السبت 21 سبتمبر 2024 / 18-ربيع الأول-1446

زوجي الحبيب افهمني هذه حاجاتي .



 

 

 في مقال سابق كان الحديث مرتكزا على حاجات الرجل التي يطلبها من زوجته ولخصناها في خمس حاجات

( الثقة ـ التقبل ـ التقدير ـ الإعجاب ـ التشجيع ).

 

 

وفي هذا المقال نتناول بإذن الله حاجات المرأة التي تنتظرها من الرجل وهي خمس أيضاً .


وقبل أن أبسط الحديث في هذه الحاجات أحب أن أهمس في أذنك أخي الرجل أنك بقدر ما تعطي المرأة بقدر ما تأخذ منها , وكما أن لك حاجات تطلبها من زوجتك فهناك حاجات خاصة بها تطلبها منك ,وعلينا أن ندرك هذه الحاجات ونتعلم بعض تطبيقاتها كي نسعدها ومن ثم تنعكس هذه السعادة على من في البيت أجمع .

 


مع الأسف مازال البعض يجهل كيفية التعامل مع شريكة حياته متخذا من توصيات وإرشادات الزملاء والعامة منهجا يتبعه في التعامل مع زوجته ,

 

إحدى السيدات أخبرتني أن زوجها مزاجي غريب الأطوار كل يوم له طريقة في التعامل معها ـ ولا غرابة في ذلك فقناعاته خارجية يتلقاها من الآخرين ـ أفكار أصحابه وأساليبهم حاضرة في بيتي , زوجي هو الوحيد الحاضر الغائب .


وقصدت من هذه المقدمة أن نبتعد عن الارتجالية في معاملة الرجل لزوجته خاصة وقد كثرت الدراسات وتنوعت المواد المرئية والمسموعة والمقروءة في ذلك.

 


لن أطيل عليك أخي القارئ الكريم وسأدلف إلى مادة هذا المقال التي تتناول حاجات المرأة .


أولا: حاجة المرأة إلى الاهتمام والرعاية.
قد تأتي هذه الحاجة على رأس الأولويات بالنسبة للمرأة ,فالمرأة تحب الرجل الذي يهتم بها ويعتني بمشاعرها فكلما أحست المرأة باهتمام الرجل بتفاصيل حياتها كلما أحبته ووثقت به.
اسأل عنها كلما افتقدتها أو شعرت بكثرة سرحانها , كن دائم السؤال عن أهلها وخصوصا والديها , شاركها فيما يفرحها أو يحزنها , خصص وقتا للجلوس معها وانصت لها ولا تكثر من مقاطعتها لأنها إن لم تتحدث معك ستتحدث مع غيرك وقد تجد توجيها خاطئا , اهتم بمواعيدها وأشعرها بحرصك على إنجاز أعمالها، لا تجد منك إهمالا لها خصوصا وقت مرضها أو عندما تشتكي لك , وأخيرا شجعها على كل إنجاز تقوم به .

 


ثانيا :الفهم
تحتاج المرأة لرجل يفهمها ويكون خبيرا في التعامل مع مشاعرها فلا يقلل منها أو يقابلها ببرود .
ولكي يفهم الرجل المرأة عليه أن يدرك أن ثمة فروق نفسية وفروق في التفكير بينهما , فحينما يميل الرجل للعقلانية والتفكير المنطقي تميل المرأة للعاطفة ولغة الدموع وعلى الرجل ألا يقلل من نظرتها العاطفية للأمور فهكذا جُبلت ,وإذا كان الرجل يعبر عن حبه بالماديات فالمرأة تعبر عن حبها بالمشاعر وترغب من زوجها أن يعبر عن حبه لها بمشاعره ,وإذا كان الرجل مقل في استخدام اللغة اللفظية فإن اللغة اللفظية عند المرأة أكثر لذا فهي تعشق الرجل الذي ينصت إليها ويتفهم وجهة نظرها .


متى يدرك الكثير من الرجل أن المرأة عندما تشتكي لا تطلب من الرجل حلاً بل تنشده المساندة والمؤازرة !

كم تعشق المرأة ذلك الرجل الذي يقف في صفها وينصفها حتى من الأقربين .

المرأة خلقها الله شديدة الحساسية غيورة فاحذر أن تتلاعب بمشاعرها .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى »، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟!
فَقَالَ : « أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ ».
قَالَتْ : أَجَلْ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ . رواه مسلم
تأمل معي في هذا الحديث مقدار فهم النبي صلى الله عليه سلم لزوجته عائشة رضي الله عنها حيث أنه لامس مشاعرها وأشعرها بفهمه الدقيق لها .

 


ثالثا : الاحترام
أعجب من بعض الرجال الذين تراهم كالملائكة في تعاملهم مع الآخرين لكنهم في بيوتهم غير ذلك تماما فهو شتام لعان بذيء سيء الخلق .
المرأة تحب الزوج الذي يحترمها , يناديها بأحب الأسماء وينعتها بأجمل الصفات , يكرم أهلها ويحترمهم ويبتعد عن ذكر مثالبهم إكراما لزوجته .
كم يؤسفنا أن نجد رجالا سرى في أعرافهم التقليل من شأن المرأة وعدم احترامها ومعاملتها بطرق بشعة يضربون لأتفه الأسباب ويكثرون من الشتم والتقبيح ناسين أو متناسين قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( استوصوا في النساء خيرا فإنهن عوان عندكم ). الترمذي وحسنه الألباني .


كما أن البعض قد فهم القوامة فهما خاطئا ,فأخذ يمارس قوامته على المرأة كنوع من القهر والإخضاع بالقوة ونسي قول الله تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) البقرة/228 وقوله ( ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم وبينهم مودة ورحمة ) الروم 21

إذا فاحترام الرجل لزوجته حاجة مهمة تنتظرها منه لا تتعارض مع قوامته .

 


رابعا : الإخلاص في الحب .
تذكرني هذه الحاجة بقول الشاعر:


لا تُتعبي نفسك يا غالية
في البحث عن تجاربي الماضية
كل نساء الأرض في كفةٍ
وأنتِ يا أميرتي
في الكفة الثانية.

 


لا أظن أن هناك امرأة في العالم إلا وترغب أن تكون هي الرقم واحد في حياة زوجها ,الكثير من الرجال يحبون زوجاتهم لكنهم يخفقون في إيصال هذا المعنى الجميل لديهن .
عندما يكون الحديث عن حب الرجل فالزوجة لا تريد أن يتقدمها أحد في قلب زوجها مهما كانت قرابته , يخطئ بعض الرجال عندما يبالغ في وصف مشاعر حبه لأمه أو لأخته أو حتى لابنته أمام زوجته ,لأن ذلك قد يؤذيها ويشعل نار الغيرة في قلبها .


الرجل الناجح هو من يخلص في حبه لزوجته ويشعرها دائما بأنها الرقم واحد في حياته وليس الأوحد.
أفصح عن حبك الكبير لها .وعبر عن مشاعرك الطيبة تجاهها قولا وعملا , وقم بمراسلتها بن الحين والآخر, ولا تغفل جانب المدح والثناء والتغزل فكل ذلك يشبعها عاطفيا والمرأة إذا ارتوت عاطفيا أحبت الرجل وإذا أحبته منحته كل شيء.

 


خامسا وأخيرا : الاطمئنان .
شعور الزوجة بالطمأنينة والأمان مع زوجها حاجة ملحة لدى المرأة ,فعندما تجد المرأة نفسها مطمئنة آمنة تندفع قدما في تشجيعه ووضع الثقة فيه .


البعض من الرجال عندما تحدث بينه وبين زوجته مشكلة يسارع في التهديد بالطلاق أو بالزواج بأخرى الأمر الذي يجعل الزوجة في قلق دائم وخوف مستمر مما يجعلها تحجم عن تقديم الدعم له ويقلل من ثقتها به .


أشعرها بحبك لها وسعادتك وأُنسك معها وادع الله وأسمعها أن يبقيها الله لك زوجة في الدنيا والآخرة .

 


وفي الختام أحب أن أنوه على أن هذه الحاجات قد يشترك فيها كلا الجنسين فالثقة مثلا حاجة لدى المرأة لكن حاجة الرجل إليها أكثر , والاهتمام حاجة لدى الرجل لكن حاجة المرأة له أكثر من حاجة الرجل وهكذا .

 


عزيزي الرجل هذه المرأة هي زوجتك وشريكة حياتك وأم لأبنائك وقيامك بتوفير حاجاتها سيصب في مصلحتك ومصلحة بيتك وأبنائك وسيجعل الحياة بينكما أكثر استقرارا وأمانا , وتذكر أن المرأة عندما تمنحها القليل سترد لك أضعافه فلا تبخل على نفسك !


ما أجمل الحياة الزوجية عندما يسودها جو من التفاهم , تعرف المرأة حاجات زوجها ويعرف الرجل حاجات زوجته ويلبي كل واحد حاجات الآخر دون من ولا أذى .

عندها ستتحقق الحياة الزوجية السعيدة , وستخلق البيئة الجاذبة , وتنحسر المشكلات , وكل هذا سينعكس على سلوك الأبناء مما يجعل الأسرة بأكملها تتمتع بصحة نفسية عالية .

 


أسأل الله أن يديم علينا وعليكم المودة والرحمة , ويبارك في أعمارنا وأعماركم ويعمرها بطاعته .

 

 

 

 

 

 

 


تصميم وتطوير شركة  فن المسلم