حرصت حكومتنا الرشيدة على مكافحة الإرهاب حتى نعيش بأمن وأمان تحت ظلها، وتشير الإحصائيات أن نسبة الجرائم في مملكتنا الحبيبة انخفضت في عام ٢٠١٦م بنسبة ٤.٥٪ مقارنة مع عام ٢٠١٥م
ولو رجعنا إلى أول تاريخ المملكة قبل توحيدها لوجدنا أنها كانت تغرق في أنواع من الجُنح والفتن؛ ومنذ أن وحدها الملك المؤسس عبد العزيز رحمه الله تلاشت بفضل الله ثم جهود المخلصين من الرجال معه؛ فصارت المملكة إلى ما صارت إليه الآن من الخير والبركة.
نجوب بلادنا من الشمال للجنوب ومن أقصى الشرق للغرب ونحن آمنون..
بل وتتوفر جميع الخدمات التي نحتاجها ولله الحمد والمنة؛ نترك ممتلكاتنا ونسافر لانخاف عليها، ننام في بيوتنا ونصلي في مساجدنا ونحن آمنون، تقف سياراتنا عند أبوابنا ولا نخشى سرقتها؛ كل هذا من فضل الله علينا وعلى هذا البلد الطيب، وكانت استجابة دعوة أبينا إبراهيم ﷺ حينما دعا ربه في أول مهامه “وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا”
فاستجاب الله له وبارك في هذه البلاد وجعلها مستقرة آمنة مطمئنة.
الأمنُ أحبتي الكرام مِنَّة إلهيَّة، ونفحة ربَّانية، امتنَّ الله بها على عباده، قال سبحانه: “فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْف”﴾ وقال جل في علاه: “أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ”.
الأمن مطلب مهمٌ للإنسان ليعيش في هذه الحياة بسلام ولينتقل بعدها إلى دار العطاء والسلام براحة واطمئنان .
وخذ أمثلة على ذلك ..
يوسف ﷺ حينما حصل ماحصل له مع أبويه وإخوته طلب منهم في نهاية قصته أن :” ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين”؛ لأن الأمن في بلاده تحقق في كل شيئ.
موسى ﷺ كان خائفًا وَجِلًا من عدم توفيقه وتحقيق أهداف رسالته؛ فقال له عز وجل:” يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِين”.
وقال سبحانه عن أهل سبأ:” وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِين”؛ أنعم عليهم ربنا بنعم متتالية من رخاء وبهجة وطيب إِقامة، وأمن وأمان ميسر؛ لأنهم كانوا سببًا في تحقيق ذلك.
ولمَّا دخل النبي ﷺ مكَّة عامَ الفتح، منَح أهلها الأمن وهو أعظمَ ما تطيب به نفوسُهم، فقال ﷺ : “مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِن” رواه مسلم.
ويكفي في بيان نعمة الأمن ما قاله النبي ﷺ :
“مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا” رواه الترمذي
إذًا فلنحمد الله على هذا الخير الذي بين أيدينا، ولايجوز لأحدٍ أن يعبث بنعمة الأمن أو يخربها أو يفسدها ولا نسمح له، كما لا يجوز أن يُفزِّع الناس أو أن يتم تشويه صورة الإسلام الذي يعيشونه؛ بسبب أفكارٍ منحرفة ليس لها بالإسلام صلة، وخاصة أن مردّها الفشل الذريع والخسارة.
ولا يتأتى هذا الأمن والأمان إلّا بأسباب كثيرة منها؛ توحيد الله وتعظيمه في النفوس والخوف منه في السراء والضراء، كما قال سبحانه: “وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْض”.
وكذلك السمع والطاعة لولاة أمورنا وعدم الخروج عليهم في المنشط والمكره، لأن الحق سبحانه أوجبه علينا حيث قال: ” يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ”
والبعد عن المعاصي والآثام التي لها الأثر السيئ والواضح على المجتمع؛ لأنها تجرّ المصائب والبلايا، والشقاء الدنيوي ، هي المعاصي: “وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون”.
ومن الوسائل المهمة لذلك الاستثمار الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي والتقنية بشكل عام، لأنها تفشت بشكل كبير بين شرائح المجتمع على اختلافها؛ فلنتقي الله فيها ولنستفد منها ونجعلها سبيل خيرٍ إلى السعادة.
ختامًا ،،
لنجعل أمن بلادنا هذه لوحة جميلة نشترك جميعًا في صنعها بأيدينا، وذلك بالاستقامة على ديننا، وبأداء صلاتنا، وبرِّ والدينا، وصلة أرحامنا، وتوقير كبيرنا، ورحمة ضعيفنا، وأن نقف مع وليّ أمرنا ونعرف لعالمنا حقَّه.
هذه اللوحة نشترك جميعًا في صنعها حينما نتعامَل في حياتنا بالوسطية المطلوبة؛ بعيدًا عن التطرف.
فعلينا أن نتقي الله في المحافظة على أمننا وأن نشكر نعمة ربنا ليلًا ونهارًا حتى يديمها علينا ولنتذكر قول الحق سبحانه: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد”
محبكم
المستشار الأسري رائد النعيم