الأحد 22 ديسمبر 2024 / 21-جمادى الآخرة-1446

تهيج القولون يصيب خمس البشر



يشكل القولون الجزء الأخير من أوعية الجهاز الهضمي، ويتم فيه تجميع الفضلات، وتكوينها، وامتصاص الماء والأملاح منها، ثم إفراغ المحتويات عند التغوط. ولهذا الجزء من الجهاز الهضمي علاقة مباشرة بإفراغ الغائط وخروج الغازات، وله علاقة محسوسة مع الحياة اليومية للإنسان بخلاف غيره من أجهزة وأعضاء الجهاز الهضمي غير الإرادية، وغير الملموسة.

يتجاوز عمل القولون اعتيادياً، كونه وعاءً لتجميع الفضلات فقط. فهو يمتص حوالي 90% من الماء الموجود في المحتويات القادمة من الأمعاء الدقيقة بمعدل لتر أو لترين من الماء، وكذلك حوالي 5-10 غرامات من الصوديوم والكلور. وهو يفرز البوتاسيوم والبيكاربونات والمواد المخاطية، ويتم فيه هضم بعض الكربوهيدرات والبروتينات التي لم تهضم في الأمعاء الدقيقة. وهو يعتبر البيئة والمحيط المناسبين لتكوين فيتامين (K) من البكتيريا.

حركة وتقلصات القولون

تتم في القولون ثلاثة أنواع من التقلصات:

– التقلصات العكسية: وهي عبارة عن موجات تقلصية تبدأ من القولون المستعرض وتتجه راجعة نحو «الأعور». ويبدو أن هذه التقلصات تبطئ اندفاع المحتويات نحو النهاية معرضة المحتويات لفترة أطول في البقاء في القولون، لامتصاص ما هو مطلوب من السوائل والأملاح.

– التقلصات الموضعية: وهي تقلصات تشمل العضلات الطولية والحلقية للقولون في آن واحد وتشمل عادة منطقة محدودة لا يتجاوز طولها عشرة سنتيمترات، وتتكرر لتشمل كل مرة مناطق مختلفة من القولون.

– الحركة الرئيسية للقولون: وهي موجات من التقلصات الطولية تشمل القولون كله وتمتد متجهة باتجاه المستقيم. وتدفع هذه التقلصات محتويات القولون باتجاه المستقيم. وتتقدم هذه الموجات بسرعة حوالي سنتيمتر واحد في الثانية وتستمر كل موجة حوالي 2030 ثانية وتتكرر عادة 34 مرات يومياً.

وتتأثر حركة القولون بعدة عوامل، منها:

ـ الانفعالات العصبية: يزيد الغضب والانزعاج الحركة بينما يهدئ القلق حركة القولون.

ـ التمارين الرياضية والحركة: تزيدان من حركة القولون.

ـ النوم: يهدئ الحركة.

ـ انتفاخ القولون أو توسعه: يساعد على تنشيط الحركة.

ويعتمد عمل الملينات الحاوية على الألياف، على هذه الحقيقة.

ـ الوجبات الدهنية: تساعد الدهون على تنشيط الحركة.

التأثير العصبي لحركة القولون

تتم عملية تنظيم حركة القولون عصبياً، بطريقة معقدة نسبياً. وتوجد عوامل عصبية خارج القولون، مثل «الجهاز السيمبثوي العطوف»، و«الجهاز السيمبثاوي غير العطوف».

وتوجد ضمن جدار القولون عوامل عصبية تعتمد على توسع واستلال القولون، حيث تؤثر على المنطقة المشمولة والمنطقة التي قبلها والتي تليها، حيث تتقلص المنطقة التي قبلها وترتخي المنطقة التي بعدها لتتم عملية دفع المحتوى.

والإيعازات العصبية إما أن تكون حركية مهيجة ومنشطة للحركة أو أن تكون إيعازات مثبطة.

