الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 / 24-جمادى الأولى-1446

لأول مرة.. يستشـير الزوجـان.



لأول مرة.. يستشـير الزوجـان. 
د. خالد بن سعود الحليبي. 
لأول مرة أتلقى استشارة يشترك الزوجان في صياغتها، بدأتها الزوجة، ثم تدخل الزوج تدخلًا إيجابيًا، فرتب الاستشارة وأعاد صياغتها بكل أريحية، ثم أرسلها، رغم أنها ـ في ظاهرها ـ ضده.

رائع .. هذا رائع جدًا.. ودليل ظاهر على عُمق الحب بين الزوجين من جانب، وعلى ارتفاع مستوى الوعي الأسري في المجتمع، فإن من أبرز أسباب الطلاق في مجتمعنا السعودي أنفة الرجل أن يستشير، ولذلك فإن 90% من الذين طلقوا لم يستشيروا، و90% من الذين استشاروا لم يطلقوا.
رائع لأن الزوج خرج عن التقليدية والثورة الفارغة والغيرة الهوجاء إلى العقل والحِكمة والشفافية، والحرص الشديد على حفظ بيته باستشارة حرص ـ أيضًا ـ على أن تكون نافعة فكملها وحسنها. رأى بعمق نظرته أن الهدف من الاستشارة الوصول إلى حل، ورضا كل من الطرفين، وراحة وسكينة وطمأنينة، وليس ما يبحث عنه كثير من الناس: أي الطرفين على صواب؟ وأيهما على خطأ؟ 
ومن خلال الرسالتين وجدت أن الزوجة لديها اعتداد بشخصيتها، وأنها قوية وتكره الرجل الضعيف. وهذا الاعتداد إذا زاد عن حده الطبيعي، فإنه يتحوّل إلى معول هدم للشخصية ذاتها، بحيث تحتقر الآخرين، وتشعر بالحسرة الدائمة لكون كل شيء من حولها لا يعجبها. إنها تتمتع بشخصية قوية، ولكنها فهمت معنى القوة بأنها الصلابة، ونسيت أن قوة الخيزران في مرونته. 
وأما التعبير بكره الرجل الضعيف فهو غير مريح للطرف الآخر الذي تعنيه، فالكره ليس للرجل ذاته، وإنما هو للضعف الذي يتلبسه. وهو ما تقصده حقًا، وقد يُقال وما الفرق؟ لا.. الفرق كبير جدًا، فالكره حين يتجه إلى الضعف، فإن الشعور الأساس نحو الرجل لن يتغيّر، أي أن الحب له سيبقى كما هو. بينما سيتجه الجهد المبذول لتغيير هذا السلوك السيئ بالنسبة للرجل في نظر المرأة. 
أرأيت كيف يفسد منحى الأسلوب مسار العواطف فتنعطف إلى مسار آخر؟ تلك حقيقة.. 
وأود أن أكشف حقيقة أخرى، أن كل امرأة تكره الضعف في الرجل، فالمرأة بطبيعتها تحب أن تنضوي تحت جناح قوي. 
ولكن بعض الزوجات تخطئ في تصنيف زوجها فتعد بعض تصرّفاته ضعفًا، وهو ليس ضعيفًا دائمًا، كأن يكون مائلًا إلى والديه ميلًا عظيمًا!! 
فهل هذا ضعف أم قوة؟ ربما لأنه يرى ذلك برًا بوالديه؟! أو لأنه تربى على الصمت أمام الآخرين، وعدم المشاركة بآرائه، وضعف الاستقلالية في الرأي!! 
إن الحياة الزوجية بطبيعتها تستولد المشكلات، وشعورنا أن ذلك طبيعي لا يجعلنا نتفاجأ، فنتذمر، ولا نهرب فالهروب ليس حلًا ، بل الحل هو بحث المشكلة، وإيجاد عدد من الخيارات، واختيار أفضلها، ثم العمل مباشرة دون تسويف.
تصميم وتطوير شركة  فن المسلم