يتعامل الكثير من الأسر مع موسم الامتحانات على طريقة المعركة الحربية: استعدادات مبالغ فيها وقرارات عسكرية وقلق وتوتر وأعصاب محترقة وشجار بين الأزواج، لكن ما لا يعيه الكثير من أولياء الأمور أن التعامل مع موسم الامتحانات على طريقة المعركة الحربية يزيد من توتر الأبناء وقلقهم ويؤثر على استيعابهم خلال فترة الامتحانات،التحقيق التالي يقدم نصيحة ذهبية للأسرة: تعاملوا مع فترة الامتحانات بهدوء ولا تكبروا «السالفة».
لا أعرف من الذي حول موسم الامتحانات إلى معركة حربية في كل بيت، تعلن خلاله الأسرة حالة الطوارئ فجأة ويسيطر التوتر والقلق على البيت.
خطأ المناهج
ـــ في البداية لا بد أن أشير إلى أن هناك شيئا ما خطأ، ربما في مناهجنا التي تعتمد على حشو المعلومات والتلقين، وربما في الامتحانات التي تقيس حفظ هذه المعلومات ولا تعتمد طريقة حديثة ومبتكرة لقياس مدى ما فهمه الطلاب طوال العام .
فالامتحانات تعتمد على تفريغ الطلاب لأكبر كم ممكن من المعلومات غير المهمة التي تجسد طريقة الحشو التي تدربوا عليها طوال العام، وفي فترة الامتحانات يسابق الأبناء الزمن لحفظ أكبر كم من المعلومات ويلهث وراءهم الأباء لحثهم على ذلك .
بعبع الأسرة
أن المشكلة التي تعاني منها بيوتنا أن الآباء والأبناء يهدرون الوقت طوال العام ليستيقظوا فجأة على بعبع الامتحانات فيقول :
ـــ الكثير من الآباء والأبناء يهدرون الوقت طوال العام ثم يكتشفون أن الامتحانات على وشك البدء، ولا يكون لديهم متسع من الوقت للحاق بما فاتهم، فيغلب على جميع من في البيت التوتر والقلق. والمشكلة الأكبر أن معظم الآباء لديهم أحلام كبيرة بحصول أبنائهم على علامات عالية، لكن في المقابل فالأبناء أهدروا الوقت ولا يريدون بذل الجهد، والنتيجة مزيد من القلق والتوتر.
الأسرة تتحمل معظم المسؤولية، فالكثير من الأسر تبدو كأنها اكتشفت فجأة أن هناك امتحانات على الأبواب.
أين كانوا طوال العام؟ ولماذا تركوا الحبل على الغارب للأبناء طوال العام؟ ولماذا لم يطلبوا منهم الاستعداد الجيد للامتحانات منذ اليوم الأول للدراسة.
ما يحدث أن أيام الامتحانات تحولت إلى بعبع للأسرة، فتزداد الخلافات بين الزوجين من جهة وبين الآباء والأبناء من جهة أخرى. ما يجب أن يعلمه الجميع أن إعلان حالة الطوارئ فجأة في البيت لأن الامتحانات على الأبواب، وما يصاحبه من قلق وتوتر خوفا على مستقبل الأبناء، شيء مرفوض لأن النتيجة أن هذه المشاعر السلبية تنتقل إلى الأبناء وتؤثر على درجة تركيزهم.
ما الحل إذن؟
ـــ من الأشياء المهمة التي تنعكس بشكل إيجابي على الأبناء خلال فترة الامتحانات أن يشعروا بوجود جو مثالي في البيت، وان الحياة تسير بشكل هادئ بين الأب والأم، وأن البيت بيئة مناسبة للمذاكرة وأنه لا يوجد ضغط أو تعنيف أو ضرب أو تخويف كما يفعل بعض الآباء أيام الامتحانات، فيزيدون من توتر والأبناء وقلقهم. ببساطة يجب على الأسرة أن تغير نظرتها إلى الامتحانات، واعتبارها فرصة طيبة لنغرس في أبنائنا ما نريد من قيم إيجابية مثل: الاستعداد للامتحان من بداية الدراسة وأن بذل الجهد طوال العام الدراسي يوفر عليهم الكثير من المعاناة أيام الامتحانات.
افهموا حالتهم النفسية
انه على الأسرة لكي تجتاز هذه المعركة الوهمية، أن تتفهم الحالة النفسية لأبنائها أولا:
ـــ من المهم للأسرة أن تعرف أن الحالة النفسية للأبناء تؤثر سلبا أو إيجابا في درجة استعداداهم للامتحانات ودرجة استيعابهم أيضا، في فترة الامتحانات يكون الطلاب قد انقطعوا عن المؤسسة التعليمية وبالتالي تتحمل الأسرة العبء الأكبر لتهيئة البيئة والظروف المناسبة لمذاكرتهم واستعدادهم للامتحانات.
على الأسرة أن تتفهم نفسية أبنائها وقدراتهم جيدا، وهذه مشكلة خطيرة في فترة الامتحانات حيث أن الكثير من الأسر لا تعرف أن هناك ابنا يناسبه عدد معين من الساعات ربما أكثر أو أقل من الابن الآخر وهذا يتوقف على الحالة النفسية لهذا الابن أو ذاك.
إذا تفهمت الأسرة حالة كل ابن أصبح من السهل مساعدته على تجاوز فترة الامتحانات بصورة جيدة، وعليها أيضا مشاركة الأبناء في عمل جدول دراسي يراعي الفروق الفردية للأبناء ودرجة استيعابهم للمادة العلمية، فهناك من يريد ساعات أكثر لأن ملكة الحفظ عنده ضعيفة وهناك من يناسبه وقت أقل لأنه يتمتع بذاكرة اقوى، وهناك من يتفوق في الرياضيات بينما يعاني ضعفا في التاريخ. كما يجب أن يغرس الآباء في الأبناء ملكة تحديد الأهداف والأولويات والتدرج عند المذاكرة من الأسهل إلى الأصعب.
راقبوا وسائل الترفيه
خطورة وسائل الترفيه الموجودة في البيت، ونطالبهم بالسيطرة عليها خلال فترة الامتحانات:
ـــ يجب على الأسرة أن تعي خطورة وسائل الترفيه الموجودة في البيت خلال فترة الامتحانات من العاب الفيديو والتلفزيون والإنترنت، هذه الوسائل لا يجب أن تمنع كليا لكن يجب أن يتم تقنين استخدامها من قبل الأسرة لكي لا يصاب الأبناء بالضيق والملل من المذاكرة.
فعلى سبيل المثال يجب منح ساعة يومية للابن يشاهد فيها التلفزيون أو يجلس أمام الإنترنت أو يلعب، ببعض الألعاب لكن بشرط الالتزام بالوقت والجدول المحددين.
ابتعدوا عن العنف
ينصح الآباء بعدم اللجوء إلى العنف لحث الأبناء على المذاكرة:
ـــ النقطة الخطيرة في فترة الامتحانات هي أن بعض الأسر تلجأ إلى العنف ضد الأبناء من أجل دفعهم إلى المذاكرة، وهو أسلوب غير تربوي ومرفوض وله مردود سلبي للغاية على الأبناء، فالعنف قد يجعل الابن يوحي للأب أو الأم بأنه منهمك في المذاكرة بينما الحقيقة أنه يتظاهر بذلك خوفا من العقاب، فذهنه مشتت وبدلا من التفكير والتركيز في المذاكرة يشغل فكره بنوعية العقاب الذي سيتلقاه في حالة الفشل.
المطلوب بدلا من العنف الحنان وغرس الثقة والاعتماد على النفس وعدم الخوف من الفشل، بل أنصح الآباء باستخدام أسلوب المكافأة وهو أسلوب تربوي يؤتي ثماره.
فوعد الأبناء بمكافأة مجزية إذا حققوا درجات عالية في الامتحانات يأتي بمردود إيجابي ويغرس المنافسة الشريفة بينهم.
ثقافة التعامل مع الامتحانات مفقودة
إن الكثير من أولياء الأمور يفتقدون إلى ثقافة التعامل مع فترة الامتحانات، فما أن يهل هذا الموسم حتى يتحول البيت إلى رعب وقلق وتوتر لان هؤلاء الآباء يفتقدون إلى أبسط مقومات هذه الثقافة، فبدلا من الهدوء في التعامل مع هذه الفترة المؤقتة يسيطر عليهم القلق والتوتر وينقلون ذلك إلى أبنائهم. كما أن الكثير من الآباء لا يعرفون متطلبات البيئة الملائمة للاستعداد للامتحانات مثل توفير نوعية معينة من الإضاءة في البيت واعداد نوعيات من الطعام، وتلافي أسباب الضوضاء الناتجة من استقبال الضيوف والتلفزيون، وتنظيم وقت الأبناء بحيث يكون هناك وقت محدد للمذاكرة وآخر للنوم وثالث لتناول الوجبات والراحة.
نصائح للآباء خلال فترة الامتحانات
• ابتعدوا عن عقد المقارنات بين الأبناء أو بينهم وبين أقرانهم المتفوقين واستبدلوا ذلك بغرس المنافسة الشريفة بينهم.
• شاركوا ابناءكم في إعداد جدول للمذاكرة يراعي الفروق الفردية بينهم ودرجة استيعابهم لكل مادة، واجعلوهم يتدرجوا في المذاكرة من الأسهل إلى الأصعب.
• امنحوهم وقتا محددا تحت رقابتكم للترفيه بين فترات المذاكرة لكي يجددوا نشاطهم ولا يشعرون بالملل والضيق.
• تجنبوا العنف البدني واللفظي واستبدلوه بغرس الثقة والتشجيع المستمرين.
• استشيروا متخصص في نوعية الغذاء الذي يجب أن يقدم لهم في فترة الامتحانات، واحترسوا من المواد المنبهة والسهر.
• تجنبوا الخلافات الزوجية لأنها تنعكس سلبا على الأبناء وتصيبهم بالقلق والتوتر والتشويش.