لأننا في حاجة إلى صور وطنية إيجابية تدفع في أجسادنا وأرواحنا التفاؤل بغد أفضل في خضم ما نشاهده شمالا وجنوبا من حراك خارجي إرهابي، عقدت العزم على نقل موقف شجاع ينم عن اهتمام أسرة سعودية بتربية أبنائها على قيم أخلاقية تليق بنا كمسلمين ومواطنين لهذه البلاد الطيبة.
فقد نقلت “إحدى الصحف الإلكترونية” موقف الطفل السعودي “ريان موسى البلوي” الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره!. الطفل الذي ضرب مثلا في رجولة مبكرة، وبادر بحمل كرة ملتهبة بعيدا عن شقيقاته، وأنقذ بفضل الله حياتهن وحياته من حريق أو اختناق متحقق.
ففي حين كان وشقيقاته وعاملة منزلهم يجلسون في صالة منزلهم في الدور الثاني، بادر “ريان “بوضع كمية من الغاز في مدفأة أحاطوها بأجسادهم لتتحول على الفور إلى كرة ملتهبة كادت أن تنتهي بمأساة، لكنه يحفظه الله، بادر بحمل المدفأة ونقلها بسرعة إلى دورة المياه وهناك أطفأتها أخواته والعاملة بالماء.
لا أعرف هل فكر في تلك اللحظة الحاسمة في حياته؟ أم كان فكره منصبا في إنقاذ شقيقاته والعاملة؟ فقد لامست النار جسمه الغض وحرقته، وكان من الممكن ألا يستمر في حمل المدفأة. كان من الممكن أن يقذفها من جراء ألم الحريق هنا أو هناك ويتسبب في حريق المنزل ومن فيه، كان من الممكن أن ينهار ويبكي خوفا، أو يهرب.
فهو طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره، ولكنه تصرف بشكل قد يعجز عنه من هو أكبر منه سنا، فعرض حياته للخطر في سبيل إنقاذ أخواته والعاملة، حفظه الله وبارك فيه وجعله من البارين الصالحين، وجزى بعظيم فضله أسرته خيرا فقد تمكنت بفضل الله من تنمية الإحساس بالمسؤولية فيه نفسه الغضة.
أما الصورة الرائعة الثانية، فمتحققة في الجوار الطيب، فقد بادر أحدهم بنقله مع أمه إلى مستشفى القريات العام لإسعافه من الحروق التي لامست جسمه، حفظه الله، وهناك نوّم في المستشفى وما يزال – إلى لحظة كتابة هذه السطور- يتلقى العلاج.
أما الصورة الثالثة الرائعة فكانت الزيارة التي قام بها مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة القريات العقيد “قاسم الموسر” للاطمئنان على صحة “ريان” وتهنئة والده بسلامته وبشجاعته، كما زاره في المستشفى عدد من سكان حي الخالدية في القريات – حي الأسرة وزملائه في المدرسة ومعلموه لتهنئته بالسلامة، وكان طبيعيا أن يوجه شقيق “ريان” الشكر لكل من مدير الدفاع المدني بالقريات ومدير مستشفى القريات العام ومدير شرطة القريات ومدير الأدلة الجنائية لحرصهم واهتمامهم بحالة شقيقه وتفاعلهم مع المصاب الذي أصابهم.”
لقد كان موقفا مخيفا وحادثا مؤلما لكن خاتمته كانت بحمد الله خيرا.
هناك ملاحظة هامة يجب أن نتوقف عندها، وهي المتعلقة باستخدام المدافئ التي تشتعل بالغاز أو الفحم، حماكم الله جميعا من نار الدنيا والآخرة، فعلى الإعلام ووزارة الداخلية ووزارة التربية والشركات الخاصة التي تسعى إلى تقديم خدمات اجتماعية، نشر إعلانات تحذر خلالها استخدام هذه النوعية من المدافئ عبر كل وسائل الإعلام وحتى عبر الشاشات المعلقة على الطرقات، كما على المجتمع المدني تكثيف دورات توعوية توضح خطورة استخدام المدافئ التي تعتمد على الغاز والفحم داخل المنازل وفي الغرف المغلقة، فخطورة استخدام الغاز لا تتوقف على إمكان إحداث حرائق بل على ما يتولد عنها من غاز ثاني أكسيد الكربون على حساب الأوكسجين، ما يهدد بحدوث اختناق للأشخاص الموجودين في ذلك المكان، أما المدافئ التي تعتمد على الفحم فهي أيضا تولد غازا آخر لا يقل خطورة، فهي تخلف غاز “أول أكسيد الكربون” وهو غاز بطبيعته سام لا لون له، ولا رائحة ويؤدي استنشاقه إلى الوفاة -لا قدر الله – وتتكون تلك الغازات في الأماكن المغلقة، ويحدث ذلك عندما تقل نسبة الأوكسجين إلى درجة كبيرة، وكلا النوعين قد يتسببان في حدوث حريق يأكل الأخضر واليابس ويحصد أرواح الأبرياء حمانا الله جميعا.
وأخيرا، أتمنى تكريم هذا الطفل الشجاع الذي عمد إلى إنقاذ الأرواح، كما أتمنى استقبال “ريان” وأسرته من قبل إحدى الشخصيات الاعتبارية في وزارة الداخلية وتكريمه بشكل يليق بشجاعته، كما أتمنى أن تبادر وزارة التعليم لفعل مماثل، لعل ذلك يخفف على الطفل الذي دون شك يمر بمرحلة نفسية صعبة، إذ علينا كمجتمع ألا نتهاون في هذه الحادثة فقد ضحى طفلنا “ريان” بحياته في سبيل إنقاذ شقيقاته وعاملة المنزل، وتحمل ألم الحريق، وسيبقى فترة ينظر إلى آثار الحريق ويسترجع ألم الحادث. حفظه الله وبارك فيه، إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.