الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 / 24-جمادى الأولى-1446

نسيان الحب.. هل هو ممكن؟



عندما تتعرض علاقة الحب بين الرجل والمرأة لانتكاسة، يجد البعض صعوبة في نسيان الحبيب، ولسان حاله يقول: “كيف أنسى الذكريات الجميلة والأحلام المشتركة؟” فهل صحيح أن من الصعب محو شريط ذكريات العلاقات العاطفية؟

 

لأسباب خارجة عن السيطرة، أو عن قرار شخصي، قد تتوقف علاقة حب بين شخصين في منتصف الطريق ولا تُكلّل بالزواج، لتبقى المشاعر حبيسة داخل كل منهما، مثل هاجس يطاردهما أو ندب يخلق في النفس إحساساً مستمراً بالشجن. هكذا، تبقى الذاكرة تموج بكثير من المواقف التي لا تنسى. وغالباً ما يتعذب الشخص، وتتجسد معاناته في كلمات على شاكلة: “النسيان صعب”، أو “أنا مؤكَّدة مريض”، أو “الذي يُحب عمره ما يكره” وما إلى ذلك. لكن، وعلى الرغم من كل هذه الكلمات، فإنّ المحب يجد نفسه غير قادر على نسيان الأماكن والذكريات، وغير قادر على محو رقم هاتف المحبوب، أو التخلص من الأشياء التي تربطه به. وربّما يظل على هذه الحال سنوات وسنوات. فهل هذه الحالة مَرضية؟ أم أنّ النسيان ممكن؟ وهل تختلف درجة تأثر المرأة عن تأثر الرجل في حال تأزُّم العلاقة وفشلها؟

 

 

 

– معاناة أبدية:

 

قصة حب عمرها 7 سنوات عاشها محمد حسن (إعلامي، متزوج ولديه 3 أطفال)، لكن، على الرغم من مرور 14 عاماً على انتهاء هذه القصة ومن زواجه بفتاة غير التي أحبها، إلا أنّه لا يزال يعاني وغير قادر على النسيان. اختار محمد أن يسترجع ذكريات قصة حبه، مؤكداً عدم مقدرته على النسيان، على الرغم من مرور كل هذه السنوات. فكان أن تدفقت كلماته التي تعكس مدى معاناته، وأخذ يتذكر: “صادف أن يكون يوم التقائيا الأوّل عام 1992 يوم عيد ميلادها. وعلى الرغم من مرور السنوات، مازلت أتذكر الأماكن التي جلسنا فيها، الطرق مررنا بها، كل لحظة وكل همسة وكل حركة”. يضيف: “في الحقيقة، إن تاريخ ميلادها هو الرقم السري الذي أستخدمه في تعاملاتي البنكية، فهي، بكل تفاصيلها، لاتزال تعيش معي لغاية الآن”. يتابع: “14 عاماً مرّت على انتهاء العلاقة، تزوجت وأنجبت، ولكن النسيان صعب”. يستطرد: “صحيح أن درجة تأثري بالذكريات تراجعت عن السنوات الأولى ولكنها لم تنته”. يُكمل محمد حسن اعترافاته قائلاً: “كنت أعيش حالة مرضية، لم أترك صديقاً إلا وحكيت له معاناتي، وكانت حالتي النفسية متدهورة، حيث أعدت لها كل ما يذكرني بها، ألغيت رقم هاتفها، لم يعد لديّ ما يربطني بها، ولكن المشكلة أنها موجودة في داخلي، وعلى الرغم من أنني عشت أكثر من قصة حب بعدها وتزوجت، إلا أنني لم أقدر على نسيانها”.

 

 

 

– تصغير المشكلة:

 

في سياق متّصل، يبدو أن معاناة عمار صدقة (استشاري أنظمة كمبيوتر، متزوج) مع النسيان لم تنته إلا بنصيحة أحد أصدقائه، التي قال فيها: “الكون مليء بالنجوم والكواكب وبملايين الناس، وأنت نقطة في هذا الكون، فتعامل مع مشكلتك بالطريقة نفسها، حاول تصغير حجم المشكلة وستنسى بمرور الأيام”.

 

يصف عمار تجربته بأنّها “كانت عبارة عن قصة حب رائعة”. ويقول: “عشنا 4 سنوات مليئة بالذكريات الجميلة، لكن عوامل خارجة عن إرادتنا، حالت دون ارتباطنا”. يضيف: “تزوجت بعد فترة قصيرة من انتهاء العلاقة، عانيت بعضاً من الوقت، وكان الفضل لصديقي الذي نصحني بتصغير المشكلة، ويوماً بعد يوم تعايشت مع حياتي الجديدة ونسيت ما كان”.

 

 

 

– الصبر:

 

أيضاً، تتشابه قصة أحمد مبروك (استشاري نُظم المعلومات، متزوج) مع الحب والنسيان مع قصة صديقه (عمار). ويقول: “في الحقيقة إن من أحببتها هي التي تزوجتها، ولكن بعد طول عناء، إذ وقعت في البداية مشاكل، حالت دون ارتباطنا، فابتعدنا بعضاً من الوقت، وحاولت النسيان ولكنني لم أستطع”. يضيف: “كنت أشعر بأن كل شيء يُذكرني بها، الأغاني التي كنا نسمعها معاً، الأفلام التي تحبها أو التي تصادف وجودنا معاً أثناء عرضها، كل الأماكن التي كنا نقصدها معاً، واستمرت المعاناة حتى انفرج الغَمّ وتزوجنا، وها نحن نعيش معاً الآن أحلى أيامنا”.

 

 

 

– فشل:

 

بعد فشل قصة الحب التي عاشها، يعترف محمد الحديدي (موظف استقبال، عازب) بأنّه عانَى كثيراً لينسى، لكنه عجز عن النسيان. ويقول: “عام ونصف العام، هو عمر قصة الحب التي عشتها”، لافتاً إلى أن “ضعف شخصية الفتاة التي أحببتها، كان السبب في عدم استكمال العلاقة”. يضيف: “4 سنوات مرت ولاتزال تعيش معي بكل تفاصيلها، لقد كانت حُبّي الأوّل”. ويعترف قائلاً: “حاولت أن أعيش قصة أخرى لكي أنساها ولكنني فشلت، لم أجد الشخصية التي تشبهها”. ويشير محمد إلى أنّ “المفاجأة السعيدة حصلت مؤخراً، عندما التقيتها بالصدفة، فهي تعيش في باريس وأتت بغرض السياحة، ويا لها من مفاجأة فتحت مجدداً أبواب الذكريات”.

 

 

 

– الثانية تُنسيك الأولى:

 

لا صعوبة لدى الشاب محمد حمو (موظف، عازب) في أن ينسى علاقة انتهت. فهو من أنصار الحكمة القائلة: “داوِها بالتي كانت هي الداء”. يقول حمو في هذا السياق: “لا توجد صعوبة في نسيان الحب، فعندما تفشل علاقة، عليك أن تبدأ علاقة أخرى لكي تنسي العلاقة الأولى”. يضيف: “لا أفهم لماذا يصعب ذلك على الناس، فالمسألة من وجهة نظري لا تحتمل كل تلك المعاناة التي يتحدثون عنها”.

 

 

 

– ما أسهل النسيان:

 

بدورها، لا ترى نشوى محمود (تعمل في مجال التسويق)، أي صعوبة في نسيان الحب. وتتحدث عن تجربتها الشخصية في هذا الخصوص، وتقول: “صحيح أنّ الحب الأوّل من الصعب نسيانه بسهولة، إلا أنّ الحياة لابدّ أن تسير، فأنا مررت بتجربة حب فاشلة في مرحلة مبكرة من حياتي، ولكن الطرف الآخر لم يكن يستحق كل هذا الحب. لذلك، طويت تلك المرحلة من حياتي، وأصبحت لا أؤمن بوجود الحب الحقيقي، فالموجود هذه الأيّام هو حب المصلحة، وما أسهل النسيان في هذه الحالة”.

 

 

 

– الأطلال:

 

أما مريم محمد (موظفة)، فترى أنّ “النسيان ممكن لو وُجد البديل”. وتقول: “إنّ أي إنسان، سواء أكان شاباً أم فتاةً من السهل أن ينسى، لو وجد البديل الذي يعوّضه عن قصة حبه الفاشلة”. ولكنها تعود لتعترف بأن “من الصعب نسيان الجرح”، لافتة إلى أنّ “الإنسان الذي يخرج من قصة حب، مهما تكن الأسباب التي أدت إلى فشلها، فإنه يعيش على الأطفال، فلو وجد مَن يأخذ بيده وينتشله من الواقع المرير الذي يعيش فيه، من المؤكد أن سينسى”. تتابع: “في الحقيقة إنني مررت بالتجربة وفشلت في النسيان، فجروحي تؤلمني بين وقت وآخر، والشخص نفسه نسيته تماماً، ولكن الجرح الذي سبّبه لي من الصعب نسيانه”.

 

 

 

– حاولت وفشلت:

 

في المقابل، لا تعترف فيرا (موظفة، متزوجة)، التي تزوجت بالرجل الذي أحبَّته، بوجود صعوبة في النسيان، “خصوصاً إذا باع أحد الطرفين الطرف الآخر”. وتقول: “علينا أن ندرك أنّ المرأة أكثر إخلاصاً في الحب من الرجل. بالتالي، فهي تتعذب بدرجة أكبر منه”.

 

 

 

– نعمة النسيان:

 

وتتفق حلا أمين (موظفة، متزوجة)، مع ما ذكرته فيرا، لافتة إلى أنّ “الأنثى حساسة بطبيعتها عكس الرجل، ما يجعل النسيان أصعب عليها، ولكن الله منحنا نعمة النسيان، ولولاها لكانت درجة تأثرنا أكبر بمراحل، في حال فشلت قصة حبنا، وإن كنت أرى أنّ الحب الحقيقي لا وجود له في هذه الأيام”.

 

 

 

– صعوبة:

 

من ناحيتها، تنفي فاطمة الكيحي (موظفة، غير متزوجة)، أن تكون مقولة: “داوِها بالتي كانت هي الداء”، صالحة لعلاج الرجل أو الفتاة عند الفشل في الحب، موضحة: “نحن نعيش في مجتمع عربي، ومن الصعب على الفتاة أن تنتقل من تجربة إلى أخرى بسهولة، على عكس الرجل الذي ينتقل بسهولة من تجربة إلى أخرى”.

 

 

 

– استحالة:

 

“نسيان الحب الأوّل أمر صعب للغاية”، عبارة استهلت بها نسرين درويش (سيدة أعمال) كلامها قائلة: “إن أول حب في حياة الإنسان من المستحيل نسيانه، خاصة إذا كان حباً حقيقياً وليس مجرد إعجاب فقط”. تضيف: “هذه الحالات نادرة جدّاً، لأنّه لا يوجد حب حقيقي هذه الأيام، فلا يوجد بيننا قيس وليلى إنما المصلحة، بينما الحب الحقيقي لا نسمع عنه سوى في الأفلام والمسلسلات”.

 

تتابع: “وكثيراً ما عايشتُ العديد من قصص الحب لصديقات لي، كنّ في منتهى الإخلاص لمن أحببن، ومع هذا فإنهنّ لم يجدن سوى الخيانة من الرجل”.

 

 

 

– ألم ظرفي:

 

تعترف المذيعة التلفزيونية هبة شاهين، بأن هناك مشاعر ألم يعيشها الإنسان لحظة الفراق، وتقول: “من الصعب أن تمسك بالمقص لكي تُنهي فترة من حياتك. فحتى في مجال العمل، تشعر بنوع من الألم لحظة خروجك من مؤسسة إلى أخرى، فهناك حالة من الارتباط الوجداني من الصعب فصلها بسهولة، وهي لحظة مفصلية بين مرحلة قديمة ومرحلة أخرى ستبدأ، وهناك شخصيات قادرة على تجاوز هذه اللحظة، وشخصيات أخرى غير قادرة على تجاوزها”. تكمل هبة قائلة: “أحمد الله الذي جعلني من النوع القادر على مُداواة هذه اللحظة، لأني عشت أصعب لحظة في حياتي، وهي لحظة فراق أُمّي، وهي أصعب لحظة فراق في الإنسانية كلها، ولا تُقارن بلحظة فراق الحبيب”. وتقول: “لقد تعوّدت العيش مع الجرح، أي جرح، بعد فراق أُمّي”.

 

إلا أن قدرة هبة على التعايُش مع لحظات الفراق، لا تمنعها من تقديم النصيحة لمن يعانون عدم المقدرة على نسيان الحب، حيث تخاطبهم قائلة: “عليكم بالبحث عن فرصة جديدة، أن تحبوا أنفسكم، فمن يحب الحب لأجل الحب، يحصل عليه بكل الطرق، ويمكن للإنسان أن يحب ذاته”. تتابع: “أنا شخصياً درست نفسي بشفافية كبيرة، وبتُّ أعرف ماذا أريد، ولديّ هدف وطُموح وإصرار. فلو ضاع منّي شيء لا أحزن عليه، وقد استفدت من لحظة فراق أمي، لكي أحوّل الطاقة السلبية إلى طاقة إيجابية، وهو مبدأ أسير عليه في حياتي، أي أن أحوّل السلبي إلى إيجابي”.

 

 

 

– بين النسيان والتعايش:

 

“الحب الصادق لن يكون نسيانه بالأمر البسيط، ولكننا نتعايش ونكمل مشوار الحياة”، بهذه الكلمات، تعبّر رانيا حفني (الصحافية في جريدة “الأهرام” المصرية) عن موقفها من الحب والنسيان. وتقول: “قد نمضي عمراً كاملاً في رحلة البحث عن الحب الحقيقي، فكيف لو فقدناه؟ وهل يمكن أن ننساه بسهولة؟”. تشير إلى أنّ “الأمر ليس سهلاً، لان جرح الحب غائر ويحتاج إلى وقت ليَطيب”. تضيف: “مَن أحب وأخفَق عليه أن يتناسى ليعيش ويتعافَى تماماً حتى لا يظلم نفسه مع شخص آخَر”. وترى حفني أنّه “عندما تحين لحظة الفراق، فإنّها تعلن معها نهاية قصة حب، وبقدر ما تكون قصة الحب تلك حقيقية، بقدر ما يكون الفراق فيها مؤلماً مثل فراق الروح للجسد”.

 

 

 

– ابتعدوا عن الأماكن:

 

ويبدو أن مَن يُعاني صعوبة في نسيان الحبيب، يتطلع إلى اللحظة التي يستمع فيها لآراء المتخصصين لمساعدته على الخروج من محنته، ولعل في ما يقوله الأخصائي في علم النفس الدكتور نادر ياغي، ما يُريح هؤلاء. وقد كان السؤال المحوري الذي طرحناه على الدكتور نادر هو الآتي: لماذا يعاني البعض ممّن فشلوا في الحب، ويجدون صعوبة في النسيان؟ وما السبيل لتجاوز تلك المعاناة والتخفيف منها؟

 

“الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يجدد الذكريات”، هي النصيحة الأهم التي يتوجه بها الدكتور ياغي، مضيفاً: “يجب الابتعاد عن الأماكن والأشياء التي تحمل ذكريات مشتركة، مع محاولة شَغل النفس باهتمامات جديدة وعالم جديد”. يواصل د. ياغي موضحاً أنّه “في العلاقات العاطفية، يكون هناك ما يمكن أن نطلق عليه: عملية تخزين مزدوجة تجري داخل العقل وداخل القلب”. يتابع: “بالنسبة إلى القلب، تأخذ عملية التخزين طابعاً حسّياً وتشمل المشاعر والأحاسيس. أمّا التخزين العقلي، فيتّخذ طابعاً مادياً نوعاً ما، فيشمل التواريخ والأرقام والأماكن وغيرها”. ويقول: “أنا أعتبر أن تخزين القلب ذاكرة صحية، أما ما يحدث داخل العقل، فإنه يجعل الإنسان يتذكر كل التفاصيل، وبمجرد أن يجلس مع ذاته ويقول لنفسه أريد أن أنسى، فهو يعطي أمراً مباشراً لعقله بأن يستحضر التفاصيل كافة من دون أن يدري”. أكبر خطأ يرتكبه الشخص الذي يعاني صعوبة النسيان، في رأي الدكتور نادر ياغي، “هو أن يقول لنفسه: “داوها بالتي كانت هي الداء”، لأنّه في تلك اللحظة يُثبت أنه يعاني مرضاً عاطفياً، ويحتاج إلى فترة نقاهة، فلو عمل بهذه المقولة وسعَى إلى إنشاء علاقة أخرى، وهو مُثقل بمشاكله، لن ينجح في ذلك حتماً وسيشهد أياماً أكثر صعوبة”.

 

 

 

– من يحب لا ينسى:

 

إلى أي مدى يتفق التفسير الاجتماعي مع التفسير النفسي للمسألة؟ ويتضح ذلك من خلال رأي الأخصائية الاجتماعية وفاء الشحي، التي ترى أن “مَن يحب لا ينسى، هذا إن كان يحب بشكل حقيقي وليس مجرد إعجاب عابر”، لافتة إلى أنّ “الحب الحقيقي له قواعده الراسخة وأهدافه المشتركة، وفيه تكون الأفكار متشابهة بين الحبيبين، والقواسم المشتركة بينهما كبيرة”. وتقول: “إن أصحاب هذا النوع من الحب، لا يستطيعون النسيان بسهولة، ومَن لا يجد صعوبة في النسيان يكون حبه ليس حقيقياً، ومع هذا فإنّ النسيان وارد بحكم الطبيعة البشرية”. وتحذر الشحي “من الدخول في علاقة ثانية بقصد نسيان العلاقة الأولى كما يتصور البعض”. تتابع: “إنّ من يحب، يكون في حالة اتّزان انفعالي واستقرار نفسي، على عكس حالته عند الإخفاق في الحب، حيث يمر بفترة من الضعف وعدم الاستقرار الانفعالي. لذا، يجدر به تجنب اتخاذ أيّة قرارات مصيرية في هذه المرحلة”.

 

 

 

– امسح ذاكرتك:

 

“يجب ألا تتوقف الحياة عند لحظة فراق الحبيب”. هذه هي النصيحة التي تقدمها وفاء الشحي للذين يفشلون في الاستمرار في علاقاتهم العاطفية. وتقول: “الحياة تسير، ومن الضروري أن نسير معها. ومَن يريد أن ينسى الحب، عليه أن يتذكر الذكريات الحلوة التي عاشها مع الحبيب، وأن يُقنع نفسه بأنّ العلاقة وصلت إلى مرحلة معيّنة من الصعب لها أن تستمر، ثمّ لا يعود ليتوقّف عند هذه المحطة، بل يعتبرها واحدة من محطات أخرى كثيرة في حياته، فيشغل نفسه بمشاغل الحياة الكثيرة، وينقل اهتمامه بمن يُحب إلى الاهتمام بنفسه حتى يخرج إلى المجتمع أكثر قوّة”. تضيف: “مع هذا، أنا أؤكد صعوبة النسيان بين يوم وليلة”. وفي ختام حديثها، تؤكد الشحي “استحالة تحول علاقة الحب إلى صداقة، وهي المناوَرة التي قد يلجأ إليها البعض، في حال تَعذّر الزواج بمن أحب”. تتابع: “من الوارد أن تتحول الصداقة إلى حب، ولكن من المستحيل أن يحدث العكس، لأنّ المظلة الكبيرة هي الحب، وتحتها يندرج الكثير من معاني الوفاء والصداقة والإخلاص والأخوة، مع وجود استثناء، وهو أنه لو كانت هناك مصلحة مشتركة بين الطرفين قبل الفراق، فلا فرّ في هذه الحالة من أن تكون هناك صداقة بينهما”.

 

 

 

* تجاوز الأزمة:

 

يجزم أخصائيون في علم النفس، أنّ الإنسان قادر على تجاوز تجاربه العاطفية مع الوقت، وأنّه قادر على نسيان ما قد يصيبه من انتكاسات نفسية في فترة لا تتجاوز الستة شهور. فهل هذا صحيح؟ وما هي أفضل الطرق لتجاوز هذه المدة الزمنية؟

 

في تقرير نشره موقع “قضايا اجتماعية”، يقول الأخصائي النفسي الألماني، المقيم في مدينة هامبورغ، ميشائيل شيلبيرغ: “إنّ الأمر يستغرق 6 شهور على الأقل، للتغلب على أزمة ناتجة عن الانفصال عن الشريك. أثناء تلك الفترة العصبية يمر خلالها الطرفان بمشاعر مختلفة من أسى وشك في النفس وقلق، بل وحتى الكراهية. وتظل هذه التراكمات تشغل باله أو بالها”.

 

وتقول الأخصائية النفسية كريستا روث – ساكنهايم: “إنّ المشاعر التي يعانيها الإنسان نتيجة الانفصال، هي نفسها التي يشعر بها عندما يموت شخص ما. لذا، فمن الطبيعي للغاية أن يبكي”.

 

أما روث – ساكنهايم، التي تشغل منصب رئيسة “رابطة أطباء النفس” في ألمانيا، فتعتبر “أن وجود الأصدقاء مهم جدّاً لمن يعاني انتكاسة عاطفية”. وتنصح أصدقائه المنفصلين حديثاً بأن “يُعدّوا الشاي ويضعوا علبة من المناديل الورقية على مقربة”. تضيف: “إن اصطحاب الصديق جريح القلب إلى إحدى دُور السينما أو المسرح، من الحيَل الجيِّدة التي تُفيد في إلهائه عن ألمه”. تتابع: “بالنسبة إلى الأشخاص الذين يريدون أن يتغلبوا على جراحهم العاطفية وحدهم من دون مساعدة، فإن عليهم أن يُولوا اهتمامهم لأمر ما، كالرياضة مثلاً، أو الاشتراك في دورة تدريبية أو برنامج تطوعي. تلك الخيارات والبدائل دائماً ما يكون لها مردود أفضل من الانزواء على أريكة والبكاء على الأطلال”.

 

ويُجمع الخبراء، على أن أسلوب التعامُل مع ألم الانفصال مهم أيضاً في تقليل مدة الألم وحدته، فالأشخاص الذين ينفصلون بهدوء، يقل شعورهم بالألم، مقارنة بأولئك الذين يتركون بعضهم بعضاً بعد عراك. وينصح ميشائيل شيلبيرغ ذوي القلوب الجريحة، بأن “يُمعنوا في التفكير في تصوراتهم حول الحب، إذ ربما يسأل أحدهم نفسه، ما إذا كان يحب شريكه الذي انفصل عنه بصدق، أم أنّ الأمر مجرد “حب امتلاك”. وحينها، سيتضع ما إذا كانت العلاقة حباً حقيقياً أم لا، وفي هذه الحالة سيتمنّى كل طرف للآخَر السعادة”. يختم الأخصائي النفسي الألماني بالقول: “غالباً ما يكون حب الاستئثار والأنانية، الباعث الحقيقي وراء لوعة الفراق وألمه. فمن يُدرك ذلك يملك زِمام أمره ثانية بسرعة”.

 

 

 

* 10 نصائح للتخلص من ذكريات قصة حب فاشلة:

 

قد يخلّف انتهاء علاقة حب آلاماً نفسية شديدة، وفي ما يلي مجموعة من النصائح التي تُفيد في تجاوز قص حب غير موفقة، وفقاً لما ورده موقع About girls الإلكتروني:

 

1- فكّر في الأسباب بدقة متناهية، للتأكد من أنك كنت على حق في قرارك.

 

2- لا تُعد التفكير في قرارك بشأن الانفصال: إذا كنت صاحب قرار الانفصال، فينبغي أن تعلم أن تفكيرك في اللحظات الإيجابية بينك وبين الطرف الآخر، من شأنه أن يُنسيك الأشياء التي تجعلك تُقدم على الانفصال.

 

3- توقف عن التفكير في الحبيب السابق نهائياً.

 

4- تعامل مع الألم بالشكل الأمثل: لابدّ أن تعرف أنك شخص جيِّد، وأنّ الذنب ليس ذنبك في إنهاء هذه العلاقة.

 

5- لا تفكر في أنك شخص لا يستحق الحب، أو في أنّك غير محبوب من الناس. لابدّ أن تعلم أنك سوف تجد العديد من الأشخاص الآخرين الصالحين بالنسبة إليك.

 

6- اكتب كل مشاعرك على الورق، لكي تُنهي كل شيء داخلك وتتخلص من مشاعرك السلبية.

 

7- أوجد لنفسك مساحة من السعادة في حياتك، من خلال التواصُل مع الأهل والأصدقاء.

 

8- تحدث مع أصدقائك: ينبغي أن تتحدث مع أصدقائك، حيث إنك في حاجة إلى أن تكون محاطاً بالبشر والناس، لكي تنسى هذه العلاقة السابقة.

 

9- اترك دائماً مسافة محددة بينك وبين حبيبك السابق، إذا قررتما الاستمرار كصديقين، بمعنى ألا تَرَيَا بعضكما بعضاً كثيراً، وألا تكون من بين أصدقائه المقربين.

 

10-                    امنح نفسك فترة من الوقت، قبل أن تبدأ في علاقة جديدة، ريثما تستعيد توازن ذهنك ومشاعرك.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم