لن أتحدث عن فقه رمضان بالمعنى الإصطلاحي و الذي يعني فهم الأحكام الشرعية المتعلقة بالصيام و العبادات في رمضان ، و إنما سأتحدث عن فقه رمضان بالمعنى اللغوي و الذي يعني فهم الأمور التي تجعلنا نستثمر شهر رمضان بأفضل طريقة ممكنة للحصول على أعظم المكاسب بعد نهاية هذا الشهر العظيم و الموسم الكبير .
و هي عبارة عن مجموعة من الوقفات و التأملات في بعض خصائص هذا الشهر المبارك ، أسأل الله أن ينفعني و إياكم بها و أن يجعلها في ميزان حسناتنا جميعاً ..
جاء في الحديث عن جابر بن سمرة قال : ” صعِد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المنبرَ ، فقال : آمين ، آمين ، آمين ، فلمَّا نزل سُئل عن ذلك ، فقال : أتاني جبريلُ ، فقال : رغِم أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين ” أي: خاب وخَسِر وذَلَّ وعَجَز ولَصِق أنفُه بالتُّرابِ كلُّ مَن أدرَك شَهرَ رمَضانَ، فكَسِلَ عن العِبادةِ ولم يَجتَهِدْ ويُشمِّرْ حتَّى انتَهى الشَّهرُ فلم يَظفَرْ ببرَكةِ الشَّهرِ الكريمِ ولم يُغفَرْ له .
فتأمل في خطورة هذا الدعاء إذ أن الداعي أفضل الملائكة و هو جبريل عليه السلام و الذي أمَن على الدعاء هو أفضل البشر عليه الصلاة و السلام .
فكم من صائم حظه من صيامه الجوع و العطش و كم من قائم حظه من قيامه السهر و التعب .. نسأل الله أن يعفو عن تقصيرنا ، و أن يعيننا على الصيام و القيام و صالح الأعمال .
يقول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ) ثم حدد الغاية و الهدف من هذا الصيام و هو تحقيق التقوى فقال ( لعلكم تتقون ) .
و نعرف أننا حققنا هذه الغاية بأن نزيد في أعمالنا الصالحة بعد رمضان عما كانت عليه قبله ، فالمسلم في رمضان تعتاد نفسه على فعل الخير و الزيادة من الطاعات ، كقراءة القرآن و قيام الليل بصلاة التراويح و التهجد ، و الإكثار من الصدقات و بذل المعروف ، و الحرص على المحافظة على صومه من الرفث و الفسوق و كل ما ينقصه .. فما الحصيلة التي سيخرج بها من هذه الطاعات بعد رمضان ، و ما النوافل التي سيستمر في المحافظة عليها بعد رمضان حتى يحقق معنى التقوى ، و هي أن تجعل بينك و بين عذاب الله وقاية بفعل أوامره و اجتناب نواهيه .
1 -2
__________________
بقلم: عبدالله بورسيس