متلازمة تهيج القولون

المتلازمة هو اصطلاح يقصد به وجود مجموعة أعراض يشكو منها الإنسان في آن، بسبب حالة أو مرض معين.

وتمثل متلازمة تهيج القولون هذه حالة اختلال وظيفي تؤثر على تنظيم وفعالية القولون، وهي ليست مرضاً، ويكون فيها القولون مضطرباً ومتهيجاً. ويرافق هذه المتلازمة حالات، منها:

– وجود آلام في البطن متغيرة الموقع والشدة، وتختلف من حين لآخر حتى عند الشخص الواحد.

؟ تغير في عادة التغوط سواء بتكرار التغوط أو باختلاف تكوين الغائط بين الصلب والسائل أي بين الإسهال والإمساك.

– انتفاخ في البطن مع زيادة الغازات.

وهي حالة عامة، وتعتبر من أكثر أعراض الجهاز الهضمي شيوعاً ويشكو منها 1020% من الناس البالغين في مختلف أنحاء العالم. وتبدأ الأعراض عادة في سن مبكرة (بداية العشرينات) وتشمل الجنسين، إلا أن النساء أكثر إصابة من الرجال. ولهذه الحالة أسماء مختلفة، منها: القولون المتهيج، واضطراب القولون، والقولون العصبي، وذلك حسب الأعراض.

ويعتبر الشخص مصاباً بهذه المتلازمة إذا اشتكى منها لمدة تتجاوز الثلاثة أشهر (متصلة أو متقطعة) خلال اثني عشر شهراً.

الأسباب

– لا يوجد سبب عضوي واحد يمكن رد أعراض هذه المتلازمة إليه.

– فقد أثبتت البحوث أن المصابين بهذه المتلازمة يمتلكون قولوناً قابليته التحسسية كبيرة، ويتفاعل بشدة أكثر من الطبيعي نحو كثير من المتغيرات، كالطعام والقلق النفسي.

– تشير دلائل إلى وجود عامل مناعي أيضاً.

تكون بطانة القولون لدى المصابين طبيعية، وتعمل بصورة اعتيادية، في ما يخص الامتصاص، لكن سرعة عبور المحتويات تتجاوز سرعة الامتصاص الكامل وتكون النتيجة كثيراً من السوائل في الغائط.

– القولون يستجيب بشدة وبسرعة للمنبهات.

– الانفعال والقلق ليسا من أسباب المتلازمة، لكنهما يؤثران بقوة على القولون مسببين بداية الأعراض عند المصابين.

– المواد المهيجة: الوجبات الكبيرة والدسمة، والغازات، وبعض الأدوية، والكحول، والقهوة، ومنتجات الألبان، والمشروبات الغازية، والقلق، وقلة الحركة، وقلة التمارين الرياضية.

الأعراض

– آلام في البطن: قد تكون شديدة جداً ومختلفة النوعية والموقع وتبدأ عادة بصورة شبه مفاجئة. وقد تنتهي فور إجراء عملية التغوط، أو خروج الغازات من الشرج.

– اضطراب في فعالية القولون، يختلف من شخص لآخر، وحتى عند الشخص الواحد، وتتراوح بين الإسهال المتكرر والمصحوب بمواد مخاطية وغازات، وبين الإمساك الشديد.

-اختلاف في عادة التغوط. وتكون عادة متكررة عدة مرات يومياً، ما عدا حالات الإمساك، وتبدأ أحياناً، بصورة مفاجئة تتطلب السرعة والتغوط الفوري. وقد تؤدي أحياناً إلى تلوث الملابس الداخلية للمصاب.

يشكو المصاب كثيراً من الأحيان من عدم إكماله عملية التغوط.

– يختلف شكل الخروج وتكوينه بين السائل والمخاطي والصلب.

– لا يعتبر النزف الدموي مع الخروج وكذلك الحمى من أعراض المرض، ويتطلبان إعادة التشخيص.

؟ انتفاخ في البطن قد يكون بارزاً للعيان أحياناً مع زيادة في كمية الغازات.

