الخميس 19 سبتمبر 2024 / 16-ربيع الأول-1446

عمل المرأة الأصيل



هيا ننظر بإمعان إلى النصوص الجلية التى توضح عمل المرأة الأصيل، والأساس الذي يجب أن تتجه إليه همتها، وأن يشغل الحيز الأكبر من تفكيرها وهو (بيتها) بما يحويه من زوج وولد ومسكن يظهر ذلك من خلال نقاط عدة وهي:


1ـ سنة الله فى خلقه ولا تبديل لسنة الله قال تعالى: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى) النجم45، هذه امرأة وهذا رجل, هذا الخلق والتدبير سنة إلهية ومصادمة هذه السنة لايقل سفها وخطرا عن مصادمة السنن الإلهية الآخرى، مثل: الإحراق في النار، والإغراق في الماء فهل ينكر أحد هذه الحقائق؟!

 


2- لقد دلت دراسات وظائف الأعضاء لجسم الرجل والمرأة على أن هناك فوارق بين النوعين، ليس فقط في الشكل الظاهري، بل أيضا في الخلايا فكل خلية في جسم المرأة تختلف في خصائصها وتركيبها عن خلايا الرجل, بجانب الاختلاف في الأنسجة والأعضاء والعظام من حيث قوتها وتركيبها.

 


3- هذا التنوع في خلق الإنسان وهذا الاختلاف في التركيب والخصائص لتصلح به الحياة, فالحياة قائمة على التخصص.


للمرأة دور لايستطيع الرجل القيام به, وللرجل دور لا تستطيع المرأة القيام به، وإهمال كل منهما لدوره واشتغاله بعمل الآخر: تضيع للجهود واهدار للطاقات، بل وجلب للأضرار والمفاسد.


إننا نصدق ونلتزم بتوزيع الأدوار فى مصالحنا وإدارتنا على الأفراد، بحسب ما لديهم من مؤهلات ومواهب وقدرات، فكيف لا نقر بهذا التقسيم في أصل النوع البشري؟

 


4ـ أوجب الإسلام الإنفاق على المرأة، ينفق عليها الرجل زوجها أو أبوها، قال تعالى: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ”النساء 34.


أما نصوص السنة فكثيرة في هذاالباب:
فعن معاوية بن حيدة ـ رضى الله عنه ـ قال: قلت يارسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال : (أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت, ولاتقبح الوجه ولاتضرب” (رواه أبو داود وغيره، وصححه ابن حجر، وكذلك الألباني). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن” (رواه الترمذي وصححه، وحسنه الألباني).


إن نفقة الزوج على زوجته ليست ضربا من الإحسان الاختياري, بل هو حق لازم لا خيار فيه. إن قيام الرجل بواجب النفقة إغناء للمرأة، وإزالة لأسباب خروجها إلى خارج منزلها بحثا عن طلب الرزق والمعاش.

 


5- للمرأة في بيتها من الأعمال ما يستغرق جهدها وطاقتها، إذا أحسنت القيام بذلك خير قيام كحق الزوج, وحق الطفل، وحق شؤون البيت- فهي مطالبة بتوفير جو الزوجية، هذا السكن النفسي من أعظم آيات الله في الوجود، والمرأة العاملة إن لم ينعدم منها هذا السكن النفسي في بيتها فتخسر هي أولا ويخسر زوجها ثانيا.


يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا دعا الرجلُ امرأتَهُ إلى فراشِهِ فأَبَتْ، فبات غضبانَ عليها، لعنتها الملائكةُ حتى تُصبحَ”(متفق عليه من حديث أبي هريرة).


وهي مطالبة بالقيام بحق الطفل


الأطفال ثروة الأمة، وللأطفال احتياجات مادية ونفسية, ليس فقط المأكل والمشرب والمسكن بل هناك ما هو أهم، حاجاتهم للتقدير, والحب, واللعب, والاحتواء، ولا سبيل لتلبية هذه الاحتياجات بنسب فعالة إلا عن طريق الأمومة.

 

أمومة سليمة صحيحة أثناء فترة الحمل والرضاعة والطفولة. وقد أجمع علماء النفس والتربية من خلال الدراسات (إن للتربية في الأسرة أثراً عميقاً لا تنوب عنه المنظمات الاجتماعية الأخرى كدور الحضانة, وأن الطفل لا يخضع لسلطات جماعة أخرى غير أسرته, وإنه في هذا السكن يكون سهل التشكيل، شديد القابلية للتعليم والتوجيه, بجانب ما يحتاجه الطفل من تعديل وتقويم وإرشاد وإيضاح وتصحيح، لما تبثه وسائل الإعلام المختلفة.


