تُعنى المنظمات الخيرية بتقديم الخدمات الاجتماعية والتنموية للفئات الأكثر هشاشة في المجتمع أو التي لا تستطيع تأمين بعض متطلبات الحياة الأساسية، مثل تأمين الغذاء واللباس أو حتى تزويج الشباب و توعيتهم أسرياً أو مهنياً. وهي تقوم بدور هام في المجتمع إلى جانب المؤسسات العامة والأعمال في تحسين الحياة الاجتماعية من النواحي المادية والمعنوية، كما أنها تقوم بدور لا غِنَى عنه في تعميق المعنى والغايات السامية في المجتمع وفي تحويل الأخلاق والنيات الحسنة إلى أعمال نبيلة. ومن هنا وجب أن تهتم المنظمات الخيرية بطريقة إدارتها وحوكمتها لأعمالها أمام المجتمع للوفاء بدورها وتحقيق ما يتوقع منها مستخدمة الأدوات التقنية التي أصبحت متاحة أكثر من أي وقت مضى.
تتعلق الحوكمة بالطريقة التي يتم من خلالها إدارة أعمال المنظمة من النواحي الإدارية والمالية. أما نظام الحوكمة فهو مجموعة القواعد والمبادئ والسياسات والإجراءات و البنى الإدارية التي تنظم عمل المنظمة ودورها. إن بناء نظام الحوكمة الرشيدة هي من مهام مجلس الإدارة والذي يشرف بشكل مباشر على فريق إداري وموظفين يقدمون الخدمات للمستفيدين ويسهلون إسهامات المتطوعين والمتبرعين والداعمين لتعظيم دورهم في المنظمة بما يعود على المستفيدين والمجتمع بأفضل النتائج.
تقوم مبادئ الحوكمة الرشيدة عالمياً على ثلاثة مبادئ أساسية هي:
- الشفافية: حيث تتعلق الشفافية بالإفصاح الإداري والمالي أمام المهتمين من عموم الناس وأمام المتطوعين والمتبرعين المحتملين وايضاً المستفيدين، وكذلك أمام الجهات العامة والخاصة.
- المشاركة: هي مشاركة الفئات سابقة الذكر في قيادة المنظمة الخيرية وإدارة أعمالها – مع الاحتفاظ بشخصية المنظمة ورسالتها – فتكون بذلك أكثر استجابة لحاجات الناس وتطلعاتهم وأكثر حساسية لتحفظاتهم و تفضيلاتهم وأكثر قدرة على التأثير فيهم.
- المحاسبة: هي النتيجة الطبيعية للشفافية والمشاركة بحيث يسمح القائمون على المنظمة الخيرية للناس بمحاسبتهم ونقدهم وتصحيح مسارهم إن تطلب الأمر مرحبين بتبادل النقاشات والمعايير والرؤى ودراسة الأوضاع الحالية وطرق العمل الأكثر فعالية.
إن مبادئ الحوكمة الرشيدة تزيد من ثقة المجتمع بالمنظمات الخيرية وتساعدها في الحصول على المزيد من التبرعات وفي اجتذاب عدد أكبر من المتطوعين الشغوفين والموهوبين، وبالتالي تحقيق أهدافها الاجتماعية بشكل أوسع.
الحوكمة بأدوات التقنية
يمكن للمنظمات الخيرية استخدام مجموعة من الأدوات التقنية لتقوية نظام الحوكمة لديها. من أمثلة هذه الأدوات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لعرض معلومات حديثة ودقيقة وجذابة عن مشاريعها وأعمالها وأيضاً تفاصيل خدماتها والمبادئ التي تعتمد عليها لمعالجة المشاكل الاجتماعية المستهدفة وتحقيق مستوى العدالة الاجتماعية الذي تبتغيه والغايات والنتائج التي تطمح إليها. وكذلك فتح باب النقاش وسماع الآراء والأفكار الجديدة والانتقادات، مستخدمة الكلمة والصورة والأفلام القصيرة.
كما أن استخدام نظم إدارة موارد المنظمة البرمجية وقواعد البيانات مثل أنظمة المحاسبة وإدارة الزبائن والمستفيدين يمكّن المنظمة من تقديم معلومات دقيقة وآنية عن خدماتها. كما يمكن ربط هذه الأنظمة مع واجهات على موقع المنظمة تظهر فيه لوحات قيادة بمعلومات ملخصة ودقيقة ومحدثة لحظة بلحظة مثل أهداف التمويل الحالية وعدد المستفيدين وعدد مرات تقديم الخدمة ومميزاتها. كما يمكن أن يستفاد من موقع المنظمة على الانترنت ليحوي الأرشيف الكامل لنشاط المنظمة والتفاصيل المالية والإدارية الخاصة بها. ويمكن أيضاً أرشفة وتلخيص النقاشات التي تجري على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المناسبات والمنتديات التي يمكن أن تقيمها أو تشارك فيها المنظمة الخيرية والخطوات التي اتخذتها المنظمة للاستجابة لها ولمعالجتها، كل ذلك على موقعها على الانترنت بحيث يسهل العودة إليها، موضحة في صور وإنفوغرافيك وعروض تقديمية وأفلام كرتونية، كما يمكن الاستفادة من هذه المعلومات في البحوث الاجتماعية.
يمكن أن تنشر المنظمة أيضاً رؤيتها وأهدافها ومشاريعها المستقبلية وبُناها الإدارية وكيفية الحصول على الخدمات وشروطها والأقسام المكلفة بتقديمها والقيام بالاستفتاءآت والتصويتات على الانترنت وفي المنتديات والتجمعات والمعارض مستخدمة الشاشات الذكية والألعاب التفاعلية والواقع الافتراضي وغير ذلك من أساليب الافصاح والمشاركة.
وبذلك نجد أن التقنيات الحديثة قد وفرت للمنظمات الخيرية طرقاً عديدة لإظهار وتطوير نظام الحوكمة لديها وتطبيق مبادئ الشفافية والمشاركة والمحاسبة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي والبرمجيات الإدارية ومواقع المنظمات على الإنترنت وأثناء الاجتماعات والمنتديات والمعارض بأفضل ما يمكن، بحيث تكون المنظمة جزءاً عضوياً من المجتمع الذي تخدمه وبحيث تظهر احترامها للناس وتكسب احترامهم وثقتهم.
المصدر : http://www.mozn.ws