– أعراض أخرى، كالشعور بالقلق نحو الحالة ومضاعفاتها وعلاقتها بسلوكه الشخصي مؤدية إلى الخجل وتجنب الظهور والمشاركة في المحافل العامة نتيجة خوفه من الحالة.

– أعراض خارج الجهاز الهضمي: قلة النوم، صداع، ألم الظهر، أعراض التهاب المثانة، آلام في المفاصل.

التشخيص

يكون التشخيص عادة اقصائياً، وذلك بعد توقع الحالة أولاً ثم إقصاء كافة الاحتمالات المرضية الأخرى.

– تتم أولاً دراسة تاريخ الحالة المرضية للمصاب، ومعرفة الأعراض وكيفية حدوثها، ومتى بدأت وتكرار وجودها، ومعرفة إذا كانت مصاحبة لأي أعراض مرضية أخرى.

– يفحص المريض جيداً، مع التركيز على الجوف البطني والجهاز الهضمي، والتأكد من عدم وجود أية حالة مرضية. وفي تلك المنطقة تجرى التحريات المطلوبة للتأكد من عدم وجود أمراض أخرى. ويتضمن ذلك إجراء تحاليل الدم والخروج، وصور أشعة ملونة للقولون، أو للجهاز الهضمي كله حسب الحاجة. ويتضمن أيضاً، فحص الناظور من المقعد (ناظور الشرج، إلى ناظور القولون).

وإذا كانت كل الفحوص والتحريات سالبة يتم التشخيص اعتماداً على الأعراض.

البكتيريا والقولون

يحتوي القولون في الظروف الاعتيادية على كمية كبيرة من البكتيريا غير المضرة، والتي تشكل القاعدة الأساسية هناك. ويمنع وجود هذه البكتيريا نمو وظهور الجراثيم المرضية، كما تساعد على تكسير ما تبقى من البروتين والنشويات التي استطاعت أن تجتاز المفعول الهضمي في الأمعاء الدقيقة، وتساعد على تكوين فيتامين )ث(.

غازات القولون

يكون النيتروجين والأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون والهيدروجين والميثان حوالي 99% من غازات القولون ـ وكلها عديمة الرائحة.

يأتي النيتروجين والأوكسجين من الهواء أثناء عملية بلع الطعام. ويتكون الهيدروجين وثاني أوكسيد الكربون والميثان نتيجة تخمر النشويات والبروتينات من القولون.

والسبب في الرائحة الكريهة للغازات، هو وجود كميات قليلة من السلفايد والميثانيثول. وتتراوح كمية الغازات المتكونة يومياً بين 2002000 سنتيمتر مكعب، وبمعدل 600 سنتيمتر مكعب.

وقد وجد أن أفضل طريقة لتقليل الغازات هي إعادة ترتيب نوعية الأكل.

تقليل غازات القولون

لا ينتج المصابون بمتلازمة القولون المتهيج غازات أكثر من غيرهم، لكنهم حساسون لها بدرجة عالية. ومن المفيد تقليل كمية الغازات الموجودة، بتقليل بلعها وتجنب الأطعمة المنتجة لها.

تقليل بلع الهواء

يتم مع بلع الطعام واللعاب بلع كمية من الهواء كما أسلفنا، تختلف كميتها باختلاف طرق تناول الطعام والبلع وعادات المضغ. ومن العوامل التي تزيد بلع الهواء:

– مضغ اللبان (العلكة).

– المشروبات الغازية.

– ابتلاع الطعام بسرعة وشراهة.

– مزج الطعام مع الشراب أثناء الأكل.

– شفط السوائل (الحارة منها خاصة) بدلاً من مصها.

– إفرازات الأنف الخلفية المزمنة.

– طقم الأسنان غير المستقر.

– القلق والتوتر.

– بعض الأطعمة التي لا يمكن مضغها جيداً في الفم لجعلها لقمة متجانسة، كالخس واللهانة، بحيث تبتلع مع كمية من الهواء تتخلل أجزاءها.

تقليل الغازات المنتجة

معظم البكتيريا التي تساعد على هضم وتخمر ما تبقى من المواد الغذائية موجودة في القولون. وتنتج عن هذه العمليات كمية من الغازات.

وتعتبر الأغذية التي تحتوي على نشويات صعبة الهضم كالنشاء، وبعض السكريات المسبب الرئيسي لمثل هذه الغازات.

ومثال على تلك المواد:

– «اللاكنوز»: وهو موجود في الحليب ومشتقاته، ويحتاج إلى انزيم خاص (اللاكتيز) لهضمه. ونقص هذا الانزيم شائع في كثير من مناطق العالم.

– البقوليات التي تحتوي على كربوهيدرات معقدة تستوجب انزيمات غير موجودة اعتيادياً عند البشر، ولذلك يعتمد هضمها على البكتيريا الموجودة في القولون. وينتج عن ذلك غازات الهيدروجين والميثان وثاني أوكسيد الكربون.

وتؤثر بعض أنواع الخضروات والفواكه أيضاً.

العلاج

لا يوجد علاج شاف لهذه المتلازمة لكن يمكن معالجة الأعراض وتجنب العوامل التي تهيجها.

ويعتمد أساس العلاج على تنظيم الطعام، وتجنب الأطعمة المهيجة، وإعادة تنظيم حركة القولون بالأدوية، وعلاج وتجنب القلق.

تنظيم الطعام

يفيد جداً تناول وجبات منتظمة ومعتدلة الكمية ومتوازنة التنويع، في تنظيم حركة القولون، وتجنب تهيجه.

ويجب تجنب الأطعمة المعروفة أنها تزيد من تهيج القولون، كالأغذية الدهنية، ومنتجات الألبان والكحول والمشروبات الغازية، والقهوة والشوكولاته، علماً أن هذه المهيجات قد تختلف في تأثيرها من شخص لآخر. ويجب كذلك معرفة تأثيرها لدى المصاب، بدراسة حالته شخصياً وتجنب ما يضره منها.

إزالة وتقليل القلق

يشكو كثير من المصابين من عوامل الإرهاق في العمل، وقلة ساعات النوم، والإكثار من تناول القهوة والتبغ وحتى الكحول وكلها عناصر تزيد من القلق. وينصح أولئك بأخذ قسط من الراحة وإجراء بعض التمارين الرياضية المنشطة، وتجنب المهيجات المذكورة سابقاً، أو الإقلال منها.

وإذا لم تجد هذه نفعاً جيداً يجب الاستعانة بالعلاج النفسي لتجاوز مثل هذه الحالات والتقليل من آثارها.

العلاج بالأدوية

يعتمد العلاج أساساً، على تنظيم حركة القولون وإعادته إلى ما يقرب من الحركة الطبيعية جهد الإمكان. ويختلف العلاج باختلاف حالة المريض.

وتعطى للمرضى المصابين بالإسهال وتكرر عمليات التغوط، الأدوية المهدئة للقولون وهي أدوية ضد الإسهال ويتم تناولها بانتظام في المرحلة الأولى، ثم يقلل استعمالها تدريجياً وحسب الحاجة ويتم معها تجنب الأطعمة المهيجة للقولون.

ويعطى الذين يشكون من الإمساك الأدوية التي تزيد من دفع القولون (أدوية ضد الإمساك) إضافة إلى زيادة كمية الألياف التي يتناولها المصاب في طعامه. وهذه الألياف تزيد من حجم الفضلات في القولون، فتنشط عملية الدفع.

وتوجد هذه الألياف بصورة طبيعية في كثير من الخضروات والفواكه وكذلك الحبوب (قشرة الحنطة والشعير وما شابه) ويضاف كميات من النخالة إلى الطعام أيضاً. ويجب أن تكون إضافة الألياف إلى الطعام بالتدريج، حتى لا تسبب أعراضاً غير مرغوب بها

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم