السبت 21 سبتمبر 2024 / 18-ربيع الأول-1446

أبي .. ينقصني حضنك الدافي !



 

 

أتذكر طفولتي الأولى يا أبي حينما كنا صغاراً وزهوراً تفرح بنا وتضمنا وتشمنا وتقبلنا .. بل في أحيان كثيرة تلاعبنا حتى ترهق أجسادنا فلا ندرك إلا وقد نامت أعيننا وكان صدرك فراش لنا ويديك غطاء دافئ يحمينا ، ونبضات قلبك تسرح بنا الى أحلامنا الجميلة .

وبعد زمن وسنوات ليست بالكثيرة فقدنا حضنك الدافئ .. وبدأنا نتحسر  ..

لماذا كبرنا ؟

ولماذا ابتعد ذلك الحضن عنا ؟

فهل يتغير الأمر كلما كبرنا ؟ ولماذا ؟ ولماذا ؟

ألم تدرك يا أبي أننا في مراهقتنا أحوج ما نكون إلى حضنك الدافي ..

لماذا زال عنا ؟  ولما ذا انشغل عنا ؟

من يحوينا ، ومن بدفئنا ، ومن يحنّ ويعطف علينا ، إذا كنت بعيداً بانشغالاتك عنا ؟ من يا ترى يكون يا أبي ؟

إني أتأمل حالي وحال أخوتي وتخبطهم وكأننا نبحث عن لعبة ضاعت علينا .. وحيرة والدتي التي تبذل جهدها لتعوضنا ما ينقصنا .

لكن هذا التعويض لا يغني كثيراً إن لم يأتي من صاحبه .. يكفيها تحمل مسؤوليتنا ، ويكفيها مشكورة اغداقها علينا بحبها ومشاعرها الدافئة نحونا .

أبي .. ينقصنا حضنك الدافي !

من العجيب أننا في فصل الشتاء ومع البرد القارص نحتاج الى الدفئ لنحمي أجسادنا الضعيفة .. بينما عواصف الدنيا وظروفها المتقلبة والهموم والأحزان ومصارعة الشهوات والشبهات التي تمرّ بنا طوال العام ، هي أشد احتياجاً لقربك وحسن رعايتك لنا ، والله يأمرك باحتضاننا وحمايتنا حيث قال : { يا أيها الذين امنوا قوا أنفسكم وأهلبكم ناراً .. } ( التحريم 6 ) .

أبي .. ينقصني حضنك الدافي !

إن شواغل الدنيا كثيرة لا تنتهي .. وما تعلمتاه منك ومن المدرسة منذ صغرنا أن الأسرة أولا ! وأن الأبناء هم ثمرة جهد الآباء !

وأن هذه الشواغل مهما تكن فلا تبعدنا عن أسرتنا ومن هم أحب الناس إلينا .. فما الذي حصل وغير كل هذا ؟

أبي .. ينقصني حضنك الدافي !

راجع حساباتك يا أبي .. وفكر جيداً في حياتك ومسؤولياتك فقد لا تجد أحداً يدفئك حينما تحتاج الدفء ، لأنك كنت لا تدفئه !!!

أبي .. ينقصني حضنك الدافي !!!

 

————————–

بقلم/ أ. وليد خزام الهاشمي

 

 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم