الأثنين 23 ديسمبر 2024 / 22-جمادى الآخرة-1446

صائد النجاح



أ. عبدالله المغلوث

أحزن كثيرا عندما أشاهد في مجتمعاتنا شبابا في عمر الزهور تخلوا عن أحلامهم لذرائع  واهية، في حين نرى في الغرب نماذج تعـمل وتجتهد وتكافح حتى آخر لحظة

غادر جيمس أوردا هنري المدرسة مبكرا، كان يرى في المدرسة سجنا يرتدي زي منزل، لا  يتذكر أنه أصغى إلى أي معلم أو استوعب أي درس، يتذكر فقط أنه كان يتعرض للعقاب  ويستمع إلى النصائح المتكررة، هرب جيمس من المدرسة إلى الشارع،انتقل من مهنة إلى  أخرى، أصبح نجارا ثم سباكا ثم ملاكما ثم عامل بناء، كلما أتقن مهنة أصابه الضجر  وغادرها بلا عودة، كان سريع التعلم…

قليل الصبر، لكن استقر في مهنة الصيد، أحس  أنه يشبه الأسماك، لا تلتقت يمينا أو شمالا، تسير بخيلاء معتدة بإمكاناتها غير  مكترثة بما يدور حولها، أنفق جل يومه في رؤيتها وهي تسبح بحماسة، وتركض بسعادة،  علاقته الفريدة مع الأسماك جعلته يهجر الصيد ويتحول إلى ربان سفن. يمخر عباب البحار  والمحيطات، يتأمل الأسماك ما كبر منها وما صغر، يسافر من بحر إلى آخر ليشاهد سمكة  جديدة بلون جديد.

كان جيمس يتقن الكثير لكن لا يجيد القراءة والكتابة، كانت أميته سرا دفينا لا يعلم  عنه أحد، ظل الكتاب عدوا لدودا له، فالمرء عدو ما يجهل، كلما شاهد كتابا تضايق  واكتأب، هناك من يخشى أن يزور مستشفى أو مقبرة، لكن جيمس كان يخشى المكتبة، كانت  المكتبة تذكره بنقطة ضعفه، والمدرسة التي هجرها، والمعلمين الذين عاقبوه.

استمر الكتاب خصما لجيمس حتى سمع عن سيرة جورج داوسون، الذي تعلم القراءة في سن 98  عاما، وألف كتابا في عمر 101 عام بعنوان: “الحياة جيدة جدا”، شعر جيمس أن بإمكانه  أن يصبح مثل جورج داوسون، حاول أن يتعلم القراءة بجهد فردي لكنه فشل، استعان  بالمعلم، مارك هوجان، المتخصص في تعليم الكبار، شرع جيمس في تعلم الحروف الأبجدية  وانتقل إلى كتب الأطفال وهو في سن 91 عاما، استمتع جدا عندما بدأ في قراءة الجمل  القصيرة والتدرب على الكتابة، كان يقضي مع معلمه 6 ساعات متواصلة يوميا دون أن يقنط  أو يتعب رغم مرضه وكبر سنه، ندم كثيرا لأنه استسلم للمثبطات الداخلية، التي كانت  تحول بينه وبينه الكتب مبكرا.

تطور مستواه على نحو سريع قبل أن تتوفى زوجته ويمر بفترة إحباط غير قصيرة، استأنف  دروس القراءة والكتابة بعد إصرار معلمه وبعد أن رأى أنها ستنتشله من حالة الكآبة،  التي كان يعيشها، وقتئذ.
قرر جيمس بعد نحو ست سنوات من التدريب أن يكتب سيرته تيمنا بداوسون، انطلق في  الكتابة دون أن يتوقف، قاوم آلام عينيه وارتعاشة يديه وأصدر كتابه الأول في سن 98  عاما، لم يكن نجاح جيمس مقصورا في صدور كتابه في هذا العمر فحسب وإنما بتحقيقه  مبيعات كبيرة تؤكد أنه لا يوجد عمر محدد للنجاح، ليس شرطا أن تكون يافعا وصغيرا  لتنال النجاح، الشرط أن تكون جادا ومثابرا للوصول إليه، وجيمس دفع مهر النجاح إثر  السنوات السبع التي كافح فيها من أجل أن يتعلم، وقبلها العقود الطويلة التي صنعت  تجربة ثرية كانت جديرة بالاهتمام والإقبال.

إنني أحزن كثيرا عندما أشاهد في مجتمعاتنا شبابا في عمر الزهور تخلوا عن أحلامهم  لذرائع واهية، في حين نرى في الغرب نماذج تعمل وتجتهد وتكافح حتى آخر لحظة.
قال صلى الله عليه وسلم: “إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم  حتى يغرسها فليفعل”.
تحمل تعاليم الإسلام في طياتها الكثير من القيم العظيمة التي نهملها ولا نكرسها في  مناحي حياتنا.

شاهدت قبل أيام قليلة زميلا في الجامعة، التي أدرس فيها بمانشستر في بريطانيا، في  السبعين من عمره يحمل على كتفه معدات التصوير وعدسات ضخمة ويصور بعض الطيور  والمناظر الطبيعية بجوار الجامعة؛ لتطبيق أحد الدروس العملية في تخصص التصوير  الضوئي الذي يدرسه، يعيد اللقطة تلو الأخرى ويجرب زوايا مختلفة بحماسة منقطعة  النظير، لو كان هذا الرجل بيننا لما قبل في الجامعة، ولوقفت الإجراءات البيروقراطية  حائلا بينه وبين متابعة حلمه، ناهيك عن العبارات المثبطة كـ: “يوم شاب ودوه  الكُتاب”، أو “الله يا حسن الخاتمة”، وغيرها من الجمل، التي تصيب الأمل في مقتل.
إننا بحاجة لنحيي روح الأمل في صغارنا وكبارنا لنحظى بالنجاح والسعادة، فها هو جيمس  هنري ينجح في التسعين.

أ. عبدالله المغلوث

 
أحزن كثيرا عندما أشاهد في مجتمعاتنا شبابا في عمر الزهور تخلوا عن أحلامهم لذرائع  واهية، في حين نرى في الغرب نماذج تعـمل وتجتهد وتكافح حتى آخر لحظة

 غادر جيمس أوردا هنري المدرسة مبكرا، كان يرى في المدرسة سجنا يرتدي زي منزل، لا  يتذكر أنه أصغى إلى أي معلم أو استوعب أي درس، يتذكر فقط أنه كان يتعرض للعقاب  ويستمع إلى النصائح المتكررة، هرب جيمس من المدرسة إلى الشارع،انتقل من مهنة إلى  أخرى، أصبح نجارا ثم سباكا ثم ملاكما ثم عامل بناء، كلما أتقن مهنة أصابه الضجر  وغادرها بلا عودة، كان سريع التعلم… قليل الصبر، لكن استقر في مهنة الصيد، أحس  أنه يشبه الأسماك، لا تلتقت يمينا أو شمالا، تسير بخيلاء معتدة بإمكاناتها غير  مكترثة بما يدور حولها، أنفق جل يومه في رؤيتها وهي تسبح بحماسة، وتركض بسعادة،  علاقته الفريدة مع الأسماك جعلته يهجر الصيد ويتحول إلى ربان سفن. يمخر عباب البحار  والمحيطات، يتأمل الأسماك ما كبر منها وما صغر، يسافر من بحر إلى آخر ليشاهد سمكة  جديدة بلون جديد.

كان جيمس يتقن الكثير لكن لا يجيد القراءة والكتابة، كانت أميته سرا دفينا لا يعلم  عنه أحد، ظل الكتاب عدوا لدودا له، فالمرء عدو ما يجهل، كلما شاهد كتابا تضايق  واكتأب، هناك من يخشى أن يزور مستشفى أو مقبرة، لكن جيمس كان يخشى المكتبة، كانت  المكتبة تذكره بنقطة ضعفه، والمدرسة التي هجرها، والمعلمين الذين عاقبوه.

استمر الكتاب خصما لجيمس حتى سمع عن سيرة جورج داوسون، الذي تعلم القراءة في سن 98  عاما، وألف كتابا في عمر 101 عام بعنوان: “الحياة جيدة جدا”، شعر جيمس أن بإمكانه  أن يصبح مثل جورج داوسون، حاول أن يتعلم القراءة بجهد فردي لكنه فشل، استعان  بالمعلم، مارك هوجان، المتخصص في تعليم الكبار، شرع جيمس في تعلم الحروف الأبجدية  وانتقل إلى كتب الأطفال وهو في سن 91 عاما، استمتع جدا عندما بدأ في قراءة الجمل  القصيرة والتدرب على الكتابة، كان يقضي مع معلمه 6 ساعات متواصلة يوميا دون أن يقنط  أو يتعب رغم مرضه وكبر سنه، ندم كثيرا لأنه استسلم للمثبطات الداخلية، التي كانت  تحول بينه وبينه الكتب مبكرا.

تطور مستواه على نحو سريع قبل أن تتوفى زوجته ويمر بفترة إحباط غير قصيرة، استأنف  دروس القراءة والكتابة بعد إصرار معلمه وبعد أن رأى أنها ستنتشله من حالة الكآبة،  التي كان يعيشها، وقتئذ.
قرر جيمس بعد نحو ست سنوات من التدريب أن يكتب سيرته تيمنا بداوسون، انطلق في  الكتابة دون أن يتوقف، قاوم آلام عينيه وارتعاشة يديه وأصدر كتابه الأول في سن 98  عاما، لم يكن نجاح جيمس مقصورا في صدور كتابه في هذا العمر فحسب وإنما بتحقيقه  مبيعات كبيرة تؤكد أنه لا يوجد عمر محدد للنجاح، ليس شرطا أن تكون يافعا وصغيرا  لتنال النجاح، الشرط أن تكون جادا ومثابرا للوصول إليه، وجيمس دفع مهر النجاح إثر  السنوات السبع التي كافح فيها من أجل أن يتعلم، وقبلها العقود الطويلة التي صنعت  تجربة ثرية كانت جديرة بالاهتمام والإقبال.

إنني أحزن كثيرا عندما أشاهد في مجتمعاتنا شبابا في عمر الزهور تخلوا عن أحلامهم  لذرائع واهية، في حين نرى في الغرب نماذج تعمل وتجتهد وتكافح حتى آخر لحظة.
قال صلى الله عليه وسلم: “إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم  حتى يغرسها فليفعل”.
تحمل تعاليم الإسلام في طياتها الكثير من القيم العظيمة التي نهملها ولا نكرسها في  مناحي حياتنا.

شاهدت قبل أيام قليلة زميلا في الجامعة، التي أدرس فيها بمانشستر في بريطانيا، في  السبعين من عمره يحمل على كتفه معدات التصوير وعدسات ضخمة ويصور بعض الطيور  والمناظر الطبيعية بجوار الجامعة؛ لتطبيق أحد الدروس العملية في تخصص التصوير  الضوئي الذي يدرسه، يعيد اللقطة تلو الأخرى ويجرب زوايا مختلفة بحماسة منقطعة  النظير، لو كان هذا الرجل بيننا لما قبل في الجامعة، ولوقفت الإجراءات البيروقراطية  حائلا بينه وبين متابعة حلمه، ناهيك عن العبارات المثبطة كـ: “يوم شاب ودوه  الكُتاب”، أو “الله يا حسن الخاتمة”، وغيرها من الجمل، التي تصيب الأمل في مقتل.
إننا بحاجة لنحيي روح الأمل في صغارنا وكبارنا لنحظى بالنجاح والسعادة، فها هو جيمس  هنري ينجح في التسعين.

أ. عبدالله المغلوث

 
أحزن كثيرا عندما أشاهد في مجتمعاتنا شبابا في عمر الزهور تخلوا عن أحلامهم لذرائع  واهية، في حين نرى في الغرب نماذج تعـمل وتجتهد وتكافح حتى آخر لحظة

 غادر جيمس أوردا هنري المدرسة مبكرا، كان يرى في المدرسة سجنا يرتدي زي منزل، لا  يتذكر أنه أصغى إلى أي معلم أو استوعب أي درس، يتذكر فقط أنه كان يتعرض للعقاب  ويستمع إلى النصائح المتكررة، هرب جيمس من المدرسة إلى الشارع،انتقل من مهنة إلى  أخرى، أصبح نجارا ثم سباكا ثم ملاكما ثم عامل بناء، كلما أتقن مهنة أصابه الضجر  وغادرها بلا عودة، كان سريع التعلم… قليل الصبر، لكن استقر في مهنة الصيد، أحس  أنه يشبه الأسماك، لا تلتقت يمينا أو شمالا، تسير بخيلاء معتدة بإمكاناتها غير  مكترثة بما يدور حولها، أنفق جل يومه في رؤيتها وهي تسبح بحماسة، وتركض بسعادة،  علاقته الفريدة مع الأسماك جعلته يهجر الصيد ويتحول إلى ربان سفن. يمخر عباب البحار  والمحيطات، يتأمل الأسماك ما كبر منها وما صغر، يسافر من بحر إلى آخر ليشاهد سمكة  جديدة بلون جديد.

كان جيمس يتقن الكثير لكن لا يجيد القراءة والكتابة، كانت أميته سرا دفينا لا يعلم  عنه أحد، ظل الكتاب عدوا لدودا له، فالمرء عدو ما يجهل، كلما شاهد كتابا تضايق  واكتأب، هناك من يخشى أن يزور مستشفى أو مقبرة، لكن جيمس كان يخشى المكتبة، كانت  المكتبة تذكره بنقطة ضعفه، والمدرسة التي هجرها، والمعلمين الذين عاقبوه.

استمر الكتاب خصما لجيمس حتى سمع عن سيرة جورج داوسون، الذي تعلم القراءة في سن 98  عاما، وألف كتابا في عمر 101 عام بعنوان: “الحياة جيدة جدا”، شعر جيمس أن بإمكانه  أن يصبح مثل جورج داوسون، حاول أن يتعلم القراءة بجهد فردي لكنه فشل، استعان  بالمعلم، مارك هوجان، المتخصص في تعليم الكبار، شرع جيمس في تعلم الحروف الأبجدية  وانتقل إلى كتب الأطفال وهو في سن 91 عاما، استمتع جدا عندما بدأ في قراءة الجمل  القصيرة والتدرب على الكتابة، كان يقضي مع معلمه 6 ساعات متواصلة يوميا دون أن يقنط  أو يتعب رغم مرضه وكبر سنه، ندم كثيرا لأنه استسلم للمثبطات الداخلية، التي كانت  تحول بينه وبينه الكتب مبكرا.

تطور مستواه على نحو سريع قبل أن تتوفى زوجته ويمر بفترة إحباط غير قصيرة، استأنف  دروس القراءة والكتابة بعد إصرار معلمه وبعد أن رأى أنها ستنتشله من حالة الكآبة،  التي كان يعيشها، وقتئذ.
قرر جيمس بعد نحو ست سنوات من التدريب أن يكتب سيرته تيمنا بداوسون، انطلق في  الكتابة دون أن يتوقف، قاوم آلام عينيه وارتعاشة يديه وأصدر كتابه الأول في سن 98  عاما، لم يكن نجاح جيمس مقصورا في صدور كتابه في هذا العمر فحسب وإنما بتحقيقه  مبيعات كبيرة تؤكد أنه لا يوجد عمر محدد للنجاح، ليس شرطا أن تكون يافعا وصغيرا  لتنال النجاح، الشرط أن تكون جادا ومثابرا للوصول إليه، وجيمس دفع مهر النجاح إثر  السنوات السبع التي كافح فيها من أجل أن يتعلم، وقبلها العقود الطويلة التي صنعت  تجربة ثرية كانت جديرة بالاهتمام والإقبال.

إنني أحزن كثيرا عندما أشاهد في مجتمعاتنا شبابا في عمر الزهور تخلوا عن أحلامهم  لذرائع واهية، في حين نرى في الغرب نماذج تعمل وتجتهد وتكافح حتى آخر لحظة.
قال صلى الله عليه وسلم: “إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم  حتى يغرسها فليفعل”.
تحمل تعاليم الإسلام في طياتها الكثير من القيم العظيمة التي نهملها ولا نكرسها في  مناحي حياتنا.

شاهدت قبل أيام قليلة زميلا في الجامعة، التي أدرس فيها بمانشستر في بريطانيا، في  السبعين من عمره يحمل على كتفه معدات التصوير وعدسات ضخمة ويصور بعض الطيور  والمناظر الطبيعية بجوار الجامعة؛ لتطبيق أحد الدروس العملية في تخصص التصوير  الضوئي الذي يدرسه، يعيد اللقطة تلو الأخرى ويجرب زوايا مختلفة بحماسة منقطعة  النظير، لو كان هذا الرجل بيننا لما قبل في الجامعة، ولوقفت الإجراءات البيروقراطية  حائلا بينه وبين متابعة حلمه، ناهيك عن العبارات المثبطة كـ: “يوم شاب ودوه  الكُتاب”، أو “الله يا حسن الخاتمة”، وغيرها من الجمل، التي تصيب الأمل في مقتل.
إننا بحاجة لنحيي روح الأمل في صغارنا وكبارنا لنحظى بالنجاح والسعادة، فها هو جيمس  هنري ينجح في التسعين.

 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم