من أجل سدِّ حاجة الفقراء في بلادنا في جانب الغذاء والكساء وبعض اللوازم الدراسية والحياتية نهضت مجموعة من الأعمال الكبرى المتميزة، كالضمان الاجتماعي بكل برامجه، والجمعيات الخيرية؛ عن طريق إعانة وزارة الشؤون الاجتماعية، والزكاة، والصدقات والكفارات ونحوها، ولا شك أن الجمعيات الخيرية سوف تعطي أكثر إذا أعطى الناس أكثر، وكانت على قدر من التنظيم الإداري المحكم.
ومع إسهام الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية في قضية الإسكان، إلا أنها بقيت ثغرة في حاجة ماسة إلى مزيد من التخطيط، والتوسع في أساليب سدها؛ لضخامتها وكلفتها العالية.
وقد قامت في بلادنا عدد من المؤسسات المختصة في الإسكان التنموي، وعلى رأسها مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي، التي أنشأت في عدد من مدن المملكة مجموعة من المجمعات السكنية الضخمة، وخصصتها لذوي الدخول المتدنية، فسدت جزءا من الاحتياج، ونهض لذلك عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء؛ مثل جمعية الأمير سلمان للإسكان التنموي، ورجال الأعمال؛ مثل إسكان الجبر في الأحساء، ولا تزال مشروعات الخير مستمرة.
ما أقترحه هنا، هو تشجيع إنشاء جمعيات مختصة في الإسكان الخيري، بحيث تكون في كل منطقة ومحافظة، تماما مثل جمعيات البر، ويكون تركيز عملها على الإسكان فقط، بحيث تخدم الأسر المحتاجة في كل ما له علاقة بالسكن فقط، وإذا حصلت الأسرة على السكن المناسب الكريم، ولم تتكلفه، فسوف توفر المبلغ الذي كان مخصصا لمصروفات أخرى، وتخيل أن دخل الأب هو 3000 ريال فقط، فإذا ذهب منه ألف أو أكثر، فإن ألفي ريال لا تكفي الحاجة لتصريف أمور أسرة كاملة، فكيف إذا كان دخله نصف هذا المبلغ، فماذا بقي للمصروف اليومي؟
ويمكن أن تتعدد مهمات الجمعية المقترحة؛ بحيث تشمل التالي:
أولا: تشجيع المقتدرين على بناء الوحدات السكنية، حتى ولو كانت محدودة العدد.
ثانيا: فحص البيوت القائمة التي تسكنها الأسر المحتاجة جيدا من مهندسين مختصين؛ لحمياة أهلها من احتمال سقوط المنزل في أية لحظة.
ثالثا: ترميم البيوت التي تحتاج إلى ذلك، وتأهيلها للسكن الآمن.
رابعا: إطلاق مشروع إيجار المنازل للأسر الفقيرة، بحيث تشجع كل أسرة مقتدرة أن تتبنى إيجار أسرة محتاجة، كل عام.
خامسا: هدم البيوت الآيلة للسقوط، وإعادة بنائها في مكانها، بدعم من المؤسسات المانحة، والشركات والمؤسسات الكبرى والبنوك في نشاطها المجتمعي. علما بأن مساحاتها محدودة جدا، وهي غير مكلفة كثيرا، وإقامتها لهم في مكانها، وهي ملكهم، فيه إسعاد كبير للأسرة، وسدٌّ لحاجتها، وتفريج لهمها المستمر، وقلقها الكبير من توفير هذا المبلغ من قوتها اليومي كل عام.
سادسا: تأثيث البيوت، أو العناية بالأثاث الموجود وإعادة تأهيله ليكون صالحا للاستخدام.
سابعا: تقديم برامج توعية للحفاظ على هذه المنازل، والتعامل الأمثل مع نظافتها وصيانتها الدائمة بأقل التكاليف.
ثامنا: إقامة برامج توعوية في العلاقات الأسرية والتربوية، بل وتخصيص وحدة سكنية لإقامة مركز أسري مختص في البناء المعرفي للثقافة الأسرية الرصينة، والوقاية من المشكلات المتوقعة في أوساط الأسر، ومعالجة ما يبدو من ظواهر سلوكية سلبية لدى الشباب أو الفتيات، أو مشكلات أسرية وتربوية.
تاسعا: إقامة مصنع قريب من الإسكان التنموي، تخصص وظائفها التنفيذية جميعها للشباب والفتيات، من أجل رفع المستوى المعيشي للأسرة، وتبني البحث عن وظائف أخرى لأفراد المنزل.
عاشرا: تشجيع الأسر على برامج الأسر المنتجة، التي حققت نجاحا كبيرا جدا في عدد من المناطق في المملكة والخليج.
ليست هذه المجالات العشرة كل ما يمكن أن تقدمه هذه الجمعية المقترحة، بل هي مجرد فاتحة لعمل يمكن ـ إذا انتشر في كل المناطق ـ أن يسهم إسهاما كبيرا جدا في علاج مشكلة السكن بوجه عام، والإيواء التنموي الخيري بوجه خاص بإذن الله تعالى.