الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 / 24-جمادى الأولى-1446

حماية المراهقين



 

 

لو سألتني ما هو أخطر عمر للأولاد أقول لك بين الـ10 سنوات والـ20 سنة. نعم، عُمر المراهقة أصبح طويلاً، والخطر أصبح أكثر. نعم، هناك عشر سنين من عمرنا هي سنوات تعب ومُراقبة وتربية، وهذه مسألة صعبة، ولكن الأصعب منها لو حصل لأبنائنا، لا قَدَّر الله، مكروه. ساعتها ستقول، كما يقول المثل العربي: “درهم وقاية ولا قنطار علاج”.

بعض الأهل الذين يصرخون “تعبنا”، تكون إجابتي لهم: ولماذا أنجبتُم؟ إنّ إنجاب طفل في هذا الزمن يحتاج فعلياً إلى دراسة وقرار احتمال توقُّع الأسوأ. إنّ زمن “الطفل يأتي برزقه” زمن انتهى. فالمشكلة ليست فقط مشكلة طعام، وملابس وتعليم. المسألة الأخطر هي مسألة حماية مخلوق أنجبناهُ وسيكون من مسؤوليتنا. الحماية المطلوبة في هذا الزمن لأبنائنا مُتشعّبة. لكن معظمها سوف يَصبّ على حياتهم الجنسيةّ. فإن كان الأهل يخافون على أبنائهم من حوادث السيارات، فإنّ حادث السيارة قد لا يُعطّل فرص العمل. فحتى الإعاقة في حادث قد لا تمنع قيامك بمهنة. قد نخاف على أبنائنا من المخدرات، بالطبع هذا قد يُورّطهم قانونياً، فيضيع جزء من حياتهم ومن تعليمهم. ولكن، على الرغم من تأثير الوضع القانوني والدراسي، سنجد أنّ التركيز الصحي على الحكاية هو مسألة منطقية، لأنها مثل غيرها، كلها في الأخير سوف تنصبُّ على حياة أبنائنا الجنسية. إلا أنّ الحادث الجنسي في حياة أبنائنا قد يُعطّل فرص الزواج والإشباع الجنسي، وقد يُعطّل كلّ حياته. لكن، كيف نحمي أولادنا من المصائب الجنسية الخاصة بتلك المرحلة؟ سؤال يمكن أن يُؤلَّف فيه كتاب. ولكن، ما يلي بعض النصائح الممكنة بهذا الخصوص والتي قد تلعب دور الحماية، ولو قليلاً.

1-    راقب علاقة ابنك/ ابنتك بالإنترنت. عالم أبنائنا عالم جديد، قد يختلف عن عالمنا، نحن الجيل السابق. إنّه عالم كله يدور حول هذا الجهاز الإلكتروني وهو الكمبيوتر، والأخطر الآن هو الموبايل. فمن خلاله هناك تواصُل مع العالم، وقد يكون ابنك/ ابنتك إلى جانبك وأنت مطمئن، ولكنه على تواصل بكل أمراض العالم التي تأخذ ابنك/ ابنتك إلى تجارب مريضة عن الجنس. فكيف تحميهم من ذلك؟

2-    علّم ابنتك وابنك مُبكّراً ألا يعطيا معلومات صحيحة عن نفسيهما: الاسم، العمر، الأهل، الظروف، العنوان، الرقم.. إلخ. ولتكن هناك صراحة بخطر المعلومة وتنبيه بأن هناك مَن هم يستطيعون سحب معلومة منهما.

3-    علّم أطفالك كذلك بعض الأمور الأخلاقية التي يمكن أن يتعرضوا لها في الإنترنت، مثل التحرُّش. وعلّم أطفالك كيف يجب أن يقولوا “لا”، ثمّ يأتون ويخبرونك. وهذه نقطة في غاية الأهمية. فحين تكون هناك صراحة ومُصارَحة بلا خوف، فإنّ الطفل يملك شجاعة اللجوء إلى أهله إذا اطمأن إلى عدم النقد وعدم العقاب.

4-    مهما كانت الثقة والصراحة، فيجب تحديد أوقات للإنترنت والموبايل عند الأبناء. فهناك حالة إدمان يمكن تحصل، وكلّ إدمان يجرّ معه إدماناً آخَر.

5-    على الرغم من صعوبة وقسوة ممارسة التفتيش، ولكن لو حصل أن كان لديك شك في تصرف ابنك أو ابنتك، أطفئ هذا الشك بالتفتيش في هاتفه أو في جهاز “اللابتوب”.

6-    حاول بقدر استطاعتك أن تعطي ابنك وابنتك ثقافة جنسية. وهذه في حد ذاتها تحتاج منك إلى تحضير وقراءة. والأهم الشجاعة. فالعطش إلى المعلومة الجنسية وراء الفضول والبحث عن إجابة عند أبنائنا.

7-    ليس مهماً أن تكون كلّ المعلومات عندك. المهم أن تكون بعض المعلومات عندك، وما لا تعرفه قل لأبنائك: “سأذهب وأبحث عنه”.

8-    حماية الأبناء جنسيّاً مسؤولية كبيرة، يُفضَّل فيها تعاون الأُم والأب، والأفضل أن تتولى الأُم حماية البنات، ويتولى الأب حماية الأولاد. ولكن، احتساباً لأيّ ظروف. فلا بأس أن يتولى طرف من الأبوين كل الرعاية، بغض النظر عن جنسه.

نقطة مُهمّة، هي أنّه لأجل حماية أولادنا من المشاكل الجنسية، علينا أن نبذل قُصارَى جهدنا. ولكن، قد يكون فضولهم أو تأثير الآخرين فيهم أقوى. عندها لا يجب أن نحزن، ويجب أن نحتسب أنّ تلك خبرة نساند فيها أبناءنا، لتكون مرحلة سلبيّة تمرُّ، وليست أزمة تلصَق بهم العمر كله، وتجعلهم يخسرون حياتهم كلها.

——————————

* بقلم د.فوزية الدريع

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم