د. فيصل بن سعود الحليبي
ويأبى جملة من الخلق إلا البحث عن غير هذه الصبغة الكاملة ، ليقع اختيارهم على ألوانٍ موغلةٍ في النقص والبشاعة :
فمنهم : من انسلخ من ملة الحنيفية إلى ملل الكفر أو الشرك ، { وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ }.
ومنهم : من تلوّن بلون التوحيد وبطّنه بالكفر ، أو تلوّن بلون الإخلاص وأخفى به الرياء ؛ وما ذاك إلا مخادعة لله وللمؤمنين ، { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا . مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا } .
ومنهم : من غرّته ألوان الدنيا الباهرة ، وزخارفها الغرّارة ، فانساق يلوّن نفسه بكل لون ، ولو كان على حساب دينه أو خلقه ، لهثًا خلف سراب الدنيا وحطامها الزائل ، وإنه لمن شر الناس صبغة ولونًا ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ ) رواه البخاري .
ومنهم: من أسلم نفسه للناس يلوّنونه كيف شاءوا ومتى ما شاءوا ، فأولئك هم الإمعة ، الذين حذّر الرسول صلى الله عليه وسلم منهم فقال : ( لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً ؛ تَقُولُونَ : إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا ، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا ، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ : إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا ، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا ) رواه الترمذي وحسّنه .
وإن منهم : من يصطبغ بصبغة الإيمان والتقوى ، لكنه ما إن يتعرض لنار الفتن وبلاءها _ أعاذنا الله منها _
وأخيرًا :