الأربعاء 25 ديسمبر 2024 / 24-جمادى الآخرة-1446

مهارة الوعي بالذات



الوعي بالذات هو القدرة على إدراك المشاعر بالضبط خلال المواقف، ويشمل تبعا لذلك البقاء في قمة ردود أفعالك لهذه المواقف والتحديات والأشخاص.
هي مهارة تمثل مراقبة نفسك والتعرف على مشاعرك، وتكوين قائمة بأسماء المشاعر، ومعرفة العلاقات بين الأفكار والمشاعر والانفعالات، واتخاذ القرارات الشخصية ورصد أفعالك والتعرف على عواقبها، وتحديد ما الذي يحكم القرار، التفكير أم المشاعر.
هذي الأفكار والقناعات التي يدركها الأفراد عن قدراتهم وطبائعهم وطبائع الآخرين من حولهم تحدد كيف يسلكون في المواقف المختلفة وكيف ينظرون إلى الآخرين ويسلكون معهم، لذلك فأي تغيير في الطريقة التي يسلك بها الأفراد لابد أن يسبقها تغيير مقابل للمفاهيم والقناعات.
والوعي بالذات هو أحد أبعاد الذكاء العاطفي والذي انتشر على يد عالم النفس الأميركي دانيال جولمان Daniel Goleman.
الذكاء العاطفي أو ما يسمى الذكاء الوجداني أو ذكاء المشاعر بدأ بالظهور كمفهوم في بداية التسعينات من القرن الماضي، واهتم الباحثون النفسيون بالتأصيل النظري والمكونات وعلاقته بباقي المفاهيم المرتبطة به ومنها الذكاءات المتعددة.
الأشخاص الذين يمتلكون وعياً بذواتهم يكونون دائماً في حالة استبصار دائم بواقعهم وقت الغضب وعند الاكتئاب والتصرف بشكل خاطئ، وهذه الميزة التي يملكونها لا توجد عند الجميع، فالعديد من الناس يمتلك مشاعر سيئة تجاه غيره ولا يعرف السبب في عدم ارتياحه من هذه المشاعر.
ومن خلال دراسة الذين لديهم بعض الاضطرابات السلوكية أو العدوانية في التصرفات فهم لا يتقنون معرفة عواطفهم ومشاعرهم، ولا يحسنون التعبير عنها بالكلام أو الكتابة، مما يجعلهم يشعرون بالغضب أو الانفعال من غير أن يعرفوا السبب الحقيقي.
وبالمقابل فالأثر الايجابي لارتفاع مستوى الذكاء الوجداني على تقدير الفرد لذاته كبير، سواء على المستوى الشخصي أو الاجتماعي أو الأسري وأثر هذا الذكاء في نجاح الفرد في الحياة والسعادة مما يحقق له مزيد من التقدم والرقي، إلى جانب ذلك فالذكاء الوجداني يعد بمثابة أهم مفتاح من مفاتيح النجاح في الحياة المهنية، بل يلعب الذكاء الوجداني دوراً هاماً في التنبؤ والإسهام في النجاحات الأكاديمية وبخاصة التحصيل الدراسي.
ومن البديهي فنحن إن أدرنا رفع مستوى ذكائنا العاطفي فنحن نحتاج لرفع قدرتنا على التمييز الصحيح والدقيق لعواطفنا، وعلى تسمية هذي العواطف بشكل دقيق، وبالتالي إغناء ذخيرتنا من الكلمات والمفردات ذات المدلول العاطفي.
ومما يؤكد ذلك أن الأفراد الذين لديهم بعض الاضطرابات السلوكية أو العدوانية يعانون من ضعف في مهارات التواصل وفن التعامل مع الغير وهو ما يسمى بالأمية العاطفية.
وهي مؤشر عام لعدم قدرتهم على إتقان فهم مشاعرهم وعواطفهم، فهم ولا يحسنون التعبير عن هذه المشاعر بالكلام أو الكتابة أو الإيماءات مما يجعلهم يشعرون بالغضب أو الانفعال خلال كل اتصال مع الغير من غير أن يعرفوا السبب الحقيقي، ولمعالجة سلوك هذه الأمية العاطفية لديهم يجب عليهم أن يقوموا بالالتحاق ببرامج التعليم والتدريب المختصة بفن التواصل والتعامل مع الآخرين وفهم أنماط طباعهم والتدريب على التعبير الدقيق والمناسب لعواطفهم.  
مهارات الذكاء العاطفي كثيرة ونجد الكثير ممن حولنا متمكنين من انفعالاتهم ويتميزون في كل ميادين الحياة، وهم في الغالب ذوو تحصيل دراسي متوسط أو فوق متوسط، مما يؤكد أن هذه المهارات وهذا النوع من الذكاء قابل للتنمية بل وللإكساب عن طريق التدريب والممارسة.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم