يعيش الإنسان خلال فترات حياته داخل العديد من السياقات المختلفة كالأسرة والمدرسة والأصدقاء والمهنة والنادي وغيره. وتظل الأسرة على الدوام هي الأساس لتنميط أشكال الاتصال والأفكار والمشاعر والسلوك والقيم والدوافع والاتجاهات وبناء الشخصية.
ضغوط الحياة وكيفية تعاملنا معها تجعل ردات أفعالنا متنوعة تجاه المواقف التي نتعرض لها، والفرد الذي ينشأ في أسرة سوية يكون أسرة سوية ويتعاطى مع الضغوط بطريقة تكيفية ويقدم نموذج لمن معه في التعامل الصحيح معها.
الخلافات الأسرية موجودة معنا وستظل تظهر من وقت لآخر طالما نحن نعيش مع غيرنا، ومطلب السعادة الدائمة هو حلم ينشده الجميع وأمنية للجميع لكن من الصعب الحصول عليها بشكل مستمر.
ومن ايجابيات هذي الخلافات أنها تقدم لنا فرصة لننمو معرفياً ونتعلم كيفية إعادة بناء العلاقة من جديد وتقوي العلاقة بيننا وينضج بها مستوى تفكيرنا وعقولنا.
يعرف العلماء الأسرة بأنها: ” الوحدة الأولى للمجتمع وأولى مؤسساته التي تكون العلاقات فيها في الغالب مباشرة ويتم داخلها تنشئة الفرد اجتماعياً ويكتسب فيها الكثير من معارفه ومهاراته وميوله وعواطفه واتجاهاته في الحياة ويجد فيها أمنه وسكنه “.
ومن وظائف الأسرة:
1- انجاب الأطفال بشكل شرعي.
2- إشباع الأمن النفسي والحماية لأفراد الأسرة.
3- المكانة الاجتماعية للأطفال لينمو بجميع الجوانب.
4- التنشئة السوية الأطفال وإشباعهم بالجانب العاطفي.
5- الضبط الاجتماعي والتهيئة للتكيف مع مطالب المجتمع من عادات وثقافة.
والمشكلات الأسرية تؤدي إلى تعطيل وظيفة أو أحد وظائف الأسرة.
ومن أحد التعاريف للمشكلة الاجتماعية الأسرية بأنها حالة من الاختلال الداخلي والخارجي التي تترتب على حاجة غير مشبعة عند الفرد عضو الأسرة أو مجموعة الأفراد بحيث يترتب عليها نمط سلوكي أو مجموعة انماط سلوكية يعبر عنها الفرد أو مجموعة الأفراد المتعاملين معه بكيفية تتعارض مع الاهداف المجتمعية ولا تسايره.
ومن أبرز المشكلات التي تواجه الأسرة:
– اضطراب العلاقات الشخصية بين الزوجين كسوء التوافق النفسي والاجتماعي.
– اضطراب شخصية احد الوالدين كمعاناته من المشكلات النفسية كالكآبة وعدم تحمل المسؤولية.
– اضطراب العلاقات بين الآباء والأبناء مما يؤدي إلى فقدان الحب والتواصل الاجتماعي والصراع والشعور بالحرمان والرفض.
– عقوق الوالدين ومشكلات إنجاب البنات وتعدد الزوجات ومشكلة الطلاق وتفكك الأسرة.
– مشكلة التعامل مع أفراد الأسرة المعوقين عقلياً أو حركياً أو حسياً.
– مشكلة العنف داخل الأسرة وخصوصاً ضد الأطفال والنساء.
ويوجد العديد من تصنيفات المشكلات الأسرية منها:
المشكلات الانفعالية والنفسية:
وترجع إلى اختلاف الحالة المزاجية والعصبية لكل من الزوجين فقد يكون احدهما هادئ والآخر من النمط العصبي سهل الاستثارة وبالتالي تنخفض مشاعر السعادة والحب.
المشكلات الثقافية:
وهي ترجع إلى عدم التوافق في العادات والتقاليد والاتجاهات ومستوى التعليم.
مشكلات الأدوار الاجتماعية:
وهي المشكلات التي تنشأ بسبب صراع الأدوار والاعتمادية لأحدهما على حساب الآخر.
المشكلات الاقتصادية:
وهي المشكلات التي تنشأ بسبب ضغوط الجانب المادي وما يترتب عليه من متطلبات.
المشكلات الاجتماعية:
وهي تمثل مشكلات العلاقة بين الزوجين والأقارب والتدخلات.
المرشد الأسري هو الشخص المؤهل والمختص المصرح له بتقديم خدمة الإرشاد والمساهمة في تبصير المسترشد بمشكلته ومساعدته لعلاج مشكلاته الأسرية والمظاهر السلبية التي تواجه أفراد الأسرة.
ولكن يمكننا قبل اللجوء للمختص الأسري أن نتعلم كيف نحل مشكلاتنا بأنفسنا بآليات بسيطة تعتمد على مهارة حل المشكلات وهي تستند على مجموعة من المهارات الاجتماعية في المحاور ومنها مستوى مرتفع من الذكاء العاطفي أو ما يسمى بذكاء المشاعر ومن مهاراته التعاطف مع الآخر والتقبل له بعيوبه ومراعاة الخصائص العمرية للشخص المقابل ثم الحوار برغبة حقيقية للإصلاح ولحل المشكلة وليس لإثبات جهل الطرف الثاني أو خطأه، وهذي الخطوات هي:
– اختيار المكان المناسب والوقت المناسب والطريقة المناسبة.
– وضع المشكلة بحجمها الحقيقي وتهوينها وليس تهويلها.
– حسن الظن والأخذ بالاعتبار نية الطرف الآخر وايجابياته ووضع نفسك مكانه.
– عدم رفع الصوت والتحدث بوضوح وحسن الاستماع.
– عدم ترك المشكلة دون حلول (تحديدها – أسبابها – وضع حلول عديدة – اختيار حل وتنفيذه – تقييمه).
– تقديم وقبول الاعتذار دون محاصرة وإلقاء لوم.
– تقديم التنازلات والنظر للمكاسب من حل المشكلة.
– عدم إخراج المشكلة عن دائرة الزوجين قدر الإمكان في حالة كون المشكلة بينهما.
لذلك فالمشكلات هي مواقف وتحديات مختلفة الأشكال تأتينا فنواجهها وعند التغلب عليها نتعلم كيف نتعامل معها ومع مشكلات شبيهه وتتحول لرصيد تعلم وخبرة في البنية المعرفية الموجودة في عقولنا ثم نوظفها في مشكلات جديدة وهكذا فنحن بحلنا لمشكلاتنا ننمو ونرتقي معرفياً ونزداد خيرة وحكمة في الحياة.
**********************
المرشد الأسري
بقلم أ. مجدي نجم الدين
الاثنين 24/11/1439هـ