ياسر أحمد اليوبي
التربية مصطلح ذو مفهوم واسع تتجلى في إطاره تعليم القيم والأخلاق وسن المبادئ الحسنة، ولا شك أن كل أب وكل أم يسعون سعيا حثيثا لغرس أرقى القيم وأنبل الأخلاق في نفوس أبنائهم وبناتهم، فالأسرة هي الحقل الأول لتلك البذرة الجديدة لكنها ليست الوحيدة،
في السابق كانت الأسرة النواة والإطار العام لعملية التنشئة، ثم يتسع الإطار ليشارك في العملية الأصدقاء والعشيرة وجماعة المسجد والمدرسة، والذين كانت تربطهم في الغالب صلة قرابة، أما اليوم، وإضافة للأسرة يشارك الفضاء في عملية التربية عبر ما يبثه من خلال التلفاز،
فالإنترنت أشبه بالبحر الذي لا قاع له، فكيف يترك الناشئ في بحر متلاطم أمواجه؟، وما يصل عبر أجهزة الجوالات الحديثة أدهى وأمر والتي أصبحنا نراها في أيدي الناشئة بل وحتى الأطفال للأسف.
إذا نحن أمام عملية معقدة متنوعة العوامل مختلفة المصادر والمنابع رغم تكاملية العملية،فالتعامل مع الناشئ كي تحسن تربيته أضحى اليوم كالمشي وسط الألغام، ويحتاج فيه المربي سواء كان أبا أو أما أو معلما، إلى التعامل مع الناشئ بأساليب الوعود لا استخدام الوعيد والتهديد،
فالترغيب والتشجيع أكثر جدوى من الوعيد، أضف إلى ذلك استخدام عبارات الشكر والثناء فلها الأثر الأبرز في نفوس الناشئة، فالشكر دافع للعطاء ومحفز على بذل الكثير،
كما يجب الابتعاد عن التهديد والتذكير بعذاب النار والذي رأيته واقعا ملموسا، إذ يهدد الأب طفله الصغير بأنه إن لم يفعل كذا وكذا فسوف «يدخلك الله النار»، أو سوف تعاقب عقابا جسديا مؤلما، وهذا خطأ فادح يقع فيه كثير من الآباء والأمهات، حتى وإن استجاب الطفل لما يؤمر به من الوعيد فعاقبة ذلك لا تحمد،
لأن استجابته للأمر تكون اتقاء للعقوبة فقط، وذلك الأسلوب أشبه بالحشو والتعبئة، ويرى بعض المختصين أن بعضا ممن ارتد أو شاب تفكيره شيء من التشويش واختلطت عليهم الأمور، مورست عليهم أساليب الوعيد بالنار لتنفيذ بعض الواجبات في الصغر خاصة الدينية منها،
والبديل لذلك التعامل بالوعد بالجنة ونعيمها وأنه سيكافأ مكافأة سخية إن هو فعل، وأنه يحرم من الجنة والمكافأة إن لم يفعل، بعيدا عن ذكر النار والعقاب خصوصا في السن المبكرة وبدايات التكوين المعرفي.
____________________
صحيفة “عكاظ”، الثلاثاء 19 ذو الحجة 1432 (15 نوفمبر 2011).