الأحد 24 نوفمبر 2024 / 22-جمادى الأولى-1446

كيف تستثمر الأسرة رمضان ؟



الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، والحمد لله الذي خلق الحياة والممات ، والذي خلق الأرض والسموات ، والذي تطيب بذكره الكلمات ، والحمد لله منزل الرحمات ، وغافر السيئات ،وعلى نبينا محمد وآله أزكى التسليم والصلوات ، هنيئا لنا جميعا أن يمد الله في أعمارنا فندرك الشهر الكريم ، شهر رمضان المبارك لنفوز بالأجر المضاعف والحسنات.

أيها الأباء والأمهات، ما الذي ستفعلونه في رمضان ؟ هل سيمر علينا رمضان مثل رمضان الذي قبله والذي قبله من دون أن نستثمر هذا الشهر بفعل الطاعات واجتناب المحرمات … أم سيتغير فقط الدوام للأولاد والزوج والموظفات ، وسنتابع نشرات وإعلانات البرامج من المسلسلات والسهرات … أم سنلتف حول الشاشة الفضية نتابع الفوازير للكبار والصغيرات ، أم سنعمل ما في وسعنا لكي نجهز للشهر الكريم ما يحتاجه من الأطعمة والمشروبات والمقبلات ؟ أم سنملأ الليل جيئة وذهابا وزيارات متفرقات ، ونزيد في الأوقات الضائعات ؟

أجيبوني ؟ هل هذا الاستقبال يليق بالشهر الكريم ؟ يجب أن أقول .. إن أول خطوة من خطوات النجاح في استغلال شهر رمضان المبارك هي أن يكون هناك اجتماع في قبل رمضان للحديث حول رمضان وكيف نستغله الاستغلال الأمثل لنفوز بالأجر العظيم من الله تعالى .. نقول مستعينين بالله تعالى أن الوسائل كثيرة ومنها :

1)ضعوا جدولا لكم بقراءة القرآن لكي تتمكني من ختم القرآن الكريم كاملا تلاوة ولو مرة واحدة في هذا الشهر ، وشهر رمضان هو شهر القرآن يقول تعالى ( إنا إنزلناه في ليلة القدر ) وليلة القدر الشريفة من ليالي رمضان الكريم وحاولي أن تزيدي من حفظك ولو سورة قصيرة من قصار السور .. سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أيهما أفضل في القرآن التلاوة أم الحفظ فأجاب بل الحفظ ! وينبغي أن تقرأ أو تسمع شيئا من التفسير ولو لسورة واحدة ، لأن قراءتك للقرآن وأنت تتأمل المعاني وأسباب النزول والقصص يجعلك تخشع أكثر أثناء التلاوة . وإذا قرأت القرآن حاول أن تقرأ بصوت ولو خافِت وبالتجويد حتى تتأثر بالقرآن وتعم بركة قراءتك المكان والمنزل ولربما استمع لك الزوج أو الزوجة أو الأخ أو الأخت وحاول أن تبكي أو تباكي فكان رسول الله صلى لله عليه وسلم يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل يعني كالصوت الذي يخرج من القدر إذا على بالماء ولا ترفع المرأة صوتها بالبكاء خاصة إذا كان ذلك في مسجد أو مع أخريات من الأخوات أو أمام الأولاد خاصة الصغار منهم حتى لا يتكون عندهم موقف سلبي من القرآن .

ومن الاهتمام بالقرآن الكريم في هذا الشهر أن تُعقد ولو لمرة واحدة خلال الشهر جلسة عائلية تجتمعون فيها وتتلون سورة من سور القرآن ولو القصيرة جدا كـ (قل هو الله أحد ) وتناولها بالقراءة وبالتفسير وتصحيح قراءة الأولاد فيها أو الإخوان أو العمات أو الخالات بما يتيسر من أهل البيت ، وقد أثر عن أنس رضي الله عنه أنه كان يجمع أهله . ومن الاهتمام بالقرآن كذلك … أن تلتحق بحلقة من حلق القرآن الكريم المقامة في رمضان . ومن ذلك أيضا اقتناء جهاز راديو أو لاعب تسجيل ( مسجل ) في المطبخ حتى يستفاد من القراءة والخطب والكلمات الطيبة المذاعة من إذاعة القرآن الكريم والأشرطة النافعة .

2) احرصوا أيها المسلمون ، على أداء الصلوات في أوقاتها خاصة صلاة الفجر والظهر والعصر التي أحيانا تقع ضحية للنوم بسبب إرهاق الصيام وتعب السهر قال تعالى ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) ولذلك يجب علينا جميعا أن لا نفرط في نوم الليل حتى تكون صلواتنا في أوقاتها ولا تتعرض للتأخير عن أوقاتها أبدا وإن نوم الليل يكون في أول الشهر متيسرا ومتأكدا ولكن وللأسف بمجرد انتصاف الشهر تجد أن الشوارع قد ألفت السهر وامتنع الكرى إلا بعيد الفجر فهذا لا يعقل ولا يليق !!

3) الصوم مرتين أو أكثر / يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ” من فطر صائما فله مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء ” رواه الترمذي فإذا صمتِ وأطعمتِ الفقراء بمبلغ مالي متيسر والحمد لله عند الغالب في أغلب الجهات الخيرية 150 ريالا عن الشهر كاملا فكأنك صمت الشهر مرتين وهذا ما يعرف بمشروع إفطار صائم وهو متوفر في الداخل والخارج وهو مشروع إغاثي دعوي لأنهم يجمعونهم قبل الصلاة وبعد الصلاة يعلمونهم ما ينفعهم من أمر دينهم فيكون لكم -وأنتم جلوسن بين أولادكم وفي بيويتكم- الأجر فاستقطع من مالك هذا المبلغ وفوزوا بالأجر الكبير من الرحمن .

4) حاول أيها الزوج وأيتها الزوجة أن تظهر التغيير في بيتك وبين أولادك وإدخال الفرحة والبهجة على البيت والمنزل والعائلة بإظهار الفرحة بالابتسامات و العبارات الطيبة وتطييب المنزل ومن المقترحات التي وجدتها واستطلفتها في كتاب ( 25 وسيلة لكسب الأجر في رمضان ) ما ذكره مؤلفه ( خالد الدرويش ) حول تعليق لوحة في المنزل مكتوب عليها ( رمضان ) أو أي عبارة طيبة مثل شهر الطاعة أو الشهر الكريم . وتوزيع الهدايا على الصغار لكي يفرحوا بمقدم الشهر ويشعروا أن هذا الشهر شهر مختلف عن شهور السنة ونحبب لهم الشهر بهذه الطريقة ولنحرص على أن تكون أعطياتنا ليست أموالا خشية ألا يحسن الصغار الشراء فيشتروا بها ما يؤذيهم مثل المفرقعات المزعجة والمحرمة كما أفتى بذلك بعض العلماء لأنها من إتلاف وتبذير الأموال , وحاول أيضا تدريب الصغار على الصيام وجعل المكافآت لهم ولا تنهوهم عن الصيام ولهّوهم باللعب ولا تشقوا عليهم أو تصروا عليهم فيه بل ارضوا منهم بما يستطيعون مثل صوم الصباح مثلا أو الصوم عن الطعام من دون الشراب أو العكس أو التقليل واثني عليهم بذلك أمام أقرانهم والأهل والأقارب . ومن التغيير أيضا صلة الرحم ، والتواصل معهم في هذا الشهر وإذا أمكن أيضا دعوتهم على الإفطار .أو السحور ؟!! وتقديم الكتيبات النافعة والمواد الدعوية المفيدة لهم فهذا أمر ممتاز وطيب .

5) خططوا لعمل عمرة في هذا الشهر الكريم لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول ” عمرة في رمضان تعدل حجة ” وفي رواية معي، فتدلل الزوجة على الزوج أو الابن بالذهاب إلى مكة لأداء العمرة ولا تخاصم وتشدد في الطلب فيحصل شيء غير المقصود ثم أيتها الأخوات الكريمات ينبغي الحذر من مخالفات تقع من البعض إذا ذهب لأداء العمرة من تضييع للحجاب الكامل أو ترك الأولاد وعدم التنبه لهم سواء في مكة أو في أماكن إقامتهن.

6) قيام رمضان : من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، وهنا أيها الأخوات الكريمات هل ذكر المسجد ؟ لا لم يذكر ، إذن .. هل الأفضل الصلاة في البيت أم المسجد ؟ الجواب : البيت أفضل ، لكن حاولي أن تؤدي التراويح في المسجد ولو مرة في الشهر خاصة إذا كنت من النوع الذي إذا لم يصل في المسجد لم يصل في البيت !! وهناك فكرة وهي التناوب فمرة تذهبين أنت وتتركين الصغار عند جارتك أو قريبتك والليلة الأخرى تذهب هي وتبقين أنت ترعين الأطفال . وينبغي للرجال ألا يمنعوا زوجاتهم من الذهاب إلى المسجد إلا إذا خشيت الفتنة لحديث الرسول عليه أفضل الصلوات ” لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ” وعليها المرأة المسلمة إذا ذهبت لأداء الصلاة أن تحرص على الحجاب الكامل, وألا تذهب مع السائق الأجنبي بخلوة ، وألا تتعطر ولا تزعج المصليات بصوت جوالها خاصة إذا وُضع على أغنية من الأغاني التي عمت بها البلوى في الأيام الأخيرة . ولقد حدث في إحد المساجد أن رن جوال إحدى المصليات وكان على نغمة أغنية من الأغاني المشتهرة ، فقام الأطفال بترديد كلمات الأغنية وبالتصفيق والرقص على صوت موسيقى الجوال فهل ترغب امرأة عاقلة في تكرار هذا المشهد ؟!!

7)الإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار : تقول عائشة رضي الله عنها أم عبد الله أم المؤمنين على أبيها رضوان الله : طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا ، فالإنسان إذا كان صائما ينبغي له أن يبعد عن الهمز والغيبة والنميمة والكذب حتى لو سابه أحد أو شاتمه فليقل : إني امرؤ صائم أما أنت فتقولين بارك الله فيك : إني امرأة صائمة وبعضهم قال لا بل تقول إني امرؤ صائم ، التزاما بالنص . واللسان إذا لم يملأ بالكلام الطيب مُلئ بغيره فالأفضل أن نتعلم الأذكار كما قال الأولون بِع الدار واشتر الأذكار يقصدون بذلك كتاب الأذكار للإمام النووي وتكثر الأمة المسلمة من الدعاء وتتحرى ساعات الإجابة فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” ثلاث دعوات مستجابات والصائم حتى يفطر , وفي رواية للصائم عند فطره دعوة لا ترد وقال تعالى ” ادعوني استجب لكم ” وقال وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون .

أخيرا هناك تنبيهات للمرأة المسلمة خاصة :
1) استغلال وقت الحيض والنفاس في الذكر والاستغفار وتلاوة القرآن تعويضا للصيام .
2) ليكن لك صدقتك في رمضان ولا تنسي الزكاة .

3) الحذر من الإمساكيات الخاطئة التي تجعل وقت الإمساك قبل طلوع الفجر فهي بدعة من البدع .
4) الحرص على قراءة وسماع الفتاوى .

5) لا تهملي الزينة في رمضان خاصة بالليل ” أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنت لباس لهن ” وتخففي منها في النهار حتى لا يقع أمر لا تحمد عقباه . وتطيبي حتى في النهار فجوز الشيخ ابن باز رحمه الله حتى معطر الفم واستاكي ، فللأسف بعض النسوة لا يعرن هذه المسائل الأهمية الخاصة بها ففي الكويت طلق أحدهم زوجته بسبب أنها لا تستخدم معجون الأسنان، وبالمناسبة استخدام المعجون جائز حتى في الصيام لكن لتحذر المرأة من بلع المعجون .
6) عدم الغفلة عند الإفطار عن الذكر والدعاء والهدوء والطمأنينة واستشعار الأجر .

هذا والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله، فله الحمد وله الشكر وله الثناء الحسن وأسأل الله أن يمن علينا بإتمام الشهر الكريم وأن يتقبل منا إنه هو السميع العليم

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم