هناك من يقول: إن مساعدة الزوج لزوجته في أمور المنزل بات أمرا طبيعيا جدا في ظل الظروف التي نحياها، فقد مضى الزمن الذي كانت تقوم فيه بدور الأم والخادمة والمعلمة والمربية، فهي تعمل مثله، ولها حقوق لا تقل عن حقوقه في المنزل، لذلك فعليه أن يتولى مهمة رعاية الأطفال، وتنظيف الأطباق وبعض الأمور المتعلقة بتنظيف وترتيب البيت.
وترى إحدى الزوجات أن ذلك دليل على إحساسه بمدى المجهود الذي تبذله في العمل وفي البيت مع طفلهما، وهذا يسعدها بالطبع، لأنها تشعر بأنه يحترمها ويقدرها ويحبها ويسعى إلى راحتها. بينما تعترض أخرى على تدخل زوجها في شؤون البيت، فهو من وجهة نظرها يخرب لا يصلح ويهدم لا يبني، خاصة عندما يحاول القيام بأي من أعمال المطبخ والطهو.
وحصل أحدهم على لقب الأب المثالي؛ لأنه زوج متعاون مع أطفاله وزوجته، جعل من حياته الزوجية شراكة، والأدوار مقسمة بالتساوي بينه وبين أم أولاده، هو يذاكر دروسهم العلمية وهي تتولى المواد الأدبية، هو يشاركهم اللعب على الأجهزة الإلكترونية وهي تستخدم معهم الألعاب الحركية. ليس هذا فقط فهو شريك فعال في منزله في التربية بحسن الإصغاء والإرشاد دون التحجج بظروف العمل. وأكد آخر أن الرجل حين يقبل بنزول زوجته للعمل فلا بد من تعاونه معها في أمور المنزل وتربية الأولاد، بينما يرفض أحد الأزواج مشاركة زوجته في أي من أعمال المنزل، لأنه يرى هذه الأعمال أول مهامها بصفتها زوجة وأما، أما الرجل فوظيفته خارج المنزل وهي جلب نفقات الأسرة، وأكد أنه يستنفد كل قواه في وظيفته كمدرس وعند العودة للبيت لا يريد سوى الراحة.
هذه أنماط الناس تجاه هذه القضية التي باتت من أبرز مسببات الكدر الزواجي، مع أن التعاون بينهما في كل أمور الحياة هو من أبرز أسباب تحقق الحياة الزوجية السعيدة، بدءا من التعاون على الاستقامة والعبادة، إلى التعاون العلمي، وقد مرت بي أمثلة رائعة لنساء كنَّ سببا في تعلم أزواجهن، وارتقائهم في سلم الدراسات العليا، والعكس موجود، حتى شعر أحدهم بأنه هو الذي نال شهادة الدكتوراة حين حصلت عليها زوجته.
والحياة الزوجية سجل ذكريات، فربما احتاج كل منهما أن يقف مع الآخر ويعينه على إنهاء هذه المرحلة بتضحية كبيرة، بالوقت، أو بالمال، أو بالتغرب، أو بالجهد، وبعد حين سيجدها منقوشة في مذكراته، لا تستطيع السنوات أن تزيلها، بإذن الله تعالى.
وفي الجانب المالي، تحدث مشكلات كثيرة بسبب عدم التقنين الواضح حين يكون للزوجة عمل وراتب، فالشريعة الإسلامية حددت مصدر النفقة في المنزل، وهو الزوج، مهما كانت الزوجة ثرية، ولكن إذا خرجت المرأة للعمل، فمن المروءة، أن تسهم في النفقة، بنفس طيبة، وفي المقابل، يتعاون معها الزوج في أداء عملها، وفيما يسببه غيابها من نقص في عمل المنزل، وفي إعطائها فرصة للراحة بعد عودتها.
كما ينبغي أن يتعاون الزوجان على تربية الأولاد، وذلك بالاتفاق على أسلوب تربوي واحد؛ لأن عدم وجود تعاون في هذه النقطة واختلاف الأساليب قد ينتج طفلا غير سوي، بل لا بد من تحديد الهدف، وتحديد الأدوار، وقيام كل واحد منهما بدوره، مع تعاونه معه أيضا في أداء دوره بإتقان.
وأما الخدمة المنزلية، فإن النصوص الواردة تؤكد أنَّ مما تعارفت عليه البيوت العربية قبل الإسلام، خدمة الزوجة لزوجها، وجاء الإسلام ليؤكد هذه العادات الطيبة، التي تدل على مروءة المرأة العربية، ومقابلة إحسان الرجل بالسعي في الرزق، وتحمل كافة أعباء النفقات، وفي المقابل فإن مساعدة الرجل لزوجته في أعمال المنزل مشروعة، فهذا رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بيته يكون “في مِهْنَةِ أهلهِ”، وابنته فاطمة ـ رضي الله عنها ـ عملت في بيتها حتى شكت يدها من الرَّحَى، وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما تقول: كنتُ أخدمُ الزبيرَ خدمةَ البيتِ”، ومما قاله الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ : الواجب على الزوجة السمع والطاعة للزوج، وخدمته الخدمة المعتادة التي يخدم مثلها مثله، فإذا كانت يُخدَمُ مثلُها فعليه أن يُخدمها، وإذا كان مثلها لا يخدم؛ العرف في بلادهم أنهن يخدمن أزواجهن وجب عليها أن تخدمه؛ لأن هذه مسائل عرفية.