال تعليمها وتأمين وضعها المادي بوظيفة ذات مردود جيد تحسباً للمستقبل إما بالمساهمة في المصروفات الأسرية أو إعطائها حرية في الإنفاق على نفسها نتيجة زيادة الكماليات والمغريات في الحياة وتامين حياتها المستقبلية وحياة أبنائها في حالة فشل الزواج .
– رغبة عدد كبير من الفتيات الانتظار للزواج من شاب ذي دخل مادي جيد نظراً لتمتعها بقدرة مادية جيدة حسب الوظيفة الحالية للصرف على نفسها أو مساعدة أسرتها لتخفيف عبئ مسئوليتها عن أسرتها .
– قيام بعض أولياء الأمور بتأخير الفتاة عن الزواج نظراً لحاجة الأسرة لراتبها أو نتيجة لظروف اجتماعية خاطئة بأحقية والداها الذي قام بتربيتها بهذا الراتب بغض النظر عن تأخر سن الزواج إضافة إلى اضطرار بعض الفتيات للاختيار هذا المسار طواعية إما لتحملهن الصرف لأسباب معيشية مثل توفى الأب , مرض الأب , وجود أشقاء أيتام أو نتيجة أوضاع أسرية مضطربة جعلتها غير راغبة فئ الزواج .
– اشتراط بعض الأسر الزواج من طبقة معينة أو قبيلة معينة دون الآخر حتى لو تأخرت أبنته في الزواج أو رغبته في زواجها من ابن عمها حتى لو كان ابن عمها لا يرغب فيها .
ومن العرض السابق نجد أياً كانت الأسباب لتي ذكرنها أو أغفلناها في تأخر سن الزواج فهي أسباب أساسية وأوجدت فجوة عمرية تضاعفت بمرور الوقت .
وبالله التوفيق .