الأربعاء 25 ديسمبر 2024 / 24-جمادى الآخرة-1446

خطوات على سلم النجاح




النجاح حلمٌ يتلألأ في مخيلة كل محبي التفرد البشري,وحاد يحدو بجميع سالكي طرق الإبداع ,الراغبين في صناعة الحياة والتأثير ووضع بصمة واضحة على محيطهم وتاريخهم.
إنه هاجسٌ لايهدأ,وهمةٌ لاتفتر,ودافعٌ لايقهر..
إلا أنا إن دققنا النظر سنجد أنه قلما يدرك الناجح أنه في مقدمة طابور الناجحين!!
بل سنكتشف أنه لا يدرك التركيبة السحرية التي وضعته على سلم النجاح ودفعت به ليبلغ أعلى درجاته !!
وهنا تتجلى أهمية النمذجة البشرية ووضع قواعد محددة لبلوغ أقصى درجات النجاح ومساعدة الراغبين في اللحاق بركب الناجحين لمعرفة الأليات الصحيحة للوصول إلى النجاحات المستمرة,وكذا تبصيرهم لتلمس نقاط القوة الكامنة في ذواتهم وتعلّم إمكانات استثمارها الاستثمار المجدي للوصول إلى القمة في أقصر وقت وأيسر وسيلة.
قام العديد من الخبراء المختصين بمجال التنمية البشرية والإنجاز الشخصي بعمل دراسات واستقراءات كثيرة حول موضوع النجاح خلصوا منها إلى أن الناجحين عادة يتصفون بصفات معينة كانت هي السر وراء نجاحاتهم الباهرة وتميزهم بين أقرانهم ,ثم هناك آليات اتبعها هؤلاء الناجحون دفعت بهمم نحو قمم النجاح في وقت قياسي .
وهنا سنعرض لمجموعة صفات للشخصية الناجحة يمكن لأيّ منا بالمران والمحاكاة الجادة تمثلها في ذاته وجعلها أسلوب حياة وسلوك شخصي سيوصلانه بإذن الله وتوفيقه لما بلغه أولئك الناجحون من تفرّد وتميّز وإنجاز.
1_ الصدق والأمانة:
وهما الصفتان اللتان تميز بهما الرقم واحد المتربع على سلم التميز البشري ,صاحب النجاح المنقطع النظير في الإنجاز وصناعة الحياة ,حبيبنا محمد” صلى الله عليه وسلم” فقلما تجد شخصاً يطلق عليه لقب” ناجح” دون أن يكون متحليا بهاتين الصفتين, بل أنهما صفتان لازمتان لجميع صفات الخيرية في النوع البشري.
والصدق يتدرج ابتداء من صدق مع الله وصدق مع الذات يشع منهما صدق مع الغير؛صدق في العزم والهمة والأداء؛صدق في القول والفعل.
ويفرز ذلك بدوره قدرة فذة على حمل الأمانة بجميع مفرداتها الواسعة والتي تعني الإحسان في جميع مانصنع لإعمار القلوب والبيوت ومنظومة الكون الشاسع.
2_ الإيمان والاعتقاد:
إيمان بسعة كرم الله وإحاطته العناية الكاملة بجميع الراغبين في إعمار الدنيا ونفع الإنسانية, بل إنا إن تأمّلنا سنجد التوفيق الإلهي لا يخص المؤمن الموحّد فحسب بل يعم كل إنسان مجدّ في عمله ,فها نحن نرى جليا أن النجاح صار حليفا لغير المسلم في الشرق والغرب بشرط أن يملئ صدره إيماناً واعتقاداً بأنه موفق وأنه سيتمكن من إنجاز ما يصبو إليه..
بل المفارقة المدهشة أنه حتى لو أقبل الإنسان على عمل شرير بهكذا معتقد فإنه يوفق!!
إذاً فهي سنة جارية في الخلق..ثق بذاتك واعتقد بقدراتك وبإمكانية ماتصبو إليه..”غيّر قناعاتك بصورة سريعة كي تساندك في تحقيق أهدافك التي تتوق إليها” .
3_ الشغف:
وقد تم اختيار هذه الكلمة بدقة فهي مأخوذة من شغاف القلب وهي جلد رقيق يغلف القلب ومنه قوله تعالى” شغفها حبا” يوسف30″.
ونعني بالشغف أن تحبب ماتصنع حبا يملك عليك قلبك ,يجعلك لاتشعر بتعب أو نصب في سعيك الحثيث للظفر بإنجازك ,وابقى هكذا في جمع ماتفعله..
وهذه صفة تجعل صاحبها يشع حماسة ويوحي للآخرين بإمكانية الاعتماد عليه وهكذا سينال أروع الفرص وتتفتح له مغاليق الأبواب والقلوب فهوذو شخصية جذابة ساحرة ومؤثّرة ومقنعة ,يحب الجمع الاقتراب منها والتعامل معها.
4_ وضوح القيم:
“ليس لدى العديد من الناس فكرة واضحة عما هو مهم بالنسبة لهم..وعندما ننظر إلى من حققوا النجاحات الباهرة فإننا نجدهم _في الغالب_ أناسا لديهم شعور أساسي واضح بماهو ضروري فعلا” ولبلوغ ذلك أكتب قائمة بمنظومة القيم التي تلتزم بها في حياتك وتشعر أن الحياة تصبح غير ذات معنى بدونها.مثلا: قيمة الصدق,الفضيلة,الحياء,الوطن,الوالدان…إلخ
وستدرك أهمية مافعلته هنا عندما تبدأ بالتخطيط ووضع استراتيجياتك والتي ينبغي أن تحرص ألا تناقض قيمك الأصيلة.ثق بما أقوله:إن عشت دون قيم فستحقق نجاحات سطحية وستكون شخصية هشة منعدمة العمق والأصالة, وحتى إن بلغت أهدافك على حطام قيمك فلن تشعر بالسعادة الحقة أبدا.
5_ الاستراتيجية:
التخطيط البعيد , والقريب المدى يمثّل الركيزة الأساسية للإنجاز ,واللازمة الأكيدة لطريق النجاح وكما قيل :من لم يخطط للنجاح فقد خطط للفشل.
وإليك خطوات مركزة ومختصرة تعينك على وضع استراتيجيات دقيقة ومدروسة لرحلة نجاحك:
* أكتب قائمة بكل ما تتنمنى تحقيقه وتأمل حصوله في حياتك.
* رتب ماكتبته حسب الأولوية.
* أكتب ثلاثة أسباب تجعلك حريصا على تحقيق كل من هذه الأهداف على حدة.
* أعد النظر في القائمة الأولى وأعد ترتيبها وفقا للأسباب التي كتبتها وذلك حسب أهمية السبب الذي جعلك ترغب في تحقيق هذا الهدف.
* قم بتقسيم كل هدف إلى أهداف ثانوية بمعنى جزّء الهدف قدر ما تستطيع.
* ضع خطة لتحقيق كل جزء تشمل الإجابة عن: متى ,من, أين؟؟؟
* أكتب الإجراءات التي ستتبعها بدقة .
* أكتب وسائل كل إجراء على حدة.
6_ الطاقة:
” من شبه المستحيل أن يتكاسل المرء في المضي قدما نحو التفوق,فالمتفوقون يغتنمون الفرصة ويشكلونها وهم يعيشون كما لو كانوا قد أصيبوا بالهوس بالفرصة الرائعة كل يوم وبأن الوقت هو الشيء الوحيد الذي لا يملك أي إنسان غايته منه”.
لقد علّمنا حبيبنا محمد”صلى الله عليه وسلم” الاستعاذة من الكسل صباحاً ومساءاً وقال: المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف..
الناجحون طاقتهم دوما عالية ويشعر من يراهم بأنهم يتمتعون بصحة عالية وهم دوما لديهم قدرة على الاستمتاع بالحياة وبإنجازاتهم بسبب هذه الطاقة العالية التي يتمتعون بها ,وهي عبارة عن مزيج من الروح المعنوية العالية والاهتمام بالصحة البدنية .
حفّز نفسك دوما بالعبارات الإيجابية وراقب ماتأكل وتشرب وكيف تنام وماذا تلبس؟!
بدنك هو مركبتك التي تحملك إلى عوالم النجاح فاعتني بها.
7_ القدرة على الارتباط:
” يشترك جميع الناجحين تقريباً في قدرة عالية غير عادية على الارتباط بالأخرين ,وهي القدرة على الاتصال وإقامة علاقات حميمة مع أناس من مختلف البيئات والمعتقدات”.
وقد روي في الحديث: “المؤمن إلف يؤلف” , وفي العلوم الإدارية الحديثة أضحى الذكاء الاجتماعي هو الفيصل في تقييم كل متقدم لشغل وظيفة ما..بل غدا المرجح لكفة الميزان لصالح المتقدم الذي يتمتع بهذه القدرة على التواصل الفعال .
8_ إتقان وإجادة فن الاتصال :
” إن طريقة اتصالاتنا مع أنفسنا ومع الآخرين تحدد في نهاية المطاف جودة حياتنا” .
وكما يقال: إن جودة النتائج من جودة المشاعر .وقد غدت أدوات الاتصال هي أدوات السلطة في عصرنا الحالي ,والاتصال الجيد مبدئه اتصال بالله جل وعلا وهو مفتاح فهم الذات والاتصال بها,قال تعالى” نسوا الله فأنساهم أنفسهم” “الحشر19” .
لابد من أجل اتصال فعال بالأخرين وتعاطي جيد مع الحياة من الاتصال العميق بالذات وبلوغ أعلى مستويات الوعي بها,وهناك شبه إجماع على أن الشخصية الجامعة لذاتها شخصية جامعة لقلوب من حولها ولمفاتيح النجاح في يدها.
أخيرا:
بعدما تقرر بذل مجهود مضاعف لتمثل هذه الصفات وبدء رحلة نجاحك الخاصة أرجو الاحتفاظ بهذه المقالة كمرجع لتقييم النتائج وقياسها أولا بأول ,وصدقني لن يمرسوى بضعة أعوام حتى ألقاك على قمة النجاح.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم