عادة السلف الصالح في العشرة من ذي الحجة
د. خالد الحليبي |
ان لكل قوم مواسم ينتظرونها واياما يتهيئون لاستقبالها ويفرحون بقدومها ومواسم أهل العبادة والطاعة اجل المواسم وأعلاها قدرا واعظمها شرفا حدد اوانها من وضع الميزان واجزل اجرها الكريم المنان ذو الطول والسلطان فلا راد لما قضى ولا مانع لما اعطى يقبل القليل ويجزي عليه الكثير ويبارك في العمل اذا لزم الصواب والاخلاص. هاهي مواسم الخيرات تنفحنا نسماتها وتطوف بقلوبنا روائحها تنادي في اهل الايمان اشواقهم الى مواطن الثواب وتبعث في ارواحهم همم العلماء العباد مواسم اقسم الله بلياليها وايامها تعظيما لشأنها فقال عز وجل: (والفجر وليال عشر) الفجر (1 – 2).
حدث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (ان العشر عشر الاضحى والوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر).. رواه احمد وهو حديث صحيح.
قال ابن القيم رحمه الله: ان الفجر في الليالي العشر زمن يتضن افعالا معظمة من المناسك وامكنة معظمة وهي محلها، وذلك من شعائر الله المتضمنة خضوع العبد لربه فان الحج والنسك عبودية محضة لله، وذل وخضوع لعظمته.. فالزمان المتضمن مثل هذه الاعمال اهل ان يقسم الرب عز وجل به.
ايام لاتفضلها ايام غيرها ابدا، كيف لا وقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (ما العمل في ايام افضل منها في هذه ؟ قالوا: ولا الجهاد؟ قال ولا الجهاد، الا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء).
حق لك ايها المسلم الصالح ان تهتف بعد سماع هذا الحديث الحمد لله الذي متعني بحياتي حتى ادركت هذه الايام فانك وقد ادركت هذه الايام وهبت نعمة جليلة من الله بها عليك اذا بلغك شرف هذا الزمان وبلغك العلم بشرفه فما بقي لك الا ان تشكر الله تعالى عليها شكرا قوليا وشكرا عمليا فتحيي ايامها بالصيام ولياليها بالقيام وسائر ازمانها بالذكر والدعاء.هذا شأن سلفك الصالح. وفي الحديث عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مامن عمل ازكى عند الله ولا اعظم اجرا من خير يعمله في العشر الاضحى. قيل ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)؟
هذه الايام هي الايام العشرة الاول من ذي الحجة ايام تختم بها الشهور شهور حج بيت الله الحرام وتقع فيها اعظم مناسكه وهي خير ايام الاشهر الحرم التي اختارها الله من اشهر السنة. والاشهر الحرم رجب وذو القعدة وذي الحجة والمحرم واشهر الحج شوال وذو القعدة والعشرة من ذي الحجة. ومما يدل على عظمة هذه الشهور ان الظلم محرم في سائر الشهور تتضاعف حرمته في هذه الشهور.