في الأسبوع المنصرم ألمحت إلى أجمل ما تتمناه الزوجة ، فأردت أن أشير في هذا الأسبوع إلى أجمل ما يتنماه الزوج ..
من خلال محاولة توخي الحقيقة الاجتماعية الكبرى في العلاقات الزوجية، كانت نتائج الدراسة تشير ـ بقوة ـ إلى وجود فراغ نفسي يحول بين الزوجين في كثير من الأسر ، يجعل كل منهما يجامل الآخر لأسباب كثيرة، من أبرزها الخوف على تصدع البيت ، وتشتت الأولاد ، أوالخوف من الغضب والفهم الخاطيء ، حتى قال أحدهم : (( معذرة يا سيدي .. فالقلم نشف ريقه وفضل الصمت إيثارا للسلامة )).
ولعل السبب الأصل الذي يمنع من وضوح العلاقة بين الزوجين هو عدم فهم كل منهما طبيعة نفسية الآخر ، وإذ ذكرت ـ فيما سبق ـ حاجة المرأة إلى الاستماع إليها، فإني أذكر هنا للمرأة أن الرجل كثيرا ما يمل من أنانية المرأة ، وتفكيرها الدائم في نفسها، في متعها الخاصة ، في مشترياتها ، في أهلها ، كل ذلك في أسلوب مليء بالتشكي ، والألم المجتلب .
هذا ما قاله كثير جدا ممن اشتركوا في الاستبانة التي طرحتها لشريحة تقارب ثلاثمئة رجل وامرأة .
إن المرأة بلباقتها ، وقدرتها الخاصة على التأثير القوي في الرجل ، يمكنها أن تختار الوقت المناسب لذكر طلباتها وطلبات بيتها ، دون إلحاح . إن الرجل يحب المرأة التي إذا نظر إليها أسرته ، ليس بجمالها فقط ، وإنما بابتسامتها وتناسيها كل ما يشغلها عن زوجها من واجبات أخرى .
يحب الزوجة التي إذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله ، فيرى نصحها في كل شيء ، فلا تشين عرضه بتبذلها ، ولا تبذر أمواله بغرض عدم الإبقاء على ما يمكن أن يضرها به بزوجة جديدة كما تزعم بعض النساء ، حتى تجعل زوجها طوال حياته مدينا مطاردا .
يحب المرأة التي تغار عليه ، دون أن تتحول هذه الغيرة إلى جنون عاصف ، ربما يحرق جوهرة الحب النفيسة في قلب زوجها ، الغيرة المتوازنة التي تكون علامة على حب المرأة لزوجها ، وليست دليلا على حبها لنفسها فقط . يحب المرأة التي إذا أمرها أطاعته ، دون أن تذوب شخصيتها ، أو تمحي إرادتها .
فما أبعد المرأة العنيدة عن سويداء قلب الرجل ، لأنها بعنادها تدع للخادمة فرصة التقرب من قلب الزوج بخدمته الخاصة . يحب المرأة المتلطفة مع أولادها ، فإن كثيرا من الأزواج متبرمون كثيرا من التعامل الفظ الغليظ ، المشحون بالدعاء المر على أولاده خصوصا ، وهم دون سن المؤاخذة ، متناسية هذه المرأة أن الدعاء قد يستجاب ، فتكون هي أول النادمين والنادمات .
يحب المرأة التي تنهض ـ كالغزالة ـ إذا قدم لزوجها ضيوف ، ولا سيما إذا كانوا من أهله ، وأعزائه ، فتخدمهم بكل أريحية ، وتحب قدومهم ، مستشعرة الأجر في ذلك ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه .
( يحب المرأة التي يكون بيتها عندها هو أغلى مكان في حياتها ، وليست المرأة الخراجة الولاجة ، التي لا تدع سوقا ولا مطعما ولا ملهى ولا فلانة ولا علانة إلا اشتبكت بها ، فإن ذلك يشكل قلقا كبيرا لدى عدد كبير من الأزواج ، لأن المرأة إذا تعلقت بخارج بيتها ضيعت بيتها بلا شك .
لقد كانت الاستجابة السريعة في تعبئة الاستبانات والحرص الشديد على المشاركة فيها ، تدل دلالة واضحة على أن القنوات تكاد تكون مقطوعة بين الزوجين ، وأن كلا منهما لا يجد الفرصة الكافية ليعبر للآخر عن حاجاته ، ورغباته ، وما يأخذه على صاحبه من سلوكيات لا يرغب استمراره فيها ، بسبب سرعة توتر الجو إذا فتح باب للحوار في هذا الشأن،
فلماذا لا يبتكر الزوجان أساليب أخرى للتواصل ؛ كالرسائل المكتوبة ، أو المسجلة ، أو السفر لوحدهما ، ثم تجاذب أطراف الحديث اللطيف والصريح بينهما ، أو التعود على الصراحة في أوقات محدودة بعيدا عن نظر الأولاد وسمعهم ، حتى لا تطغى المناقشات المتوترة على حياتهما . مع تمنياتي القلبية لكل زوجين بالسعادة والتوفيق .