عُرفت مهارات الإقناع على مرِّ السنين أنها تُستخدم في التواصل مع الناس والإدارات والقيادات.. ولكن من المؤكد أنك لم تقرأ عن مهارات تطبقها لتقنع نفسك أنت..
فهل من الممكن أنّ النفس تحتاج للإقناع حتى تقوم بالفعل.. أي: إنك المسؤول عنها.. الذي من الواجب عليه أن يتفهّم طبيعتها، وكيفية التعامل معها، ولربّما نكون أوّل مَن طرح مهارات الإقناع بهذه الطريقة على النحو الشخصي، أي: لك أنت.. لأنك أنت جوهر الكون، ومن هذه النفس تنطلق عجائب الحياة..
وقد عُرف الإقناع سابقاً بما يلي:
الإقناع: هو محاولة التأثير على الآخرين لقبول أمرٍ معيّنٍ، مثل: (فكرة، منتج أو خدمة) والإطمئنان إليه، والرِّضا به.. أي: إنه للتأثير على الآخر، يعني: وسيلة، فلماذا لا تستخدم هذه الوسيلة مع الشخص الأهم في حياتك، والذي هو أنت؟!
الإقناع: مهارة كغيرها من المهارات، تُكتسب بالتعلُّم والممارسة، وهي من المهارات التي ترفع قيمة الإنسان، وتزيد من سعره في كلّ المجالات، سواء في الأسرة، أو المجتمع، أو نطاق العمل.. إذا ما كان مقنعاً بين الناس.. فكيف إذا كان أريباً، ذكيّاً، يطبق هذه المهارات على نفسه أوّلاً؟! ومما لا شك فيه أنّك ستكون غير قادرٍ على إقناع غيرك بأيِّ فكرةٍ.. إذا لم تكن أنت مقتنعاً بها مئة بالمئة.
وأغلب الكُتُب أو المحاضرات التي تطرح موضوع الإقناع تطرح فكرة: أقنع نفسك أوّلاً، لتقنع مَن حولك..
عندما نحاول أن نقنع الآخر بوجهة نظر، فإننا نستخدم أسلوب الوصول إلى العقل الباطن الموجود داخل هذا الآخر ومخاطبته بالفكرة.
هذا يعني: أنك تحاوره، والحوار هو أهم مهارات الإقناع.. لذا: فإنّ الحوار مع الذات هو من أكثر أنواع الكلام تأثيراً على النفس؛ فالعقل الباطن له أسرار وأسرار، إذ قيل: إنه المسيطر على وظائف وأحاسيس وأحوال الجسد.
لذلك: كرَّس علماء التوجيه الشخصي في العصر الحديث جهودهم لجعل هذا الحوار إيجابياً، لأن حديث النفس من أهم دعائم النجاح، فهو يولد الإدراك، والذي يؤدي إلى القيام بالأفعال الصحيحة، والتي تُعطي نتائج ملموسة لاحقاً في حياة المميزين.
– مَن هو الشخص الأقوى في الإقناع؟
هو الشخص القادر على إثبات وجهة نظره بالأدلة القوية.. فإذا ما رغبت بالتغيير للأفضل، فإنّ نفسك لن تستسلم، وتؤمن بالفكرة، إلا إذا أثبتَّ لها أنّ هذه الفكرة هي الصحيحة بالأدلة.
فإذا ما كنتَ تعاني مثلاً: من مشكلةِ فقد العزيمة والإصرار، وأردت إقناع نفسك بأن هذه العادة خاطئة، وينبغي الإلتزام بتغييرها، فإنّ أنجح طريقةٍ هي: الإثبات بالدليل القاطع، والتفكُّر بمن كانت عنده هذه السلبية، واستسلم لها، وعاش في كسله وخنوعه، والسير خلف الناس ليكون كعامّة الناس.
كيف تقنع نفسك وتأخذها لحيز التنفيذ بفكرةٍ ما ترى أنها صحيحة، وأنها ستؤدي بك إلى المزيد من النجاح على الصعيد الشخصي؟
“إنّ الله خلق الناس مختلفين في الطبائع، والميول، ومناقشة الأفكار؛ لذلك: فإن أفضل أسلوبِ إقناعٍ لنفسك سيكون من إبتكارك أنت”.
1- تأكّد بأنّ هذه الفكرة لا تتنافى مع مبادئ ثابتة آمنتَ بها منذ صغرك.. كأن تكون تخالف العقيدة والشرع؛ مثلاً: “لو قبلَ أحدهم العمل في شركةٍ أو بنكٍ يعمل بنظام الفائدة المحرَّمة، وأقنع نفسه بوجوب تقبُّل الفكرة.. لن يتمكّن من ذلك، وسيعيش بحالةٍ من الضياع بين نفسه الداخلية التي ترفض الإقتناع بالفكرة، وموافقته السطحية.. وذلك بسبب تنافي الفكرة مع المبادئ التي تبناها سابقاً”.
2- خاطب العقل الباطن أوّلاً الذي يعيش داخلك، وائتيه بالشواهد والأدلة، كأن تقول لنفسك مثلاً: “لو تمكّنت من الإقتناع بفكرة عدم التسويف والإلتزام بالوقت، لحققت نتائج خيالية في فترة أقصر، ولارتحت مادياً ونفسياً.. وقد رأيت يا نفس كيف تقدَّم عليك فلان من الناس عندما انتصر على هذه العادة الخاطئة”.
3- استخدم أكثر من طريقة وأسلوب لإقناع نفسك بالفكرة.. فلو رأيتَ أنّ هذه النفس مترددة في الإستسلام تماماً للفكرة ائتِ لها بإحصائياتٍ وأرقامٍ تدل على نسبة مَن طبقوا هذه الفكرة وكيف نجحوا.
4- كُن صادقاً مع نفسك، واعترف بتقصيرك في شيءٍ ما، وقل: أنا أخطأت.. لا تختلق الأعذار الواهية؛ لأنك لن تتمكّن من تغيير شيء أو إقناع نفسك بفكرةٍ إذا راوغت، ولم تعترف بأخطائك أمام نفسك أوّلاً.. ولتعلم أنه كلما ارتفعت ونجحت وانتقلت إلى المراتب العليا إجتماعياً أو في مجال العمل أو الدراسة قلَّ قبولُ الناس لأعذارك وأخطائك. وبالتالي، فعليك التحرِّي بدقة أين تضع قدمك كلما صعدت أكثر نحو القمة.
5- مَيِّز بين الآراء التي تطرحها أمام نفسك، وذلك بالتبصُّر والتفكير بعقل شيخٍ حكيم؛ لأنك الآن تقنع نفسك بفكرة من الممكن أن تغيِّر مجرى حياتك، فلا تكن سطحياً، وإنما تعمق في الإختيار، واعرف الجيد من الممتاز.. كن دقيقاً في الإختيار.. “أمّا العقل: فيجب أن يكون عقل شيخ، حتى لو كنت في الشباب. وأمّا القلب: فيجب أن يكون القلب في كلّ شيءٍ فيك، يمتد حتى أناملك، لتنطق كلّ أفعالك بالرحمة”.
6- لا تحكم على أيّ فكرةٍ ما بالرفض لمجرد الرفض، فإذا طرح بعض الناس لك فكرةً أو عادةً، لا ترفض لمجرد أنها ستقحمك في الشعور بالألم لو تبنيتها (كمشروعٍ جديدٍ مثلاً فيه صالحك، ولكنك تحس أنه متعب.. ادرس هذه الفكرة جيداً، واعرف أن كلّ صعبٍ نتائجه طيبة لاحقاً وأقنع نفسك فيه).
7- كن واسع الإطلاع والمعرفة.. ولا تحاول إقناع نفسك بفكرةٍ ليس عندك معلومات كافية عنها.. إنّ القراءة ومحاولة جمع الأفكار تُمكِّنك من التأكُّد من إختيارك أكثر، وتُعرِّفك إذا كانت هذه الفكرة تناسب شخصيتك وظروفك الحالية أم لا.. فالكتب هي آلةُ الزمن التي تنقلك من عالمك الحالي إلى العهد السابق، أو تحدِّثك عمّا سيجري من أبحاثٍ في المستقبل.. وأنت عندما تقرأ وتبحث سترى مواقف أناسِ عاشوا هذه الأفكار، وناقشوها من زوايا مختلفة، وهذا سيفتح لك أبواباً جديدة.
8- تَعلَّم أن تنظر إلى الفكرة وأضدادها لتتبنى وتقتنع بالأفضل بعد دحض الفكرة السلبية.. وقد جئت بفكرة التفاؤل أو (الإيجابية) والتشاؤم أو (السلبية) لمناقشتها، ومعرفة كيف تتعلم أن تكون إيجابياً حتى لو وقعت بأزمةٍ أو مصيبةٍ ما.. فإذا أحسست أنك تتشاءم أحياناً وتخرب سعادتك بهذا الإحساس، إذاً: انظر إلى الفكرة وأضدادها في عدة مواقف..
– قطبا المغناطيس:
الناس كقطبي المغناطيس.. إمّا إيجابي يجذب إليه الفَلاح تلو النجاح، وإمّا سلبي يجذب إليه الفشل تلو خيبة الأمل.
1- في التفكير: الإنسان الإيجابي تتوالد عنده الأفكار، ويجر بعضها بعضاً. والإنسان السلبي تتوالى لديه الأعذار، ليبرر كسله وتقصيره.
2- بين الناس: الإنسان الإيجابي لا يتوانى عن مساعدة الآخرين. والإنسان السلبي ينتظر ويتوقع المساعدة من الآخرين.
3- عند المشاكل: الإنسان الإيجابي يُفكِّر في أكثر من حلٍّ للمشكلة. والإنسان السلبي يفكِّر في المشكلة وعواقبها، ويضع مشكلة في كلِّ حلٍّ.
4- في تنفيذ الحلول: الإنسان الإيجابي يرى تنفيذ الحل صعباً، لكنه ممكن. والإنسان السلبي يرى تنفيذ الحل ليس ممكناً؛ لأنه صعب.
5- في الأحلام: الإنسان الإيجابي لديه أحلام وآمال يحيا ليحققها. والإنسان السلبي لديه أوهام وأضغاث أحلام يبددها.
6- في العمل: الإنسان الإيجابي يرى في العمل أملاً. والإنسان السلبي يرى في العمل ألماً.
7- في المستقبل: الإنسان الإيجابي ينظر إلى المستقبل ويتطلع إلى ما هو ممكن. والإنسان السلبي