1- في السنة الأولى من عمر الطفل، الطفل يحتاج إلى الحب أكثر من أي شيء، وهو مسالم لا يخالف النظام، ليس لديه استقلالية، فهو اعتمادي على غيره بالدرجة الأولى، كثير البكاء لأي شيء يعترضه لكنه في الوقت ذاته متجاوب مع من يلاعبه إلى درجة كبيرة، ولا يخاف الغرباء.
2- في السنة الثانية يشرع الطفل في اكتشاف الواقع من حوله ويتطلع إلى كلّ ما حوله بنهم وشغف، ويبدأ في تقليد من حوله، ويتطلب ذلك منا السلوك الجيد الذي يقلده والشيء المفيد ليكتشفه.
3- الفترة من السنة الثانية إلى السنة الثالثة فترة صعبة، وهي فترة يبدأ الطفل فيها بتجريب قدراته، ويتعلم من المحاولة والخطأ فيكسر ويحطم عن قصد أو عن غير قصد، ولا يسمع أوامر الوالدين، بل طبعه في هذه السن المخالفة وكلمته المفضلة هي كلمة “لا”، وإذا غضب كان غضبه شديداً يتمنى تحطيم ما كان في طريقه، ولا يجب أن نكبت الطفل بل علينا أن ندعه في هذه السن ينفّس عن نفسه، فلنعطه شيئاً ما ليكسره، ولنتركه قليلاً يلعب في الماء ويكتشفه، المهم ان نشبع رغبته في التخريب والتحطيم بما لا يضره ولا يفسد شيئاً مهماً.
4- في السنة الثالثة يكون الطفل أكثر مسالمة من الفترة السابقة، وأكثر فهماً وتعاوناً، وعلينا أن نعلمه في هذه السن كيف يتعاون مع الآخرين، ونعلمه بعض أنواع السلوك الحسن الأولى البسيط، كأن يحب الآخرين، ويحترم حاجاتهم.
5- أما في السنة الرابعة من عمر الطفل فإنّه أكثر نشاطاً وحيوية وهو يحاول اكتشاف كل ما حوله، وكل ما يتعلق به، وهو دائم الأسئلة عن كل شيء، وهو أيضاً يتمتع بقدر كبير من البذاءة، فربما يوجه السباب إلى الآخرين حتى لو كانوا من الأقربين، وهذا يدعونا إلى إحسان معاملته وتربيته في حدود الفهم والصبر الجميل.
ويجب أن نهتم بأسئلته ونجيب عليها بطريقة مبسطة أقرب إلى فهمه وعقله، ولا نواجهه بقولنا “أنت صغير” أو “عندما تكبر سوف تفهم” أو “هو كده”، أو غير ذلك من أساليب الهروب، لأننا إذا أعطينا الطفل سبباً حتى لو لم يفهمه جيداً فإنّه سيعلم أن هناك أسباب للأحداث، وأنّ السلوك ليس مجرداً استبداد أو تسلط، وسوف تشجعه الإجابة على أسئلته على أن يسأل أكثر، وعلى ألا يفقد الثقة في الكبار.
6- عندما يبلغ السنة الخامسة فإنّه يصبح أكثر نضجاً وأكثر فهماً، ويفهم بدرجة كبيرة ما نتوقعه منه، ويستطيع أن يرى أخطاءه ويعترف بها، كما أنّه أصبح الآن أكثر اعتماداً على نفسه، فقد يستطيع أن يستحم بمفرده أو يلبس بمفرده، وعندئذ يجب علينا أن نثنى عليه وعلى أفعاله الحسنة، وعلى تعاونه معنا ومع أصدقاءه.
7- يرى كثير من علماء النفس والأطباء أنّ السنوات الخمس الأولى للطفل والتي تحدثنا عنها هي الفترة الأكثر أهمية في حياة الطفل النفسية خاصة وأنها هي الفترة التي تحدد ملامح شخصية الطفل، ولذلك تركز التربية الحديثة على هذه المرحلة لبناء شخصية الطفل بناءاً سليماً”.
