السبت 21 سبتمبر 2024 / 18-ربيع الأول-1446

الأثر النفسي للضحك في الحياة وفي العلاقات الزوجية .



                               الأثر النفسي للضحك في الحياة وفي العلاقات الزوجية .

                                                                                                                   د. أيمن غريب قطب .

الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعرف الضحك ولا وجود للضحك بين الكائنات الأخرى أو في الطبيعة وإنما يضحك البشر وحدهم . والضحك لا يعتمد على الكبار فقط إنما نراه حتى لدي الصغار من قبل أن يتعلموا الكلام . فالضحك ظاهرة إنسانية وفضيلة من الله بها على البشر.

والضحك هو العلاج الناجع لكثير من مشاكل الإنسان ويقول احد الفلاسفة ( نيتشة ) : إنني لأعرف لماذا كان الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يضحك فإنه لما كان الإنسان هو أعمق الموجودات ألما فقد كان لابد له من أن يكون اخترع الضحك وإذن فإن أكثر الكائنات تعسا وشقاء هو بطبيعة الحال أكثرها بشاشة وانشراحا.
ويقول أحد الفلاسفة ( بيرون ) : يجب على الإنسان أن يتعلم كيف يضحك . ويقول آخر : ما ضحكت لمشهد بشري زائل إلا وكان ضحكي بديلا أستعين به على اجتناب الحزن أو البكاء .

إن الابتسام والضحك والبشاشة والمرح والفكاهة والمزاح والدعابة والهزل والنكتة والملحة والنادرة والكوميديا إن هي إلا ظواهر نفسية من فصيلة واحدة ، وكلها إنما تصدر عن تلك الطبيعة البشرية المتناقضة التي سرعان ما تمل من حياة الجد والصرامة والعبوس فتلتمس في اللهو ترويحا عن نفسها وتبحث عن الفكاهة كمصدر للتنفيس عن آلامها وتسعي عن طريق النكتة نحو التهرب من الواقع الذي كثيرا ما يثقل كاهلها.
إذا التقيت بشخص ما فانك قد تحييه بابتسامة مهذبة ، وإذا شممت زهرة نضرة عاطرة فإنك قد تعبر عن ارتياحك بابتسامة عذبة ، وإذا وجدت نفسك في مأزق حرج فانك قد تحاول تغطية الموقف بابتسامة متكلفة ، وإذا ما أدى إليك شخص ما إحدي الخدمات فقد تعرب عن امتنانك بابتسامة ، وهكذا ….. فإنها جميعا أشكال من التعبيرات النفسية والاجتماعية تختلف باختلاف المواقف والأحوال .

وقد نجد من يفسر عملية الابتسام بأنها وسيلة للتواصل الاجتماعي أو ضرب من التعبير عن رغبات الفرد ومشاعره والارتباط بينه وبين الآخرين بعلاقة ما ، وهناك من يربط بين عملية الابتسام وفتح الفم للرضاعة أو امتصاص اللبن ( التحليل النفسي ) ، وهناك من يفسر عملية الابتسام بأنها في الأصل فتح الحيوان الصائد لفمه لابتلاع فريسته التي وقعت في براثنه ، وهم بذلك يربطونها بعملية الفوز والانتصار أو بعملية القنص والحصول على الغنيمة والنصر. وهناك من يربط بينها وبين عملية الرضا والإشباع بشكل عام .

وهناك من يقول أن الابتسام هو ظاهرة تسبق الضحك أو هي ضحكة صامتة . ويؤكد بعض العلماء أن عملية الابتسام عند الطفل هي أولا وبالذات وظيفة اجتماعية تتولد عند سماعة لصوت بشري أو رؤيته لوجه بشري وتبدأ بصفة عامة في الشهر الثاني من العمر وقد ترتبط بعملية الارتياح بوجه عام .
ولا شك أن الحالة النفسية أو الجانب الشعوري لدي الإنسان هو الجانب الأول لكل ضحك ولكل تفسير صحيح لعملية الضحك ، وهنا نجد الحالة المزاجية للشخص ومدي استجابته لهذه العملية كما يتوقف من جهة أخرى على سمات الشخص الثابتة كمدى تمتعه بالإحساس الفاكهي أو روح الدعابة التي يمكن من خلاها تذوق الفكاهة أو التعبير عنها .

ولابد للإنسان من أن يعرف متى وأين يضجك أو يداعب أو يبتسم ؛ فقد يكون ذلك ضروريا وحاجة نفسية واجتماعية في بعض المواقف للتخفيف من الحدة النفسية وثقل التبعات والتنفيس عن الآلام والأوجاع وتوثيق العلاقات وزيادة الروابط . بينما يعتبر خروجا عن الآداب العامة في بعض المواقف والأماكن مثل أماكن العبادة والصلاة وأوقات العمل الجدي مما قد يؤدي بالنظر إلى من يرتكب ذلك بالاستنكار أو الاستياء أو حتى الطرد .

والضحك والفكاهة ضرورة في الحياة الزوجية حيث يزيل التكلف ويجنب السأم والملل في الحياة الزوجية ، فليس أثقل على النفس من حياة يشيع فيها الملل والتكرار والرتابة .
إن فكاهة صغيرة من خلال نزهة مرحة أو هدية تدعو للابتسام قد تدخل السرور والبهجة في الحياة الزوجية وعلي قلب الزوج أو الزوجة بما قد لا يحققه أي شيء آخر . فلا تدع الفرصة تفوتك دون أن تعمل على تجديد حبك من خلال ذلك وتقوي مظاهر الحب مع محبوبك ومن خلال ذلك تقوي العاطفة وتزداد المحبة ولا يعرف الموت طريقا إلى هذه العلاقة أبدا .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم