الخميس 19 سبتمبر 2024 / 16-ربيع الأول-1446

العصا السحرية في زمن المحن



بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد ،،،
لا أحد منا في هذه الحياة لا يمر بموقف عصيب أو أزمات ومحن أو تسير الحياة بالنسبة له عكس ما تشتهي السفن ، لكن ربما ما تشتهي ليس فيه خير ، وتأخذها الريح إلى شط وبر جديد ترى فيه الحياة من منظور آخر ، لعلها تجد بستان فيه من النور ما يفتح لها الباب لطريق جديد يجعلها تسير في جنبات الحياة عاشقة لها واثقة في رحمة الله ، وأقصد بعشق الحياة الرضا بقضاء الله وقدره في كل أمر من أمور الحياة بنفس يملؤها اليقين بأن خيرة الله أفضل دائما .

ربما في كل محنة ننتقل لمرحلة من مراحل عديدة تأخذنا لهذا اليقين ، نعم حسن الظن بالله العصا السحرية التي تجعلك تنظر للحياة وأنت تبتسم وتسأل نفسك ماذا سأتعلم منك يا ربي في هذه التجربة لعلها رسالة أحتاج إليها أو يحتاج إليها من يسمعها ، وعلى اختلاف التجارب ومدى شدتها إلا أنها دائما ما تكون مكسب للنفس الواثقة في رحمة الله ، بل إن هذه الثقة هي سفينة النجاة التي ترسي بنا حيث الخير ، فالخير كل الخير في الرضا بقضاء الله وقدره ، وحسن التوكل عليه والظن به ، والنفس البشرية تحتاج لجهاد وتدريب ومران مرات عديدة حتى تصل لهذه المرحلة ، ومن رحمة الله ولطفه انه يحملنا ما نطيق ورحمته ولطفه دائما مع قدره بل ربما تسبقه ، سبحانه كريم حكيم في ملكه ،

إن مع العسر يسرا ، فأحسنوا الظن بالله ، فلن تجد من يكون محل ثقتك دون أدنى شك مثل ربك ، سبحانه يطعمنا ويرزقنا ونعصيه ويمهلنا ، وإذا أتيناه تائبين تقبلنا ، فما أكرمه وارحمه ، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ، فإذا عاملنا بعدله ما ترك على ظهرها من دابة ، لكنه أهل الكرم والرحمة والفضل فمن سواه يستحق أن تحسن به الظن مطلقا دون أن يساورك الشك في حسن تدبيره لأمرك ، فما عليك إلا أن تسترجع الآمر إليه وتتوكل عليه لا تتواكل تأخذ بالأسباب وتترك النتائج تسير كما تسير فلا عجب ، فأنت لا تعلم لعلها ريح خير ، فالمحن تكسبنا العديد من المنح لعل أهمها القرب من الله والاستغاثة بالله والاستعانة برحمته ، فعسى قدر يردك إليه خير من نعمة تأخذك من طاعته ، وثق كل الثقة يا عبدالله أن الله ما قضى لك أمرا إلا وفيه خيرا كثيرا دنيا وأخرى ،

ومن ثم أهمس في أذنكم وأقول لنفسي وإياكم تذكروا دائما في أي أزمة أو موقف عصيب أو محنة أن هناك عصا من النور تشق تلك الظلمة وتعبر بها الطريق وستصل بإذن الله لأكثر مما تحبه وتتمناه ، تلك العصا هي حسن الظن بالله ولنا في الأنبياء والرسل قدوة حسنة ، وما جعل الله قصص الأنبياء والرسل وذرياتهم في كتابه الكريم إلا لحكمة ، فهي نور يهتدي به الجميع ، فمنا من يعاني اليتم والظلم والنفي والقسوة والجفاء والرغبة في الذرية الطيبة ……الخ ،

انظر لسيد الخلق وحبيب الله والشفيع المشفع محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وسلم كان يتيما ، وعانى من ألوان الظلم من قومه لكن نصره الله وجعل الصلاة عليه تفريجا للكرب انظر وتأمل منزلته عند الله انظر لكرم الله سبحانه ، تأمل تلك الكلمات التي ذكرها الله في كتابه الكريم عندما كان عليه الصلاة والسلام في الغار هو وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه ” لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ” ، يا لها من كلمات تبعث الأمل وتثير في النفس السكينة والطمأنينة بان الذي خلقك لن يتخلى عنك ، إنها الثقة في الله وحسن الظن به سبحانه ، إنها النور الذي يجب أن نبحث عنه لعلنا نرى بنور البصيرة ، تعاني من قسوة البعض من حولك انظر لإخوة يوسف كيف ألقوه في الجب ونفوه وجعل الله ما مر به من محنة منحة أصبح فيها عزيز مصر ، حرمت من الذرية فتذكر أن بالدعاء رُزق سيدنا زكريا

سيدنا يحي ، فادعوا ولح في الدعاء وتضرع إلى الله والقادم أفضل بإذن الله ، فرق الله بينك وبين ذريتك أو أحبتك فلعل الله يجمعك بهم ، كما رد سيدنا موسى عليه السلام لامه ، وغيرها من الأحداث التي تلم بنا في كل فصل من فصول الحياة ، تذكر دائما أن الله معك فلا تحزن ، وكن بقلبك مع ربك يكن لك كما تحب وزيادة فما لجأ إليه أحد وخذله ، وما استغاثه عبد إلا وأغاثه سبحانه ،

يخذلك البشر ينقطع عنك الناس يمنون عليك المعروف يتركوك وحيدا …….الخ ، لكن رب البشر كريم ” أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ” هو أقرب إليك من نفسك هرول وافزع اليه واستعن به وستجد الباب مفتوحا وستجده قريبا منك وإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ، بل إننا نجد السعادة ولذة الحياة التي تنسينا صعوباتها عندما نسجد وندعو ونتضرع لله ونحمده على كل قدره حلوه ومره ، فلك الحمد ربي كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، دع عنك القلق والتفكير والألم وتمهل وأرفق بنفسك وخذها حيث أراد الله وبه استغيث وعليه توكل وبه استعن وثق في رحمته يا عبدالله مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى* وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى ، وتأتي البشرى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ، من منطلق التذكير بأمور صعبة قد تكون مررت بها في حياتك فكانت رحمة الله اسبق أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى* وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ، ثم تأتي روشتة العمل التي تبث في نفسك السعادة بمد يد العون لمن يحتاج إليك فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ، حدث عن النعم المغمور فيها سترى أن الأمور هانت وأن ما بيدك أعظم وأجل مما تفقد ،

إن حسن الظن بالله والحديث إلى النفس من منطلق الأمل والرضا بالقدر خيره وشره والخلود إلى النوم برسائل ايجابية للعقل الباطن مع إحساسك القوي بها لأن ثقتك في الله القادر المقتدر الكريم الرحيم تجعلك أقوى أمام المحن ، وتعيد برمجة وهندسة وتخطيط المخ في ضوء الرسائل الايجابية فتفكر أفضل وتضبط حياتك بل تستطيع تحويلها إلى الأحسن بزوال الغضب وتشتت الرؤية وعدم ترك النفس ريشة في مهب الريح دون ثوابت وقواعد تعتمد عليها النفس في تنظيم أمورها والتعاطي معها بقدر من المرونة ، واحذر أن تعيد صياغة أحداث حياتك برؤية سوداوية تغلق أمامك الأبواب المفتوحة ، بل ابحث عن ذلك الباب الذي لا يغلق وانظر إلى النصف المملوء من الكوب ولا تيأس لعلها منزلة أراد الله أن يرفعك إليها ، ولعله ذنب يكفره الله عنك فتأتيه وليس عليك شيء ،

ضع أملك في رب البشر وليس البشر ، توكل على خالق الخلق ، وليس الخلق ، مَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ، ثق في شعاع النور الذي في قلبك ، كن حسن الظن بالله ، وستتعلم من أقدارك أن الخيرة فيما اختاره الله لك ربما تستحق أفضل مما تتمنى ، ربما نتمنى أمورا نظنها خيرا وهي ليست كذلك ” وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ” فكن واثقا في رحمة الله وكرمه ، وستجد حياتك تدار برحمة وحكمة تفتقدها أنت في إدارة أمورك ، واحمد الله في كل الأحوال بل فكر في أعمال تعبر بها عن شكرك لله ساعد إخوانك تحدث عن كرم الله وثمرة حسن الظن به ، وحسن التوكل عليه ،

اكتشف نفسك ورودها أخرج النور الذي بقلبك ترى النور من حولك ، ترفق بنفسك واحنوا أنت عليها لا تنتظر الآخرين ، كن لنفسك كما تريد من الآخرين لا تلقي باللوم على الناس ، وإنما توجه لنفسك وحاسبها لعلك تجد ضالتك ، لا تنتظر تغيير العالم بل غير من نفسك ، امسح عنك دموعك بيدك واثقا في الله ، قائلا الحمد لله لعله خير لا تنتظر غيرك فربما تنتظر طويلا ، ولا يأتي أحد يهتم بتلك الدموع فأنت أولى بنفسك ، لون حياتك بنور الأمل وأحسن الظن بربك ترى ما لا يراه الآخرون جعل الله حياتكم نور على نور ، استودعكم الله وألقاكم بإذنه تعالى مع شعاع نور أخر وعصا سحرية أخرى .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم