واهِمٌ من يظُنُّ أن الحياة الزوجية مقتصرةٌ على الورود الحمراء، والشموع الملونة، والهمسات الناعمة، صحيحٌ أن تلك الأحاسيس والمشاعر أمرٌ ضروريٌّ بين الزوجين؛ لكن حين تفقد المرأة ذلك الإحساس، وتشعُر أن زوجَها صخرةٌ صمَّاءُ لا يُبِين حُبًّا ولا يُعبِّر لها عمَّا بداخله، فلا يعني ذلك أنها خارج دائرة مشاعره، ولا يعني ذلك أنَّ حبًّا آخَرَ يسرقه منها.
إن بعض الأزواج يفتقدون ثقافة التعبير الناعم، وقد يرون في ذلك مياعةً أو صعوبةً، بسبب أنهم تربَّوا في بيت لم يسمعوا فيه كلمة (أُحِبُّك وأخواتها)، ولم يلمسوا فيه علاقة دافئة بين الأب والأُمِّ، فظنُّوا أن الحياة الزوجية مقتصرةٌ على الطَّبْخ والمصروف وفواتير الكهرباء.
ومثل هؤلاء الرجال، كمثل الأطفال الذين يعانون صعوبات في النطق؛ ولكن حالتهم تتمثَّل في صعوبات التعبير عن المشاعر، وهذه المشكلة قد تعاني منها مجتمعات بأكملها.
أخي الزوج، إن البيت الذي تربَّيْتَ فيه ليس بالضرورة أن يكون بيتًا مثاليًّا، والأب الذي ربَّاكَ قد لا يكون قدوةً في كل شيء، والنمط الذي عاشته أمُّكَ مع أبيكَ لا يلزم توريثه لزوجتك.
أختي الزوجة، لا تحكمي على زوجك بجفاف المشاعر، ولا ترميه بالاتِّهامات المرسلة، والأحاديث المنقطعة، فزوجك يحبُّكِ؛ ولكن مشاعره مكبوتةٌ، ولسانه لم يعْتَدْ على الكلام الرقيق ومبادلة المشاعر بالمشاعر، حاولي معه مرة تِلْوَ الأخرى حتى تُزيحي عنه تلك الثقافة السلبية، وبادريه بالعبارات اللَّينة، حتى تجيش مشاعرُه، وينطلق لسانُه.
وتأكَّدوا أن الحياة الزوجية دون حُبٍّ هي حياة موحِشة وهشَّة، وبيت لا حُبَّ فيه، غرباء أهله يعانون مسؤوليات الحياة، وقسوة الجفاء.
عودوا لقواميس السيرة النبوية، وانظروا كم مرة ورد ذكر الحب على لسان حبيبنا وقدوتنا عليه الصلاة والسلام؛ لقد أفصح الرسول صلى الله عليه وسلم عن حُبِّه لعائشة رضي الله عنها، ليس لها فقط؛ بل للعالم بأسره حين سأله الصِّديقُ رضي الله عنه: مَنْ أحَبُّ الناس إليك، قال: ((عائشة…)).