من المتفق عليه أن الأسرة هي نواة المجتمع، وأن المجتمع يصلح إذا صلحت الأسرة، وصلاح الأسرة يحتاج إلى عمل متواصل ومدروس سواء من الأسر أم من القيادات التربوية والثقافية في المجتمع.
والأسر السعودية تتعرض لمجموعة من المشكلات التي تقض مضجعها ومضجع المجتمع بكافة فئاته، مثل: ارتفاع نسبة الطلاق، والعنف الأسري وما ينتج عنه من مشكلات، والخلافات الزوجية وآثارها على الأبناء في مدارسهم وحياتهم الخاصة والعامة، وغير ذلك من المشكلات المؤثرة على حسن سير الأسرة واستقرارها التي برزت في الآونة الأخيرة مثل: الانتحار وزنا المحارم وغيرها ونتيجة لكثرة المشكلات بين الأسر وأهمية التعامل معها بسرعة وجدية لاحتوائها وتوجيهها الوجهة الحسنة فقد تصدى لها مجموعة من الرجال والنساء من ذوي المؤهلات المناسبة محاولين عمل ما يقضي على تلك المشكلات أو التقليل منها قدر الإمكان.
ووسائل الإعلام تنقل لقرائها بين آونة وأخرى أخبارا مزعجة عما يجري لبعض الأسر، فهناك فتيات قاصرات يستدرجهن البعض لمآرب خسيسة مستغلا ضعفهن وتفريط أهاليهن، وقد يحدث مثل ذلك للأطفال، وهذه الأفعال الشنيعة تؤثر على حياة هؤلاء سنوات طويلة وقد تدمر حياتهم.. بالإضافة إلى سوء تأثيرها على أسرهم، ومعروف أن استدراج القصر لاسيما في هذه الظروف سهل جدا !!.
ومن معالم ضعف الأسر وعدم ترابطها انتشار بعض أنواع الزواج القبيحة مثل: المسيار والمسفار والزواج بنية الطلاق وغير ذلك من القبائح التي يفعلها الرجال والنساء على حد سواء، ومن اللافت للنظر ما نشرته صحيفة «الشرق» من أن وسيط زواج ذكر للصحيفة أن عدد طالبي زواج المسيار بلغ 3500 طلب ومعظم هذه الطلبات من النساء !!، كما أكد أن عددا من هؤلاء النسوة تقل أعمارهن عن 16 سنة!!، وبرر هذا العمل بأنه بحث عن المال الذي يفتقده.
وإذا تأملنا ما قاله هذا الوسيط ندرك حجم المشكلة التي يمر بها مجتمعنا، فالنساء الباحثات عن زواج المسيار أكثر من الرجال، وهذا أمر مستغرب لاسيما إذا عرفنا أن الرجل ــ عادة ــ هو من يبحث عن هذا النوع من الزواج!!. وهذا الوضع يرجح أن هناك خللا واضحا في الأسرة مما استدعى أن تسعى أولئك الفتيات الصغيرات إلى البحث عن أي مخرج يتيح لها الابتعاد عن أسرتها.
وبحسب موقع «سبق» فإن بعض الآباء يستولون على رواتب بناتهم بالقوة، ويحرمونهن من الزواج إلى ما بعد سن الأربعين لكي يستولوا على رواتبهن أطول فترة ممكنة!!. وقد يكون العنف الأسري من الإخوة لأسباب مادية أحيانا ولغير ذلك أحيانا أخرى، وكل ذلك يؤثر على ترابط الأسرة. وآخرون يمنعون بناتهم من التعليم أو العمل دون مبرر..
وهكذا نجد أنواعا من التعامل السيئ مع الأسرة مما حدا بالبعض إلى وضع آليات للتعامل مع هذه الحالات، وكانت الأحساء سباقة إلى هذا العمل حيث تولى الدكتور خالد الحليبي إنشاء مركز متخصص للتنمية الأسرية تحت مظلة جمعية البر، ثم تطور هذا المركز ليصبح معهدا متخصصا لبحث كل قضايا الأسرة وبأقسام علمية متخصصة واستشاريين مدربين للتعامل مع كل الحالات التي تلجأ إليهم..
وقد كانت ــ ولازالت ــ أعمال المعهد وقبله المركز مثلا تحتذيه كل المراكز المشابهة في المملكة، والمؤمل أن تنمو هذه المراكز وتصبح متخصصة في كل الحالات التي تحتاجها الأسر السعودية.
عمليات الإصلاح والتقريب بين الزوجين أو بين الآباء والأمهات أمر تقتضيه مصلحة الوطن والمواطن على حد سواء، وهو مشروع إسلامي خيري بكل المقاييس وهو بحاجة إلى رعاية كبيرة من مؤسسات الدولة كلها، وتحية صادقة لكل من يقوم بشيء من أجل إصلاح وطنه وأبناء وطنه.. وحسنا فعلت وزارة العدل عندما اتخذت عملية الإصلاح جزءا من عملها بغية تسهيل عمل القضاة وتخفيفها ولعلها تصبح آلية متكاملة لهذا العمل.
____________________
المصدر : صحيفة عكاظ