وكل هذا ملقى على عاتق المرأة الأم يقول الكسس كاريل في كتابه (الإنسان ذلك المجهول): “لقد ارتكب المجتمع العصري غلطة جسيمة، باستبداله تدريب الأسرة بالمدرسة استبدالاً تاماً, ولهذا تترك الأمهات أطفالهن لدور الحضانة, حتى يستطعن الانصراف إلى أعمالهن أو مطامعهن الاجتماعية, لقد كان من ثمار هذه المغالطة أنه أعطيت للأمومة النسانية صفات الأمومة الحيوانية, بل الأمومة الحيوانية تقوم بواجبات الأمومة أكثر من الأمومة الإنسانية الموظفة, فأنثى الحيوان ترضع صغارها من ثديها إن كانت من الثدييات، وتحضنهم وتطعمهم وتدربهم على الطيران إن كانت من الطيور أو على الافتراس والهجوم، إن كانت مفترسة، وكذلك تدربهم على الدفاع عن أنفسهم, فتعدهم لمواجهة الحياة أما الأمومة الإنسانية الموظفة، فهي ترضع صغارها لبن أنثى الحيوان، وتقذف بهم في إحدى دور الحضانة أو عند خادمة جاهلة بمجرد أن تنتهي إجازة أمومتها!


ـ وهي مطالبة بالقيام بشؤون البيت المادية، وهذا يستغرق جهدا كبيرا، ومن العجيب أن عمل المرأة في البيت يصنف ضمن الأعمال الشاقة فهو يتطلب مجهوداً كبيراً، علاوة على ساعات عمل طويلة تتراوح بين 10-12 ساعة يوميا، نحن لا نحرم المرأة من العمل خارج منزلها، ولكن نقول: إن عمل المرأة خارج المنزل قسمان:


1- ما لا يصح أن يتولاه إلا هي.

 

2- مالا يلزم أن تقوم به المرأة.

 


وإذا فتحنا للمرأة كي تعمل في كل شيء سيترتب على ذلك:


1ـ اضطراب واضح في علاقتها مع زوجها الذي فقد قوامته وجاذبيته في البيت, في حين أن علاقتها مع رئيس العمل تزداد صلابة؛ لأنه يتحكم في مصيرها الوظيفى وترقيتها ورواتبها وعلاوتها ومكان عملها, ومن ثم تحدث المشكلات الزوجية نتيجة لتلك العلاقتين المتناقضتين. وفي إحصائية نشرت في إحدى الدول العربية تؤكد وقوع ما يقرب من مئة ألف زواج عرفي بين مدراء الشركات والسكرتيرات, كل هذا بسبب تلك العلاقة الوطيدة بينهما.


2ـ الاستقواء على الزوج في البيت؛ لأنها تخرج وتتعب وتصرف على البيت من مالها, وبالتالي لا تفقد صفات الأنوثة شيئا ً فشيئاً، وتكتسب صفات الذكورة, وكما يقول الناس: السفينة التي يقودها اثنان تغرق لا محالة.


3ـ الكسل والضجر ورثاثة الشكل والبؤس, فيصبح جمالها قبحاً وتصير الرقة غلظة؛ لأنها مرهقة ومنهكة القوى.


والغرب أنفسهم اليوم ينادون بعودة المرأة إلى البيت، وهناك رواية لكاتبة تسمى غيث بالدوين بعنوان: (زوجة المكتب) توضح فيها أن نساء الغرب متزوجات المكاتب, بل خرج كتاب بعنوان ساخر اسمه: (النساء العاملات ليس لهن زوجات), كما ننصح بالاطلاع على كتاب(عاليا ضد جدار الأمومة) وفيه ثلاثة وستون بحثاً تدور حول المعاناة والاضطراب الذي تعانيه الأسرة خاصة في الغرب، نتيجة تلك المساواة والاختلاط وخروج المرأة للعمل خارج المنزل.


ولسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ المفتي العام السابق بالمملكة العربية السعودية كلمة جامعة فيها رد بليغ على دعاة خروج المرأة من بيتها، ومشاركتها الرجل في ميدان عمله قال فيها: “إن الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان الرجل المؤدي إلى الاختلاط، سواء كان ذلك على جهة التصريح أو التلويح، بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر، ومتطلبات الحضارة أمر خطير جداً، له تبعاته الخطيرة وثمراته المرة وعواقبه الوخيمة، رغم مصادمته للنصوص الشرعية, التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها، والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه.

 


ومن أراد أن يعرف عن كثب ما جناه الاختلاط من المفاسد التي لاتحصى، فلينظر إلى تلك المجتمعات التي وقعت في هذا البلاء العظيم اختيارا ً أو اضطراراً بإنصاف من نفسه، وتجرد للحق عما عداه, يجد التذمر على المستوى الفردي والجماعي والتحسر على انفلات المرأة من بيتها وتفكك الأسر, ونجد ذلك واضحا على لسان الكثير من الكتاب, بل في جميع وسائل الإعلام وما ذلك إلا لأن هذا هدم للمجتمع وتقويض لبنائه. والأدلة الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها، وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله أدلة كثيرة قاضية بتحريم الاختلاط؛ لأنه يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.


ليختتم كلمته قائلا: “وأمر الله سبحانه المرأة بقرارها في بيتها، ونهيها عن التبرج معناه النهي عن اختلاط النساء بالرجال؛ لأن ذلك مخالفة لأمر الله، وتضييع لحقوق الله المطلوب شرعاً من المسلمة أن تقوم بها”.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم