الأثنين 23 ديسمبر 2024 / 22-جمادى الآخرة-1446

المناسبات في العمل الخيري.



إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ حين جعل الدين وجعل شريعة الإسلام راعى طبيعة النفس البشرية، وما يناسب خلقه وطبيعتهم الملولة، والتي تحب وتهفو للتجديد والتنوع؛ فجعل أنواعا عدة للعبادة، وأوقاتها، وأماكنها، فعلى سبيل المثال: باب واحد من أبواب العبادة، الركن الثاني من أركان الإسلام، وهو الصلاة، تجد فيه الصلوات المفروضة، والسنن الرواتب، والجمعة، وصلاة العيد …إلخ، ناهيك عن بقية الأبواب التعبدية الأخرى الفردية والمشتركة.

كذلك، فإن العمل الخيري مبني على التعددية، حتى لو كان هناك تخصص في المؤسسة واهتمامها، فمثلا: لو تمثلنا أي نشاط من الأنشطة التي تتخصص فيها المؤسسات الخيرية، فتحتاج المؤسسة أن تقسم تلك البرامج إلى مناسبات وأنواع، وتجدد في تقديم ومشاركة منسوبيها في تلك البرامج، وكذلك المستفيدين من تلك البرامج .

ولعل من المناسبات التي ينبغي تسجيلها والتوقف عندها المناسبات الدينية، وكذلك تواريخ المناسبات السنوية والاحتفالات، وكذلك التنبه لمناسبة اليوم العالمي للتطوع، والمناسبات الخيرية والاجتماعية والوطنية، وإذا قلنا مشاركة وتنبه يعني أن تكون الأمور مخططا لها، ومجدولة، وأن لا تكون هناك أعمال ارتجالية إلا في أضيق الحدود، حيث يساهم دائما التخطيط الجيد في ضبط الأمور وتحسين المخرجات .

وإنه من الطبيعي إضافة هذا الدور، وإسناد هذه المهمة، إلى نشاط العلاقات العامة وخدمة المستفيد الداخلي والخارجي، وإيلاء ذلك اهتماما وعناية، وكذلك ترتيب التوازن، بحيث تعطى كل مناسبة ما يناسبها، ولا يكون هناك إفراط ولا تفريط؛ بمعنى أن لا تنشغل المؤسسة في تفاعلها مع تلك المناسبات عن مناسباتها الأهم، وبرامجها، وأهدافها، وتحاول أن تسعى في تقديم مشاركاتها بما يشابه ويقترب من تشكيل ورسم صورتها البنائية الذهنية، ويكرس هذا الفهم عند الجمهور المراقب . فمنتجاتها ومشاركاتها، التي لا تحمل سوى اسمها أو شعارها، لا تكون بذلك مشاركة ذكية، بل تكون قد قدمت استثمارا ناقصا لا يحقق للمؤسسة كبير تواصل مع المجتمع، وربما كان هناك محل نقاش في جدوى المشاركة في تلك المناسبات، خاصة التشاركية، ولكن حسن اختيار المناسبات، والتركيز على مبدأ الأهم فالمهم، سيحقق مكاسب عالية للمؤسسة وأفرادها .

إن المعايير الحديثة التي تقاس بها المؤسسات إداريا، ومستوى تحقيق قدر معين من النجاح في حسن إدارة عمليات المنظمة بتوازن، يعتمد بدرجة عالية على خطة مجدولة في تنظيم هذه المناسبات، والاعتناء بها، وتقديم مشاركة تتسم بروح التجدد والإبداع والحضور.. فماذا يعني نجاح مؤسسة في عملياتها، فيما هي غائبة ومغيبة عن مناسبات المجتمع التي تعيش فيه، وتكون كالغريبة وسط اهتمامات من حولها؟

بالتأكيد، مشاركة وإسهام المؤسسة الناجح ربما يكون مكلفا ماديا وبشريا، لكن يمكن تجاوز ذلك بقليل من الحيل، والتخطيط الذكي في حسن إدارة موارد المؤسسة وطاقتها، واستغلال الجهات الأصلية في المناسبات، والبحث عن رعاة وداعمين ممن يهمهم ويحبذون هذا النوع من الإسهام المجتمعي. وبالمناسبة، أضحت كثير من الشركات تحبذ هذا النوع من المشاركة، فتشارك من باب الربح المتبادل، أو مبدأ “أنا أربح، وأنت تربح” .

ما الذي يمكن أن نعمله من الأفكار في تلك المناسبات؟ … أفكار كثيرة ليس لها حد، لكن مما يذكر ـ على سبيل المثال لا على سبيل الحصر -: عمل معرض، سوق خيرية، لوحات في الميادين والشوارع، مسابقة، حفل في أحد المجمعات المفتوحة، دورة تدريبية، زيارات، ملتقى….. إلخ.

أخيرا، راجع عزيزي مدير المؤسسة الخيرية خطة المناسبات والمشاركات المجتمعية، سواء الداخلية أو الخارجية، وراع الدخول في هذه التجربة بتوازن، بحيث إن لم تكن هناك مشاركات سابقا فيتم العمل والتخطيط لها، وتكليف من يقوم بتلك الأعمال، ومتابعة ذلك، وإن كانت المؤسسة من النوع التي لها قدم سبق في ذلك، فلا يمنع من إعادة النظر في تلك المناسبات، والحذف والإضافة لها، بما يناسب المرحلة، وأيضا التفكير في تجويد وتجديد المشاركة بما يحقق الأثر المنشود.

 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم