الأحد 24 نوفمبر 2024 / 22-جمادى الأولى-1446

الحُب والخوف!



سؤال: هل يسكن ( الخوف ) في الحُبّ الحقيقي؟ الحُب شيء جميل تراه بين كل الكائنات، وهو يسكن الروح وليس القلب، لأن الأرواح هي التي تتآلف أو تتنافر، وإن تآلفت الأرواح أصبح بينها ود ثم محبة خالصة, ثم حبّ حقيقي، حب من أجل الحب لا شيء سواه، حب نحب به الطرف الآخر لأننا جُبلنا على الحب وفُطرنا عليه، وهو حاجتنا وسر سعادتنا الداخلية التي أودعها الله في قلوبنا، فالحبيب يُحب حبيبهُ بغض النظر عن حاله وصفته وشكله ولونه، ذاك هو الحب الذي نعنيه وننشده ونسأل الله تعالى الكريم أن نخلص إليه.

الحبّ الحقيقيّ هو في نظري – وربما في نظرك أنت عزيزي القارئ الكريم – أن تزرع في طريق من تحبهم وردة حمراء… وتزرع في خيالهم حكاية جميلة… وتزرع في قلوبهم نبضات صادقة… ثم لا تنتظر المقابل إلا من الله … الحب ليس له تعريف إلا الحبّ ذاته. الحب الحقيقي الذي نتكلم عنه هو حب صادق نابع من القلب، لا تشوبه تداخلات المصالح أو أي أمور دنيوية أخرى، وهو رغبة الإنسان بوجود من يحبّ قربه لا أكثر، ولو أردت التكلّم عن الحب وصدق مشاعره سيطول الحديث، ولكن يكفي اللبيبَ الإشارةُ…

ومع هذا فإن البحث عن الحب الحقيقي في هذا الزمن أمرٌ عندما يفكرُ فيه العديد من الأشخاص يجدونهُ صعباً ونادر الوجود، وهناك العديد من الأشخاص الذين يبحثون عن الحب الحقيقي في المكان الخاطئ، وهناك أيضاً من لا يعرف ذلك المعنى طوال حياته… فالحب الحقيقي هو الأمان فكيف لنا أن نخافه! إنه أسمى وأرق من أن نخافه!… وأول علامات ” الحب الحقيقي ” هي الراحة النفسية والاطمئنان، والسكينة التي يقذفها الله تعالى في قلب العبد فيجد الأنس والسكن والطمأنينة مع حبيبه، فيختفي الشعور بالقلق عند حضور الحبيب، والشعور بقربه يكون طاغياً على المشاعر الأخرى كلها، ويكون الحبيب في مقدمة الفكر والأولويات، فيشرك المحبّ محبوبه في كل ما يفعله، هذا الحب هو حب حقيقي، ولا مانع من وجود أكثر من حب حقيقي في فترات مختلفة من الحياة، كذلك لا مانع من وجود أكثر من حب حقيقي عند الإنسان في الوقت نفسه، فحُبّ الله سبحانه وتعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم مُقدَّمان على كل شيء، وحب الأهل والأصدقاء، وحب الزوجة والأولاد يملؤون القلب في الوقت نفسه. وحتى نكون أكثر دقة فيما نقول بشأن الحب، فإن للحب وبلا أدنى شك أنواعاً وصوراً يجب التعرف إليها أولاً… فمن تلك الصور وهي :

أنواع الحُبّ:

  • الحُب في الله سبحانه وتعالى.
  • الحُب بين الآباء والأبناء.
  • الحُب بين الأخوة والأصدقاء.
  • الحُب بين الزوج وزوجه وبين أفراد الأسرة الواحدة.
  • حُب الإعجاب، سواء كان موجَّهاً نح لشخصية عامة كعالم أو نحو ذلك، أو حُبّ شخص يحمل صفات مميزة.
  • حُب الأشياء أو الصفات، كحُب الجمال وكل شيء جميل، حُب القوة، حُب النفوذ والسيطرة، حُب الرحمة والاحترام.

في الواقع… إن أنواع الحُب كثيرة، ولكن دعونا نتطرق للحُب بين طرف وآخر، فالحُب شيء جميل يبحث عنه معظم الناس في كل مراحل حياتهم، وهو مطلب الجميع في كل الأحوال، فكل شخص يبحث ويسعى أن يكون محبوباً بين الناس ومميزاً ليحظى ببعض الاهتمام من الطرف الآخر، بحيث يجعله متميزاً عن نظرائه من بني جنسه، وغالباً ما يلجأ إلى تطوير ذاته وإبراز مزاياه وحسناته لِيَلفت إليه الأنظار.

 

ودائماً ما يبقى الشك والخوف من المجهول سيِّدَي الموقف في بداية أي علاقة بين المتحابين مع الرغبة في فرض الهيبة أو رمي الكُرة في ملعب الطرف الآخر، خوفاً من الصدمة التي قد يتعرض لها الشخص، لأنه دائماً يصحب العلاقة في بدايتها شعور متضارب يصعُب تفسيره على الرغم من أنه جميل ويُضفي على صاحبه النشاط والانتعاش والانطلاق.

ولكن يبقى دائماً السؤال الأبرز في بداية أي علاقة أو حتى مع استمرارية العلاقات، من سيُظهر مشاعره أولاً؟ ولم التردد والخوف؟

هناك عدة أمور تحدد جواب هذا السؤال، ومنها:

– قوة الشخصية:

هناك أشخاص قادرون على الاعتراف بالحُب مع تحمل النتائج مهما كانت، وتوقع الفشل أو الرد الصادم من الطرف الآخر، فكُلما كان الشخص قادراً على التحكم بمشاعره وكلما كان متفهماً لقدره كانت جرأتُه أكبر لِيُقْدِمَ على الاعتراف بالحُب لمن يُحب.

– قوة العلاقة ودرجة الارتباط والمحبة:

درجة الحُب لها دور كبير، فكلما زادت درجة المحبة قَلَّتْ معها فُرصة الاعتراف بالمشاعر لمن يُحب.

– بعض الظروف المحيطة:

كالظروف المالية أو الاجتماعية وغيرها.

– الخوف:

كالخوف من ردة فعل الطرف الآخر وجوابه.

– الضعف:

كثير من الناس يرون أن الحُب ضعف، ومحض الاعتراف بالحُب هو تسليم أو تنازُل عن حق من حقوقهم، وهذا عكس الحقيقية، فالحب صورة من صور الشجاعة الحقيقية.

– الخوف من فقدان أجمل مشاعر الحُب وأصدقها، وهذا الخوف يكون دائماً في بداية أي علاقة حين يكون الشخص مندفعاً نحو الانطلاق والانتعاش.

 

 

وللحفاظ على الحُب يجب الالتزام بمواثيق الحُبّ، وهي:

  • الصدق.
  • الأمانة.
  • النية الصادقة.
  • الإخلاص.

ولا شك بأن الحُب شعور جميل لا يمكن وصفه إلا بعد تجربته، ولكن يجب الحذر من أن أي علاقة محرمة تكون نهايتها مؤلمة وحزينة، فكل ما هو في مرضاة الله تعالى سعيد وجميل، وكل ما هو غير ذلك يكون نقمة على الإنسان وليس نعمة.

 

****

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم