السبت 21 ديسمبر 2024 / 20-جمادى الآخرة-1446

أساليب والدية تزيد من عناد الطفل



هناك ثلاثة أساليب أبوية تزيد من عناد طفلك:

 

لا يقع كلّ الخطأ على الطفل عندما يعاند، فلقد وجد الخبراء أنّ الآباء قد يتسببون في عناد الطفل وتمرده وعدم طاعته وذلك بثلاثة أساليب:

 

 

1- التحكم الزائد والسيطرة القوية والقبضة الحديدية:

 

في هذه الحالة ترى الأب (أو الأُم) لا يخبر ابنه فقط بما يجب عليه فعله، بل يخبره أيضاً كيف يفعل ذلك وبكلّ دقة، وغير مسموح عنده بالخطأ ودائم العتاب ولا يستطيع أن يرى أي خطأ من ابنه – ولو كان تافهاً – ويسكت، والمثال التالي يوضح ذلك: طلبت الأُم من ابنها أن ينظف غرفته بالمكنسة الكهربائية، فاستجاب الطفل لها وأخذ المكنسة اليدوية الصغيرة للقيام بالمهمة، وأثناء ذهابه لغرفته صاحت فيه أُمّه لأنّها كانت تريد منه تنظيف الغرفة بالمكنسة الكهربائية، وكانت شكواها مركزة على طريقة الطفل في أداء المهمة فقالت: إنّ المكنسة التي اخترتها صغيرة جدّاً ولا تصلح لأداء المهمة وسوف تستغرق ضعف الوقت لتنظيف الغرفة، وهنا انفجر الولد غاضباً وقذف بالمكنسة على الأرض وأعلن العصيان… ومن هنا ننصح الآباء بالتركيز على أداء المهمة، ويتركوا لأطفالهم حق اختيار طريقة الأداء، فالمهم هو النتيجة وليس الطريقة، وهذه النوعية من الآباء نقول لهم: من الحرص ما قتل: وعليكم بمزيد من التغافل.

 

 

2- الحنان الزائد والرغبة الدائمة في إرضاء الطفل:

 

وينتج عن ذلك طفل مدلل قد تربى على أنّ كلّ طلباته مجابة والجميع تحت أمره يغضب لأتفه الأسباب ولا يرى إحساناً من حوله، هذا بالضبط ما حدث مع خالد الذي ولدته أُمّه بعد 13 سنة من زواجها، فكانت تخاف عليه جدّاً وتسرع في تلبية طلباته وتحميه بصورة زائدة، لدرجة أنّه ذات مرة طلب عصيراً بارداً أثناء مرضه، ورفضت أُمّه في البداية لكن مع بعض الغضب والأنين المصطنع استجابت الأُم في النهاية، وذات مرة كانت أُمّه مريضة، فطلبت منه كوب ماء، فرفض وقال: أنا تعبان، فقالت أُمّه: لا عليك يا حبيبي، سأقوم أنا لأحضر الماء لنفسي، وبهذه الطريقة صنعت من ابنها متمرداً كبيراً ومعانداً محترفاً… ولهذه النوعية من الآباء نقول: من الحب ما قتل، ونحن بحاجة للوسطية في حماية الطفل وإجابة طلباته، فالحب الحازم مهم جدّاً في حياتنا.

 

 

3- الحساسية المفرطة لوجود الناس:

 

فشعار هذه الفئة من الآباء والأُمّهات “ماذا سيقول عنا الناس” و”لابدّ وأن أحافظ على صورتي أمام الناس”، فعندهم مراقبة كبيرة للناس ويعملون لآرائهم ألف اعتبار، يهتمون دوماً بصورتهم أمام الناس، ولقد اكتشف أبناؤهم هذا السر وانتهزوا الفرصة، ففي الأماكن العامة وعند حضور الضيوف وأمام الأقارب يستغلون الحدث، فتراهم يطلبون من والديهم ويهددون بالصراخ، ومع أوّل زمجرة من الطفل يستجيب الأب (أو الأُمّ) حفاظاً على صورته أمام الناس، وهكذا تعلم الطفل أنّه هو المسيطر في المعارك العلنية أمام الناس، فهو يعرف أنّه إذا بكى بصوت مرتفع في محل البقالة سيشتري له أبوه ما يريد، ويعرف أنّه في الحديقة إذا طلبت منه الاستعداد للمغادرة فإنّه بقليل من البكاء يمكنه البقاء حتى يجب…

 

إنّ من ينظر لنا مع أبنائنا في الشوارع والأسواق والنوادي والمتنزهات أربع فئات: الفئة الأولى هم الجاهلون: ممن ليس لديهم أبناء من العزاب وأمثالهم، وهؤلاء نظراتهم لا تعنينا وغداً يدركون ما نحن فيه، والفئة الثانية هم اليائسون: فهم آباء وأُمّهات جربوا الخروج مثلنا مع أولادهم وانتهت كلّ خروجة بضرب وصراخ وحزن، فقرروا أن يخرجوا بمفردهم، وحين ينظرون نحونا ويرون ما نحن فيه يقولون: الحمد لله لأنّنا خرجنا وحدنا، وهؤلاء ليسوا بقدوة لنا فهم يائسون ونحن بفضل الله صابرون، أما الفئة الثالثة فهم الباحثون، إنّهم آباء وأُمّهات تعرضوا مع أطفالهم لما نحن فيه من مواقف وفشلوا، ولذلك فهم ينظرون نحونا لعلهم يجدون عندنا حلّاً يصلح للتعامل مع الصغار في تلك الأوقات الحرجة، وهؤلاء لا نهتم بنظراتهم وندعو الله لنا ولهم… إذاً فكلّ مَن ينظر نحونا لا يبحث عن مصلحتنا (ما عدا ناصحاً أميناً وصديقاً معيّناً)، فلماذا نهتم بهم ونعمل حساباً لنظراتهم؟

 

إنّنا – كآباء وأُمّهات – علينا أن نتذكر قاعدة العشرين والأربعين والستين، ففي سن العشرين نقلق بشأن ما يقوله الناس عنا، وفي سن الأربعين لا نأبه لما قد يقوله الآخرون عنا، وفي سن الستين ندرك أنّه ما من أحد كان ليفكر بنا أساساً.

 

المصدر: كتاب أطفالنا.. كيف يسمعون كلامنا؟

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم