كيف أقطع علاقاتي بالنساء ؟
انا رجل متزوج منذ 24 عاماًمن احدى قريباتي واكن لها الكثير من الحب والتقدير والاحترام والمودة الا انني خلال فترة الزواج هذه مررت بالعشرات من التجارب الجنسية والعاطفية خارج نطاق الزوجية
ومما زاد الطين بلة ان زوجتي اكتشفت بعضا منهاوتم في حينه التسامح والوعد مني بالبدء من جديد وبالالتزام الا ان هذا الامر لم يحدث في الحقيقة ابدا حيث استمريت في هذه العلاقات من دون توقف.
في الاسبوع الماضي اكتشفت زوجتي علاقة عاطفية قوية جدا تربطني بإحدى الفتيات الخليجيات مما جعلهاتصاب بحالة من الاستياء الشديد بل وبالاحباط من عدم قدرتي على الالتزام رغم بلوغي سن ال 44!!
من ناحيتي فأنا احب النساء عموما وليس الجنس فقط واحب ان اكسب حبهن بأي طريقة رغم انني وفي كل الحالات اتهرب من العلاقة فور وصولها الى مرحلة متقدمة لأنني لا اتصور نفسي زوجا لأحد غير زوجتي
ولا اقبل مطلقا بأن اجلب زوجة أب لأولادي السبعة (اصغرهم 3 سنوات واكبرهم 22 سنة).لا ادعي البراءة ولكني فعلا في حاجة ماسة الى اجد الحل الذي يجعلني اتوقف عن هذه الممارسات التي وان جعلتني سعيدا في معظم الاوقات الا انها تجلب لي التعاسة احيانا
وبالذات عندما تصبح قصص حب عاطفية جارفة كما حصل لي 3 مرات من قبل, وكذلك لانها تجلب التعاسة والاحباط لزوجتي وام اولادي التي احبها ولا استطيع ان اتصور حياتي بدونها هي واولادي معا.
ماذا افعل لكي تقنع نفسي من النساء الخارجيات واقتنع بزوجتي فقط كالمرأة الوحيدة في حياتي؟ ارجوا الافادة مع جزيل شكري وتقديري.
اسم المستشير : عبدالله
________________
رد المستشار : أ. فتحي عبد الستار .
أخي الكريم، مرحبًا بك، ونشكرك على ثقتك بنا، ونسأل الله القدير أن يوفقنا لمساعدتك، وتهدئة خاطرك،
وبعد :
فربنا عز وجل يقول: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ..) [آل عمران: 14]، فحب الرجال للنساء والميل إليهن واشتهائهن إنما هو فطرة ركبها في الرجال مؤمنهم وكافرهم، صالحهم وطالحهم، لحِكَم كثيرة جليلة، والشعور بهذه الشهوة وهذا الميل لا يعاب على المرء ولا يؤاخذ عليه، فالإسلام لا ينكر هذه المشاعر، ولا يجرِّمها، ولا يكبتها، ولكنَّه ينظِّمها ويوجِّهها توجيهاً عفيفاً طاهرا، يحفظ طهارة القلوب والأرواح والأجساد والأنساب، ولذا شرع الله عز وجل الزواج، وأباح للرجل تعدد الزوجات مثنى وثلاث ورباع، مع العدل بينهن.
وأظنك – أخي الكريم – لا تحتاج أن أسرد عليك نصوصا شرعية أحسبك تعيها، بل وربما تحفظها عن ظهر قلب، ولن أقرع سمعك بعظات قد تكون سمعتها عشرات المرات.
ما أريد أن أؤكده معك أولاً أنك بهذه الرسالة، وبهذا البوح، قد وضعت قدميك على بداية الطريق الصحيح، فالاعتراف بالخطأ بداية الإصلاح، والشكوى من الأعراض بداية العلاج.
إن مشكلتك الكبرى يا أخي هي الفراغ القلبي الذي تعاني منه، والذي جعل هدفك في الحياة هو مطاردة النساء وإقامة علاقات غير شرعية معهن، مما ألهاك عن واجباتك الأساسية في هذه الحياة، والتي لا بد لك من القيام بها لتصلح شأنك في الدنيا ولتكون في الآخرة من الصالحين. وصدق من قال:(من لم يشغل نفسه بالطاعة شغلته بالمعصية).
إن الأمر أخي الحبيب يحتاج منك إلى عزيمة قوية وهمة عالية، حتى تحوِّل تفكيرك إلى أمور نافعة، وتستثمر طاقتك فيما يعود عليك وعلى أمتك بالنفع.
ولا يعفيك أبدًا من اللوم والمسئولية كونك تتهرب من العلاقة فور وصولها إلى مرحلة متقدمة، وأنك لا تتصور نفسك زوجًا لأحد غير زوجتك!!! بالعكس فإن هذا يوقعك في جريمة أخرى، وهي ظلم هذه المرأة التي علقتها بك ثم تركتها في الهواء، ولو تزوجتها فعلاً في الحلال لكان أفضل.
هلا سألت نفسك أخي: ما موقفك أنت كرجل إن كن هؤلاء النساء هن من يفعلن معك ذلك؟؟.
هلا سألت نفسك: أترضى لأحد أن يفعل هذا مع أختك أو ابنتك؟؟.
هلا سألت نفسك: كيف ينظر إليك أبناؤك إن علموا بما تفعله؟؟
لقد كانت زوجتك كريمة معك جدًّا، حيث سامحتك وتجاوزت عن أخطائك هذه، وقل أن تجد امرأة تفعل هذا مع زوجها وتتسامح معه في تلك الأمور بسهولة، فاتق الله فيها يا أخي، وأكرم عشرتها، واتق الله كذلك في أبنائك وفي مستقبلهم وسمعتهم.
واعلم يا أخي أن تلك السعادة التي قلت إنك تشعر بها معظم الأوقات ستنقلب عليك تعاسة وحسرة في الدنيا والآخرة، وقد ذقت بعضها في الدنيا، فجنِّب نفسك هذا كله، ولا تسع إليه، واتبع نصيحة ابن القيم رحمه الله إذ يقول: “دافع الخطرة، فإن لم تفعل صارت فكرة، فدافع الفكرة، فإن لم تفعل صارت شهوة، فحاربها، فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمّة، فإن لم تدافعها صارت فعلاً، فإن لم تتداركه بضده صار عادة فيصعب عليك الانتقال عنها”.
وما أقترحه عليك للخروج من هذه الحلقة المفرغة، والعودة إلى طمأنينة القلب وراحة البال، والوصول لنعيم الدنيا والآخرة:
1- دوام الدعاء والابتهال إلى الله عزَّ وجلَّ أن ينزع من صدرك الميل للفاحشة، وأن يثبتك على الطهر والعفاف، وأن يحببك إلى زوجتك ويحببها إليك.
2- المحافظة على تلاوة القرآن، وحمل المصحف دائما، والمحافظة كذلك على أذكار الأحوال، وخاصة أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، يقول المولى سبحانه:(الَّذِينَ آمَنُوا وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ).
3- تذكر دائماً أنَّ من ترك شيئاً لله، عوَّضه الله عزَّ وجلَّ عنه، ما هو خيرٌ له في دينه ودنياه.
4- تذكر ما أعدَّه الله عزَّ وجلَّ في الجنَّة من نِعَمٍ ومُتَعٍ لعباده الصابرين المجاهدين لأنفسهم.
5- الابتعاد قدر الإمكان عن الاختلاط بالنساء، والتعامل معهن إلا لضرورة، وغلق جميع الأبواب التي يمكن أن تؤدي لمثل هذه العلاقات.
6- الالتزام بغض البصر، حيث يقول رب العزة في سورة النور: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)، وإن وقع بصرك على حرام، وهاجت فيك الشهوة فارجع إلى زوجتك تجد عندها السكن إن شاء الله.
7- المحافظة على الصلوات في أوقاتها في جماعة في المسجد، حيث قال جل من قائل في سورة العنكبوت: (وأَقِمِ الصَّلاةَ إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ والْمُنكَرِ).
8- ملازمة الصحبة الصالحة، التي تساعدك على الطاعة، وتقيك المعصية وغوائل الشهوة، وهجر رفاق السوء الذين يزينون المعاصي ويسوقونها إليك، حيث قال عز وجل في سورة الكهف: (واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ والْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وجْهَهُ ولا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ولا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا واتَّبَعَ هَوَاهُ وكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا).
فاحرص أخي على عدم اختلائك بنفسك لأوقات طويلة، حتى لا تترك للشيطان فرصة ليحدثك بالذنب، ويوسوس لك بالمعصية، والشيطان من الواحد أقرب ومن الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
9- الاقتراب أكثر من زوجتك، وتجديد حياتكما سويًّا في حدود المستطاع، وابحثا عما يشعل جذوة الحب والألفة بينكما.
10- شغل الوقت دائمًا بالأمور النافعة، وبذل الجهد والطاقة في الأعمال المفيدة، وممارسة الرياضة، والهوايات المباحة النافعة بشتى صورها، وقراءة الكتب والمجلات الثقافية والدينية، وحضور الدروس الدينية، والتردد على المساجد، ومتابعة البرامج الدينية والثقافية في الفضائيات المختلفة.
وأخيرًا:
إياك أخي أن تضعف أمام شيطانك، فيرديك في سبله المهلكة، فتسعى للذة عارضة سريعة يعقبها ألم الدنيا والآخرة، إنها دائرة خبيثة، من دخلها يصعُب عليه الخروج منها إلا بشق الأنفس، وما يخرج منها – إن خرج – إلا مجروح الفؤاد، ملوث الروح، معطوب البصيرة.
وتذكر قول أحد الصالحين من السلف، الذي جاءته إحدى الغانيات تعرض عليه نفسها، فقال لها يردعها: “أبيع جنة عرضها السموات والأرض بفِتر لحم بين فخذيك !!!” وصدق والله، فإن مَن يرضى بتلك القسمة ما تجد في الدنيا أحمق منه.
نسأل الله العفو والعافية، هداك الله أخي وإيانا إلى الرشد والصواب، وتابعنا بأخبارك، والسلام عليكم ورحمة الله.