فالمملكة لا تزال من أقل الدول في العالم في معدلات جريمة القتل، كما قال السفير الراحل الشيخ أحمد آل الشيخ مبارك: أحصوا ونحصي يفضح الإحصاء.
بل قضت ـ إلى حد كبير ـ على (الثأر) الذي لا يزال يشكل خطرا في عدد من أرياف بعض الدول التي لا تطبِّق عقوبة القصاص.
وجاءت كلمة القصاص، في سياق آيات يقول الله تعالى فيها: {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة}؛ فالعقوبة الصادرة بالقصاص حق للحاكم بالشرع، وإلغاؤها حق لصاحب الدم، وفرص التنازل عنه والعفو كبيرة جدا؛ إن أراد عفا لوجه الله تعالى، وإن أراد أخذ الدية عِوضا ماليا.
وفي بلادي ينهض أولياء الأمور وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين ومعه أمراء المناطق والمحافظون وشيوخ القبائل ووجهاء البلد ولجان إصلاح ذات البين؛ بالشفاعة الحسنة بين ذوي المقتول وذوي القاتل؛ ليقنعوهم بالعفو، وسجلت عدد من الأسر الكريمة صورا جميلة ورائعة من تقدير ولاة الأمور، والعفو عند المقدرة،
فكم رقبة أعتقت والسيف فوقها، والنطع تحتها، فانطلقت كلمة العفو: عفوت عنك لوجه الله تعالى، فهلّل الناس وكبّروا. وهي صورة من صور الأخوة الإيمانية، واللُحمة المجتمعية.
إني في عجبٍ من منظمات حقوق الإنسان التي تسجل عدد الذين يُقتَلون لأنهم مجرمون، وتسهو عن عدد الذين يَقتُلون أبرياء، أطفالا ونساء، عمالا في مزارعهم، أو صيادين على شواطئهم، كيف تتتبع الأحكام القضائية العادلة، *وتند عدّاداتها عن الذين تهبط عليهم قنابل كالجبال؛ لأنها فقط أرسلت من دول تملك حق النقض/الفيتو بنفسها، أو تكون مدللة لدولة لها هذا الحق.
أكثر من عشرة آلاف قتيل في سورية بحماية صينية وعون روسي، لماذا لم تتحرك لهم تلك المنظمات وتسجلها في خانتي تلكما الدولتين؟
قتلى أفغانستان الذين هتكت حقهم في الحياة رصاصات غادرة ممن يمثلون دولة عظمى ما بالهم خارج الحساب الدولي؟
الفلسطينيون الذين يُقتلون كل يوم برصاص دولة الصهاينة، لماذا لم يحصِهم هذا الجدول الظالم؟!
هي .. هي .. معايير السياسة الدولية لم تتغير .. قتل فرد في غابة جريمة لا تغتفر. وقتل شعب كامل قضية فيها نظر.