والطفل في هذه المرحلة له قدرة كبيرة على التخيل وخياله محدود بالأشياء التي عرفها ورآها حوله، لذلك قد يحكى لك طفلك حكاية من واقع خياله على أنّها حقيقة واقعة، وهو بهذا لا يكذب ولا يعرف الكذب، ولكنه يحكى شيئاً حقيقياً بالنسبة له نسجه من خياله.
8- في السنة السادسة يتطلع الطفل نحو التعلم، لكنه يكون أقل تعاوناً من ذى قبل، وهو يعيش في حاضره ويبتعد نوعاً ما عن التخيل، ويميل إلى التمثيل.
9- عندما يبلغ الطفل السابعة فإنّه يكون قد تجاوز نطاق البيئة المحدودة، متجهاً نحو التفكير الإبداعي أو التركيبي الموجه إلى عمل معيّن، ويزداد حبه إلى الاستطلاع.
10- عندما يبلغ الثامنة من عمره فإنّه يتطلع إلى الأفق البعيد ويزداد شغفه بالقصص الخيالية، بل وينجذب نحو القصص الخرافية وقصص المغامرات، وهو كثير التساؤل عن الأسباب المختلفة لكثير من الأحداث اليومية، وربما يسأل نفس الأسئلة التي كان يسألها وهو في سن الرابعة أو الخامسة وطبعاً يجب أن تكون الإجابة مختلفة عن الإجابة التي أجبناه بها وهو في تلك السن، فنجاوبه بما يناسب قدراته وتطور عقله.
11- الطفل في سن الثامنة إلى التاسعة وحتى سن الثانية عشر يصبح الطفل إلى حد كبير واقعياً ويبتعد عن الخيال البعيد عن الواقع، ويظهر اهتماماً بالألعاب التي تتطلب مهارات وحنكة، ويستهوى الطفل في هذه المرحلة قصص الشجاعة والمغامرة والعنف وسير الرحّالة والمكتشفين كما تستهويه القصص الهزلية، والقراءات العلمية المبسطة، وكتب المعلومات، وتسمى تلك المرحلة بمرحلة البطولة.
متى يبدأ الضمير عند الطفل؟
نقصد بالضمير ذلك الصوت الداخلي الذي ينادي الإنسان ويشده إلى الصواب كلما ابتعد عنه أو جنح إلى السيئ من الفعل أو القول، والضمير بهذا المعنى ينمو مع الطفل تدريجياً، فالطفل في السنة الخامسة يستطيع أن يتبع أوامر الوالدين، وماتعلمه من المبادئ الخلقية البسيطة، ولا يفعل ما يغضبهما حتى وإن كانا غائبين، ولكن هذا لا يعني أنّ الضمير قد تشكل عنده، إنّه يفعل ذلك من منطلق الخوف من العقاب أو الخوف من سخط الوالدين عليه، ولكنه بعد السنة السادسة يبدأ في إدراك الصواب والخطأ بطريقة أكثر عمقاً من ذي قبل، ولكن ليس كما نفهمه نحن بالطبع.
إذن الضمير لا ينمو مرة واحدة ولا توجد سن معينة تستطيع أن نقول عندها أنّ الطفل الآن بالتحديد يفهم الفرق بين الصواب والخطأ بالمعنى الذي يفهمه الكبار، إلا طبعاً إذا أصبح الطفل راشداً ووصل إلى سن المحاسبة، لذلك عندما نكافئ الطفل يجب أن تكون مكافئتنا له مكافأة مادية عينية غير معنوية لعدم إدراكه للمعاني المعنوية، فمثلاً لا تقول للطفل إذا فعلت كذا فإنك ستصبح ناجحاً في حياتك المستقبلية، فهو لا يدرك ذلك المعنى كما أنّ المستقبل لا يعني بالنسبة له شيئاً فهو بعيد جدّاً عنه ولا يدركه كما ندركه نحن.
المصدر: كتاب افهم طفلك تنجح في تربيته