الأحد 10 نوفمبر 2024 / 08-جمادى الأولى-1446

إلى الذين يفصلون بين الأخلاق والسلوك الإنساني .



إلى الذين يفصلون بين الأخلاق والسلوك الإنساني .
https://encrypted-tbn2.google.com/images?q=tbn:ANd9GcRx51_iscqx_8DfgVp4ONKkV7VqemggMT_XJYLX2eswxsbn4_os
أ. ناهد الخراشي .
عندما دعانا الله جل جلاله أن نقتدي برسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم . . إنما يدعونا أن نتحلى بالخلق القرآني لأنه كان خلقه القرآن، وهو الرسول الكريم الذي أثنى عليه الله سبحانه وتعالى ووصفه بأنه على خلق عظيم.
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم وسيظل المثل الأعلى والقدوة الطيبة والأسوة الحسنة وصورة حية متكاملة عن الإنسان المؤمن الذي يرضى عنه الله عز وجل.
والخلق القرآني نور من الله عز وجل إلى العبد الصادق المؤمن .. منه يستمد الحياة والطريق إلى الله .. فإذا صفت النفس .. وطهر القلب .. ووضحت السريرة ..
وانقشعت من على النفس غمامات الحقد والحسد .. عرف هذا العبد الصادق طريقه.. فيكون مناراً له في حياته، وذكرى حسنة بعد مماته، وإرثاً باقياً في ذمة الله إلى يوم الدين .
والأخلاق لا وزن لها بدون الإخلاص في النية والعمل، والإنسان الغني بحق هو الإنسان الذي يتمتع بغنى النفس، وغذاء الروح، وشفاء القلب متمثلاً في اتباعه التوجيه الإلهي متحلياً بالخلق القرآني .
ومن تحلى بالخلق القرآني وعرفه حق المعرفة، وقى نفسه من آثام وشرور الدنيا، ولم يتبق له إلا النور والأمل والسعادة الحقيقية في الحياة وما بعد الحياة .
ولكن قبل أن يتحلى الإنسان بالخلق القرآني يجب أن يكون حبه لله كاملاً وعظيماً وأن يملأه الإيمان العظيم بالله سبحانه وتعالى الذي سيدفعه إلى الرغبة القوية في التحلي بالخلق القرآني الذي يجعله يراقب نفسه في كل أفعاله وتصرفاته فيكون له نوراً في الحياة يملأ قلبه ووجدانه وعقله ونفسه وروحه وحياته وطريقه كله .
والإيمان ضرورة حية للحياة الإنسانية . . ضرورة للفرد ليطمئن ويسعد ويرقى، وضرورة للمجتمع ليستقر ويتماسك ويبقى، فهو مصدر الأمان، ومنبع السعادة، وطريق الأمل وسبيل التقدم والرخاء .
والإيمان الحق هو الذي يخط آثاره في الحياة كلها، ويصبغها بصبغته الربانية في الأفكار والقيم والمفاهيم والعواطف والمشاعر والأخلاق والعادات، والنظم والقوانين .
ومن المؤسف أن تظهر فئة من الناس تشوه صورة المجتمع الإسلامي. أناس يفصلون بين الأخلاق والسلوك الإنساني. . فيعطون لأنفسهم الحق في أن يطعنوا الآخرين من الخلف، وأن يفسدوا بين الناس، ويعملون كل ما في وسعهم ليضروا الآخرين، ولا يهتمون إلا بمصلحتهم الشخصية، حتى ولو كانت على أكتاف الآخرين .
والشيء المؤلم أنهم يدّعون بأنهم من أهل الدين والخير والصلاح ومن أصحاب المبادئ والقيم والأخلاق الكريمة،
وعندما نواجههم بسلوكياتهم وأنها بعيدة عن الأخلاق الحميدة يقولون : الأخلاق شيء، والسلوك شيء آخر .
ولنقف هنا وقفة مع هذه الفئة لنقول لهم :
[ لا تنفصل الأخلاق عن السلوك الإنساني، والإنسان كل متكامل . . فالأخلاق لا تتجزأ والمبادئ لا تنفصـل، والإنســان المسلم الحق الذي يرضى عنه الله سبحانه وتعالى هــو الإنسان الذي يكون ظاهره كباطنه، وأفعاله وأقواله ترجمة حية حقيقيـة لمــا فــي داخلـه فتصبح أخلاقه فاضلة وسلوكياته حميدة، فيكون بذلك نموذجاً طيباً وقدوة صالحة في المجتمع].
إن هذه الفئة من الناس صورة مشوهة للمجتمع الإسلامي ويجب أن نتطهر منها حتى نحيا في مجتمع يؤمن بالحق والخير والعدل والقيم والمبادئ،
وتسوده الرحمة والحب والإنسانية والأخلاق الحميدة والسلوكيات الكريمة التي تبني ولا تهدم، وتعمِّر ولا تخرِّب . . فنحصد ثمار الخير من التقدم والرخاء والرفاهية.
رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه، ورحم الله امرءاً عاش على المبادئ والأخلاق الحميدة، فأصبحت سلوكياته مثلاً وقدوة ونموذجاً طيباً صالحاً يرضى عنه الله عز وجل . . وتفتخر به الملائكة . . ويحتذي به الآخرون، وينعم الله عز وجل عليه بأن يدخله في رحمته، وأن يكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
إن أجمل ما في الحياة الإيمان بالله.. وأعظم ما في الوجود حب الله.. وأروع ما في الدنيا السير في طريق الله . .
وأحلى ما في النفس الإنسانية التحلي بما جاء به القرآن من خلق كريم، وأدب حميد، وسلوك عظيم، فتنعم بالأمن ، وتهنأ بالسكينة، وتسعد بالفيض الإلهي العظيم في نور القرآن الكريم. 
تصميم وتطوير شركة  فن المسلم