المواجهة الإيجابية بين الآباء والأبناء ليست طبيعية وحسب ، ولكنها حتمية أيضا لأن الأبناء يسيرون في طريق النضج ،ودون المجابهة مع الوالدين لن يكون هناك المجال المناسب لنضجهم الطبيعي فهما الموجه الأول لسلوك الأبناء واعتقاداتهم ، وفي كل يوم سنجد أننا مضطرون للدخول مع هؤلاء الأبناء في نقاشات مختلفة ،وما بين الحين والآخر يحتاجون منا التوجيه والارشاد والمتابعة وخاصة في زمن المتغيرات الرهيب الذي نعيشه ونعاصره .
ولكن ما يستفز الآباء هو تمرد هؤلاء الأبناء وعنادهم ورغبتهم القوية بالاستقلال مع الكثير من مظاهر عدم التقبل كالصراخ والعناد والتهديد وغير ذلك من سلوكيات مستفزة ومقلقة ….
ترى ما لعلاج الأفضل في هذه المواقف ؟؟
وما الذي يستطيع في خضم ثوران الابن وخاصة إن كان طفلا صغيرا أو مراهقا أن يمتص ثورته وغضبه؟؟
يقول علماء النفس التربوي أن احتضان الأبناء بمثابة العصا السحرية المشروعة التي تستطيع تحويل الابن من حالة هيجان وتمرد إلى حالة هدوء وتفكير في تقبل وجهات نظر الآخر ، فقد أثبتت الدراسات النفسية والعلمية أن الحضن الدافئ للابن يرفع من مستويات الأكسجين لديه مما يساعد في تخفيف العصبية والقلق النفسي ويعالج الشعور بالوحدة والتوتر، كما أنه يرفع من نسبة مادة السيروتونين التي تؤدي الى الشعور بالسعادة، و تنقل للابن المشاعر الدافئة والعواطف الجياشة التي تمده بالحب والرحمة ؛وبالتالي سيجد من السهل عليه أن يناقش ويبرر ويعترض ويتحدث حول آماله وأحلامه ومخاوفه ، إنه في الحقيقة أرخص دواء لعلاج قلق الأبناء وآلامهم المختلفة بل ويقيهم الكثير من الأمراض بإرادة الله….
وهو باختصار وجبة غذائية نفسية متكاملة فيها كل أنواع المقويات والفيتامينات والبروتينات (النفسية) التي تزيد من قوة نظام المناعة في الجسم، و تمد الابن بالوقود الذي يدفعه للإنجاز والانطلاقة نحو الانتاجية.
قد يعترض البعض ممن لم يتعود على احتضان ابنائه عند تجاوز سن معينة بحجة أنهم كبروا على الاحتضان ن_ نقول لهؤلاء ينبغي أن لا يحبطكم ولا أن يقلل من حماسكم نحو احتضان أبنائكم أن أصبحوا في أعمار كبيرة فهم أحوج ما يكون في هذه الأعمار لقربكم منهم بدلا من تسولهم ذلك من آخرين يساومونهم بخبث مقابل القرب ،فكم سمعنا عن فتاة باعت نفسها وجسدها ودخلت في علاقات مشوهة ومختزلة، بحثاً عن حضن مشبع لم توفره لها أمها.. أو مراهق لم يجد في المخدرات سوى على ما لم يجده في حضن أبيه أو أمه ، لكنه وجده في مادة بكماء صماء تذهب به إلى عالم آخر يرضيه… اعلموا أن احتضان أبنائكم يعود عليكم أيضا بالإيجابية إذ يجعلكم تتركون بعض الحواجز العقلية وطرق التفكير المنطقي التي قد تكون حاجزا سلبيا احياناً بينكم وبين أبنائكم ،ولا تفكروا كثيرا في تساؤلات أبنائكم ويكفي أن تخبروهم أنكم تحتضنونهم لأنكم تحبونهم
وما أجمل اختيار وقت حيادي لاحتضان أبنائكم، لا تكون فيه مشاكل واضحة ومن المناسب أن يكون حين انشغال الابن بالمذاكرة، أو خلال التمشي معا،١ أو أي وقت يختاره الأب أو الأم يجدونه فرصة للقرب وإظهار العاطفة والحب.
ختاما أيها الآباء أؤكد لكم أن حضنا واحدا في اليوم يمكن أن يقوم بما لا يستطيع أن يقوم به كل كلام القلب إلى القلب في تعديل سلوك أبنائكم وقربهم منكم فلا تحرموا أنفسكم ولا فلذات أكبادكم تلك النعمة العظيمة التي من الله بها عليكم وعليهم، حفظ الله لكم أبناءكم وجعلهم قرة عين لكم.
________________
المستشارة: مؤمنة الشلبي