اهتم الانسان بجهازه الهضمي ومشاكله منذ أقدم العصور لأن طعامه وشرابه هو شغله الشاغل وهمه منذ النشأة الاولى.
وأمراض الجهاز الهضمي كالقيء والاسهال وعسر الهضم وألم المعدة واضطرابات القولون وغيرها مشاكل لا يخلو منها الانسان.**
والتهاب القولون اكثر امراض الجهاز الهضمي شيوعا وأكثرها ازعاجا وهي معاناة تصيب الانسان البسيط وايضا يعاني من ازعاجه العالم المفكر.
ومرضى التهاب القولون كثيرو التردد على عيادات الاطباء والمراكز الصحية والمستشفيات والتنقل بينها بحثا عن الشفاء.
وهذا المرض آخذ في الانتشار بين شعوب دول العالم الثالث كما هو منتشر في الدول الاوروبية وأميركا حيث يقترب نمط عاداتهم الغذائية وطبيعة حياتهم وأسلوب معيشتهم من تلك الدول بكل ما فيها من مؤثرات عصبية والاجهاد الذهني والقلق والعمل المتواصل المرهق.
كما انتشرت مطاعم الوجبات السريعة بصورة مخيفة في عالمنا العربي ودول العالم الثالث وابتعد الناس كثيرا عن الطعام الصحي الذي يحوي الخضراوات والسلطات والفاكهة الطازجة وأصبح يحتوي على الدهون والسعرات الحرارية العالية التي تزيد الوزن وتزعج وتلهب القولون.
ومعظم مرضى القولون من الشباب وأواسط العمر وان كان يصيب الاطفال الا انه يندر الاصابة به للمرة الاولى بعد بلوغ سن الخمسين.
وتناقش هذه الدراسة اضطراب القولون وآلامه وطرق الوقاية من هذه الازعاجات التي تسببها نوبات الالتهاب كما تتوجه هذه الدراسة بالنصائح والارشادات الطبية للوقاية من النوبات المتكررة المزعجة.
ولقد حقق الطب الحديث تقدما كبيرا وهائلا في مجالات تشخيص امراض الجهاز الهضمي باستخدام مجالات الفيزياء والتكنولوجيا الحديثة من مجالات صوتية وموجات كهرومغناطيسية والكترونيات تسجل أدق المعلومات داخل أنسجة وخلايا الجهاز الهضمي وأعضائه.
وأمكن وصف العلاجات التي تريح المريض من مشاكل القولون واضطراباته وإزعاجه بعد التوصل الى التشخيص السليم والدقيق.
القولون هو الجزء الذي يبدأ عند نهاية الامعاء الدقيقة وينتهي بالمستقيم والشرج.
وهو أنبوب عضلي مبطن بغشاء مخاطي يتكون من ثلاثة اجزاء هي القولون الصاعد ويكون من الجهة اليمنى من البطن، والقولون المستعرض ويكون من أعلى البطن، أما القولون النازل فيكون من الجهة اليسرى من البطن الذي ينتهي بالمستقيم.
أما عن طول القولون بصفة عامة فيبلغ مترا ونصف المتر أو مترين.
وظيفة القولون
القولون هو المستقبل النهائي لفضلات الطعام بعد هضمها في الامعاء الدقيقة حيث تصل هذه الفضلات على هيئة سائل لزج فيقوم القولون بامتصاص بعض الماء والاملاح منها ويحوله الى مادة صلبة القوام الى حد ما.
وكلما كان الطعام غير مهضوم جيدا كانت فضلاته كثيرة خصوصا غير القابلة للهضم والقشور والألياف والبذور.
ويقوم القولون ايضا بامتصاص بعض الغازات وما يتبقى منها يطرد على هيئة ريح من الشرج.
وعند تناول طعام جديد يحدث تأثير عصبي انعكاسي من المعدة ومنها الى القولون الذي يستجيب على هيئة موجات طاردة للطعام منه الى المستقيم كما ينتج عنه رغبة في التبرز.
والجهاز العصبي اللاإرادي يقوم بتنظيم عمل القولون تنظيما دقيقا وأهم هذه الاعضاء هي العصب الحائر «Vagusmerve» الذي ينظم موجات التقلص والاسترخاء التي تنساب في جدار القولون وتساعد على الامتصاص وطرد الفضلات.
أعراض التهاب القولون
الألم المتفاوت الشدة من مجرد الشعور بالضيق الى ألم شديد بالبطن يصيب أي جزء منه ويغلب ان يكون في أسفل البطن خصوصا من جانبه الأيسر.
وألم القولون قد يعقب تناول الطعام وكثيرا ما تزول متاعبه بعد التبرز او خروج الريح.
والبعض الآخر يزداد ألمه عقب التبرز وتحدث آلام القولون بسبب زيادة موجات التقلص عن المعدل الطبيعي «موجة واحدة في الدقيقة» والذي ينتج عنه انتفاخ القولون والغازات.
اضطراب التبرز
قد يغلب عليه الاسهال او يغلب الامساك والبعض يصاب بالحالتين فترة يعاني من الاسهال وأخرى يعاني من الامساك.
والبعض يعاني كثرة افراز المخاط في الامعاء وهي شائعة.
أما في حالات الامساك الشديد يصبح التبرز أشبه بزبل الماعز او البعير «الإبل». ولكن خروج الدم ليس عرضا شائعا لمجرد الاصابة بالتقلص العصبي للقولون فهو في الحقيقة لهفة واستعجال في خروج محتوياته وغالبا ما تكون اللهفة وكثرة التردد على المرحاض عند الاستيقاظ في الصباح.
وبعض المرضى لا يشعر أبدا بالرضا او الراحة عند إفراغ كل محتويات القولون.
الانتفاخ المزعج
الانتفاخ قد يشتد فيخلع الانسان ملابسه من شدة الضيق ويصاحبه شعور بالامتلاء و«قرقرة» او زغونة مسموعة في البطن.
وبعض الناس يشعر بالضيق والألم خصوصا أسفل الضلوع اليسرى وهو أعلى جزء من القولون فيظنون انهم مرضى بالقلب او مرضى الطحال.
والبعض الآخر يشعر بالتعب في الجانب الأيمن فيتوهم مرضا في الكبد او المرارة.
وآخرون متاعبهم في أسفل البطن يمينا أشبه بالتهاب الزائدة الدودية او في النساء تشبه الاوجاع ألم التهاب المبيض.
وكثيرا ما تختلط أعراض القولون بأعراض المسالك البولية أو ينتشر الألم الى الظهر أو إلى الفخذ.
مهيجات القولون
• التوتر العصبي والقلق النفسي يؤثران على الجهاز العصبي وبالتالي يؤثر على القولون وعضلاته والالتهابات المصاحبة.
• التدخين بكثرة يقلل من مساحة الجزء الذي يفرز العصارة الهضمية ما يؤدي الى حدوث تغيرات في تركيب نسيج غشاء الامعاء ويزيد من الانتفاخ والتقلصات.
• الاصابة بالدوسنتاريا الأميبية والباسيلية التي تصيب جدار القولون بتقرحات وكذلك قرح البلهارسيا في جدار القولون.
مثل هذه الاصابات السابقة رغم شفائها تترك نوعا من الخلل الوظيفي في أعصاب وعضلات القناة الهضمية يصعب استعادة توازنه خصوصا اذا استقر على خلفية من التوتر والقلق النفسي.
• الاكثار من الاطعمة التي تحوي مواد نشوية ومشتقاتها فالنشويات التي لا تهضم بالكامل تخلف بقايا وفقعات تصل الى القولون وتتصاعد منها الغازات خصوصا ثاني أكسيد الكربون وتتراكم هذه الغازات في المنطقتين العلوية من القولون، وبهذا تصيب جدار القولون بالتقلصات والانتفاخ.
• انصراف معظم الناس عن ممارسة الرياضة او تناول الخضراوات والفاكهة الطازجة باستمرار فممارسة الرياضة تقوي عضلات البطن وتناول الخضراوات والفاكهة تخلف أليافا نباتية بعد هضمها تساعد على تماسك البراز وسهولة دفعه وإخراجه.
• عدم الاستجابة للشعور برغبة التبرز عند الفتيات والنساء، فالمفروض ان الاخراج يتبع دورة فسيولوجية محكمة ومنظمة وهذا يؤدي الى نوع من الامساك المزمن يطلق عليه عدم التجانس يلازم صاحبه او صاحبته معظم حياته.
تشخيص أمراض القولون
فحص المريض فحصا أكلينيكيا دقيقا فيحدد مكان الألم وقد يجس ويحس القولون متقلصا أشبه بالخيارة او الحبل الغليظ خصوصا في الجانب الأيسر السفلي في البطن.
ويجب عمل تحليل براز للطفيليات وزرع البراز لمعرفة أنواع البكتيريا اذا وجد صديد ودم في عينة البراز.
ويجرى عمل أشعة بالباريوم على القولون لتشخيص أمراض القولون من تقرحات وأورام وزوائد.
أما المنظار فهو أدق وسيلة لتشخيص أمراض القولون كما يمكن أخذ عينة للفحص المجهري بالاضافة الى انه له دور علاجي في حالات الزوائد والأورام البسيطة التي يمكن استئصالها دون جراحة.
علاج القولون وآلامه
الأساس في علاج اضطراب القولون هو علاقة متفاهمة ومتعاطفة بين الطبيب ومريض أساسها الوضوح والتشجيع والثقة وعلى الطبيب ان يشرح للمريض اسباب علته وكيف نشأت أعراض المرض وكيف يمكن التخلص منها، فكثير من مرضى القولون يتوهمون انهم مصابون بأمراض خطيرة خصوصا الخوف من الأمراض السرطانية ويزيد خوفهم من كثرة التردد على العيادات وتناول الأدوية.
والأدوية كثيرة ولا ينصح بالافراط فيها ويصفها الطبيب عند الضرورة مع النصائح والارشادات الطبية التي هي الأهم.
استخدام بعض العقاقير
عقاقير مضادات «الاستيل كولين» وعقاقير مضادات التقلص وهي مفيدة في تخفيف الآلام ولكنها قد تؤدي الى زيادة معاناة الامساك والانتفاخ.
المهدئات ومضادات القلق يجب عدم استعمالها لمدة طويلة تجنبا للتعود عليها وحدوث الادمان.
وقد ظهر حديثا بعض العقاقير التي تعمل من خلال التأثير على المستقبلات هرمون السيروتونين الموجودة في الألياف العضلية للأمعاء حيث يؤدي الى زيادة حركة هذه الألياف العضلية من ناحية وتقلل من حساسية الامعاء من ناحية اخرى، ما يترتب عليه حدوث تحسن واضح في حالة الامساك والشعور بالانتفاخ واختفاء الشكوى من الألم.
ومن أهم هذه العقاقير عقار «التنجاسيرود» ويستخدم في علاج المرضى المصابين بالقولون العصبي المصحوب بالامساك.
نصائح لتجنب نوبات القولون وآلامه
الوقاية خير من العلاج أهم ما تنطبق هذه القاعدة الطبية على التهاب القولون التشنجي «القولون العصبي» بالابتعاد عن أطعمة معينة والاكثار من أغذية أخرى مفيدة تكافح هذه الهجمات وتمنع هذه النوبات.
لأن أعراض القولون تنجم عند تناول مهيجات القولون او معاناة القلق وحياة التوتر ومعيشة الانفعال.
وتتلخص هذه النصائح والارشادات الطبية لتجنب نوبات القولون وآلامه في ما يلي:
• مضغ الطعام جيدا قبل بلعه تفاديا لحدوث عسر الهضم «الشعور بالامتلاء والانتفاخ».
• عدم الاسراع في تناول الطعام حتى لا يبتلع الهواء مع الطعام الذي يسبب الشعور بالانتفاخ.
• عدم تناول الطعام اثناء الشعور بالتوتر والانفعال وتحت ضغوط القلق واثناء العمل مع تجنب الافراط في تناول الطعام حتى لا تحدث الاصابة بالتخمة.
• تنظيم مواعيد تناول وجبات الطعام وتنوعها وتوازنها اي تحتوي على كميات كافية من الكربوهيدرات والبروتين والخضراوات والفاكهة.
• الاكثار من الاغذية الغنية بالألياف النباتية وهي أطعمة توفر الحماية من الاصابة بمعاناة الامساك وتجنب خطورة الاصابة بسرطان القولون وهي متوافرة في الخضراوات والفاكهة الطازجة والخبز الاسمر.
• الابتعاد عن تناول الاطعمة الدهنية وتجنب الاغذية الدسمة فهي تستغرق وقتا طويلا كي يتم هضمها وتجهد الامعاء والمعدة وتعمل على اضطراب حركة القولون.
• تجنب المواد الحريفة كالتوابل والشطة والابتعاد عن تناول الاطعمة المقلية والمحمرة التي تهيج القولون.
• تنظيم مواعيد تناول الطعام وتنظيم مواعيد التبرز والاخراج بقدر الامكان لتجنب الاصابة بالامساك والشعور بعسر الهضم.
• تجنب القلق النفسي والتوتر العصبي والانفعالات لتأثيرها على العصب الحائر «Vagusmerve» الذي يتحكم في وظائف وعمل المعدة والامعاء والقولون.