السبت 21 سبتمبر 2024 / 18-ربيع الأول-1446

لموا شملي بأسرتي



نداء غصت به مُقل المثقلين بالديون، وتتابعت عبراتهم وهم يرمقون إقبال شهر رمضان المبارك عن كثب، يتخيلون تلك الأردية الجديدة التي توهب للحياة بمجرد أن يتقوس الهلال بابتسامته الجميلة، وإطلالته الرائقة على قلوب العاشقين، يتمنون أن ترق لهم قلوب الدائنين فيطلقوهم من أسر الحاجة، وقيد الوفاء الذي لا يطيقون!!

(الغرماء) أصحاب حقوق مثبتة، وأمام الغريم أن يخفف عن مدينه قليلا أو كثيرا أو إمهالا أو إعفاء، فلعل الله أن يخفف عنه يوما هو أحوج ما يكون فيه إلى التخفيف، ولعل التخفيف من المبلغ يكون فرصة للسداد، وماذا سيستفيد الدائن حين يحبس المدين المعدم؟! فلو أنه أطلقه لوجه الله تعالى لربما كان في ذلك فرص ليبحث عن سبل الحصول على المال، فيرد إليه دينه، وأما إذا أبقاه في محبسه فليس ثمة مصلحة في ذلك، بل يحرم أخاه من حياته مع أسرته، ومن مزاولة عمله، ومن عبادات كثيرة لا يتمكن منها وهو في سجنه، وربما أثر ذلك في صحته النفسية، وفي علاقاته الاجتماعية، بل وربما أثر في مكانة أسرته في المجتمع، وأحرج والديه وإخوانه وزوجته وأولاده، وضيق عليهم سبل المعيشة.

وأما إذا كان الغريم قد أثقل المدين بما ليس له شرعا، وإنما هو (ربا) زاده عليه مستغلا حاجته إلى المال، فهذه فرصة قبل رمضان أن يتوب إلى الله تعالى من هذه الكبيرة، ولعله بذلك يحظى برأس ماله، فلا يظلِم ولا يُظلم.

ومن أجل أن يسهم كل فرد في هذا المجتمع في هذا الخير، فقد أطلقت محكمة التنفيذ في الأحساء -بإذن من إمارة المنطقة الشرقية ورعاية كريمة من محافظة الأحساء، وشراكة مع جمعية البر وجمعية التنمية الأسرية بالأحساء- مبادرة جعلت عنوانها: (لموا شملي بأسرتي)، ليستشعر كل منا دوره الخاص في إسعاد أسرة وليس إطلاق سجين فقط، هذا السجين ليس مجرما، ولا متهاونا بأموال الناس، ولم يعرف بتكرار الاستدانة من أحد، وليس عليه أية سوابق مخلة بالشرف، بل يتم اختياره بعناية فائقة من ذوي الاستقامة، والأخلاق الحسنة.

إن التكافل الاجتماعي مطلب شرعي، وقد يحتاج إليه أي أحد، وإذا كانت هذه المبادرة شعبية المشاركة، فإن المتوقع من الشركات الكبرى، والبنوك والمصارف، من خلال الشراكة المجتمعية، ورجال الأعمال، وسيدات الأعمال، والأثرياء، أكثر مما يتوقع من الأفراد، فالهدف يتراوح من ٥٠-١٠٠ نزيل، والمبالغ متراوحة بين القليل والكثير، ولذلك فإن التعاون مطلب كبير لإنجاح هذه المبادرة، والسخاء في البذل والعطاء، وفي دعوة الآخرين للتبرع بكل الوسائل النظامية المتاحة.

إن الأمن نتيجة تراكمية من عدة معطيات، وبقاء العائل مع أسرته مِفصل من مفاصل الأمن المجتمعي، فغالب المنحرفين ينبتون في أسر مفككة، أو تلك التي غاب عائلها عنها لأي سبب.

لا عذر لأحد يسمع بهذه المبادرة ويتردد في المشاركة فيها بحسب طاقته وقدرته، لا سيما أنها من مصارف الزكاة الثمانية، {والغارمين}، وإذا كان الناس قد تعودوا صرف زكاة أموالهم في رمضان، فليعلموا بأن صرفها في شعبان هو شأن بعض السلف الصالح، ليغنوا الفقراء عن المسألة في رمضان، وأن تقديمها جائز، كيف وقد أتيحت فرصة عظيمة من فرص إعانة المسلم لأخيه المسلم: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة» رواه البخاري.

نجاح هذه الحملة دليل سخاء المجتمع وتحمله للمسؤولية الجمعية.

http://www.alyaum.com/article/4190882

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم