قبل أسبوعين وجدت نسبة تقول ان: 45% نسبة إيذاء الأطفال في المجتمع السعودي، وقالت الصحيفة التي نشرت الرقم إنه صادر عن دراسة من وزارة الشؤون الاجتماعية، فبادرتُ لأتأكد من أحد المسؤولين في الوزارة، فنفى وجود دراسة شاملة لهذه القضية، ونفى هذا الرقم بالذات.
بعدها نشرت إحدى الصحف على لساني تبني: النسبة التي نشرها أحد الباحثين؛ 28% للإيذاء الجنسي، ولم أقل ذلك أبدا في المحاضرة التي تمت تغطيتها، ولست مؤمنا بها، بل زادت الصحيفة أنني قلت إن النسبة في إحدى الدول العربية: 48%، ولم أشر حتى إشارة إلى هذا في المحاضرة، بل عرضت فيلما لأحد المختصين من تلك الدولة، وذكر أن النسبة لديهم تقترب من النسبة في المملكة وهي20%، ثم أضافت الصحيفة أني ذكرت أن نسبة اعتداء العم أو الخال بنسبة 1%،
وهذا ليس بصحيح، بل هي أكثر من ذلك للأسف الشديد، وأما 1% فهو للآباء المنحرفين، والأدهى من ذلك أن يغير حتى مكان المحاضرة من المؤسسة التي عرضت فيها، إلى مؤسسة أخرى تماما، ولم تختم الصحيفة تقريرها المفبرك إلا بقولها على لساني: إن النسبة تزايدت منذ عام 2009م وحتى 2014م؛ وذلك بسبب زيادة الانفتاحية وكثرة الحاجة لاستخدام الأجهزة الذكية، وكثرة الاختلاط، وهو ما لم أقله في هذه المحاضرة نهائيا، وإن قلت بعضه في موقف آخر، وغير ذلك من الخلط واللت والعجن!!
ثم جاءت ثالثة الأثافي، حين أذاعت صحيفة يومية أرقاما نسبتها إلى وزارة العدل، تشير إلى أن أعداد الطلاق تزايدت؛ حتى أصبحت ثلاثة أضعاف أعداد الزواج، وهو خطأ جسيم، جعل المجتمع ينتفض بإعلامه ووسائل التواصل فيه، ومجالسه، وله الحق، فإن ذلك يعني كارثة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
نعم هناك تزايد في عدد من المناطق والمحافظات، ولكن من غير المنطقي قبول هذا التفاوت أبدا بين أعداد الطلاق والزواج، فإذا صدقنا ـ على مضض ـ بأن يكون الطلاق ثلث أو ربع أو خمس حالات الزواج، ولكن لا يمكن تصديق العكس، ولذلك تواصلتُ مع مسؤول في وزارة العدل فنفى تلك الإحصائية تماما، وذكر أن الإحصائية الصحيحة سوف تصدر قريبا بإذن الله تعالى.
علما بأن عدد عقود الزواج للسعوديين الموثقة رسميا في المحاكم للعام الماضي 1434هـ بلغ (135.576) عقداً في حين بلغ عدد صكوك الطلاق بين السعوديين (29.150) بنسبة مئوية بلغت (21%) بمعنى حالة طلاق واحدة مقابلة خمس حالات زواج.
وهي ـ مع ذلك ـ نسبة عالية جدا، والمأمول أن تنهض وسائل الإعلام بدورها في العلاج والحلول بدلا من إثارة الزوابع وتخويف المجتمع.
والتوجهات الجديدة لمجلس الوزراء، ومجلس الشورى، ووزارة العدل، ووزارة الشؤون الاجتماعية، ومؤسسات المجتمع المدني هي معالجة مشكلة الطلاق من أساسها، وذلك بتأهيل المقبلين على الزواج قبل دخولهم في عشه، وتثقيفهم من الجوانب الشرعية والاجتماعية والنفسية والطبية، وافتتاح مكاتب الصلح في المحاكم لدى وزارة العدل، وفي المراكز واللجان الأسرية لدى وزارة الشؤون الاجتماعية.
ومن المتوقع كذلك أن تتجه المؤسسات المانحة، وأقسام المسؤولية المجتمعية إلى تنمية الإنسان، والاهتمام بالمناشط الأسرية المبنية على أساس مهني علمي، فهو الاستثمار الحقيقي، وهو مبدأ علاج كل المشكلات التي يعاني منها كل تجمع بشري، وذلك بتبني المؤسسات الأسرية، وبرامجها التنموية، ولكل المراحل العمرية، فقد أثبتت دراسة محلية أن من أسباب الطلاق سوء التربية وبخاصة في مرحلة المراهقة.
وعودا على بدء، لدينا مشكلة، وأزمة حقيقية في مصادر الإحصاء الموثوق في بلادنا، وكلنا انتظار لانطلاق المرصد الاجتماعي الذي تم الإعلان عنه قريبا؛ ليحسم المصدر.