الجمعة 20 سبتمبر 2024 / 17-ربيع الأول-1446

حتى لا تستباح حرمة الجسد !



حتى لا تستباح حرمة الجسد !

https://encrypted-tbn0.google.com/images?q=tbn:ANd9GcRM4MG31GW4WZK7w1R7orBXe6ZBFcmdg4Vpm2NZFZKPQMl-xIds أ.عبد الرحمن هاشم.

قرأت رسالة ” المنحرفون ” التي أرسل بها شاب إلى بريد الأهرام كشف فيها عن مأساته ومرضه الذي حاول البرء منه مرات عديدة لكنه فشل.. تمثلت البداية في وفاة والده الذي كان يشغل منصباً مرموقاً إذ صدمته سيارة وهو يعبر الطريق.. هذه الطريقة الخاطفة والمؤلمة التي مات بها أصابت أمه بفزع دائم جعلها تدخله وشقيقته الوحيدة سجناً كبيرا.. أصبحت أمه ترى الموت حوله في كل مكان، فلا خروج بمفرده ..

 تنتظره أمام باب المدرسة .. تجلس على رأسه حتى ينام .. لم يكن تدليلا بقدر ما كان خوفاً وفزعاً تسلل إلى نفسه وروحه فعاش بنفسية وديعة منكسرة تميل إلى البنات أكثر منها إلى الأولاد، مما زاد من انطوائه وابتعاده عن زملائه وحين تقدم إلى أخته عريس من محافظة بعيدة عن مدينته، وجده لطيفاً، سرعان ما اكتسب حب أخته وأمه الأمر الذي جعله يأمن له ويقترب منه .. بعد فترة من الخطوبة عرضت عليه الأم أن يبيت بالمنزل حتى لا يعود إلى مدينته في وقت متأخر مستندة ـ كما قالت أن في البيت رجلا، والطبيعي أن يبيت هذا العريس مع الإبن ( الطفل ) في حجرته.
 
في هذه الليلة البغيضة، نام العريس بجوار صاحب الرسالة في فراشه.. خطيب شقيقته، احتضنه، مرر أصابعه على جسده.. قال له لا تخف أنا أحبك وسأجعلك سعيداً.. فعل معه أشياء غريبة لم يعترض عليها .. كل ما أحس به هو أمان لم يعرفه من قبل .. طلب منه أن يظل ما حدث بينهما سراً .. وكان عند حسن ظنه فلم يبح بما حدث لأحد!
ما حدث معه في تلك الليلة، تكرر مرات عديدة في كل زيارة كان العريس يأتي لزيارتهم .. فكان ينتظره ويفتقد حضنه ويحس إحساساً خفياً بأنه أباه لذلك لم يفهم أحد في البيت لماذا انهار بالبكاء عندما حدثت مشكلات أدت إلى فسخ الخطبة وانسحاب العريس .. كان حزنه أكبر بكثير من حزن شقيقته وأمه.
 
عاش شهوراً عديدة متألماً يشعر بالوحدة والفزع حتى انتقل إلى المرحلة الإعدادية، ولأن أمه حريصة على تفوقه فقد اختارت له مدرساً شهيراً واشترطت أن يعطيه درساً خاصاً بمفرده حتى يتفرغ له ويتقن تعليمه.. ولأن هذا المدرس لا يذهب إلى التلاميذ في بيوتهم، كانت أمه تصطحبه مرتين في الأسبوع إليه في شقته، وتنتظره أو تقضي بعض المصالح ثم تعود لتأخذه بسيارتها..
 
بعد حصص قليلة حدث ما يمكن توقعه .. بدأ هذا المدرس يتلمس جسده وكأنه يتأكد منه .. وجده فريسة سهلة مهزومة صامتة.. ظل مع هذا المدرس سنوات حتى أدرك ما هو فيه .. أدرك أنه منحرف، غير طبيعي .. كره نفسه .. كره أمه .. فقد أي قدرة على المقاومة أو الانسحاب.
بدأ يقرأ حول هذا الموضوع وعرف أنه شخص منبوذ وأن عقابه سيكون جهنم.. فزع وامتنع وحاول الانتحار ولكن إرادة الله كانت غير ذلك.
 
تزوجت شقيقته، ونجح هو بتفوق في الثانوية العامة كما أرادت أمه، والتحق بكلية الطب ودخل في معاناة أخرى..
 
يبدو أن هناك ملامح لمن هم مثله، فقد تقرب منه آخرون يشبهونه.. حرضوه وأغروه، وفي النهاية ضعف ودخل في دائرة السقوط التي لا تنتهي.. ويظل السؤال : ماذا يفعل هذا الشاب؟
في تحليله لهذه الرسالة يقول الأستاذ خيري رمضان محرر بريد الأهرام : منذ توليت مسئولية هذا الباب وأنا لا أفضل نشر مثل هذه الرسائل، وأختار الردود السريعة أو الاتصال المباشر .. لكن ما ألجأني إلى النشر هذه المرة هو ما تتضمنه الرسالة من نقاط خلل في أساليب التربية ، ومن شريحة من المنحرفين سلوكياً غير راضية عن وضعها وتبحث عن علاج، وليتها تكون فرصة للبحث عن علاج ينجي من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
 
فما تتضمنه الرسالة من أسلوب تربية خاطىء اتبعته الأم بزعم الخوف أو القلق أو التدليل، لا ينتج سوى شخصية مشوهة، ضعيفة، ليس لديها استقلالية أو فهم.
فالحرص الشديد المبالغ فيه يفرز شخصية انطوائية غير قادرة على المواجهة، تسلب الطفل حقه في البوح أو الاعتراف، القبول أو الرفض.
 
أيضاً يجب على الآباء أن يفهموا أبناءهم معنى وحرمة الجسد ووظائف أعضائه ودورها في الحياة.. فالخجل أحياناً من تعريف الأبناء بأجسادهم وما هو المسموح به وما هو الممنوع يعرضهم لمثل تلك المخاطر،
 
 هذا الجهل هو الذي جعل صاحب الرسالة لا يفهم ما يفعله معه خطيب شقيقته، فاستغل جهله وخوفه واحتياجه للحنان الأبوي، متجرداً من كل المشاعر الإنسانية، مرضياً حيوانيته فجذبه إلى مستنقع قذر وباء بإثمه وإثم جميع من أضلهم وتسبب في انحرافهم.
 
” فرقوا بين الأبناء في المضاجع “، هكذا أمرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ولكن الأم وبحسن نية قد قبلت أن ينام بجوار ابنها شخص غريب فحدث ما حدث.
 
علموا أبناءكم ـ ذكورا وإناثاً ـ أن أجسادهم محرمة ، مصانة ، لا يحق لأحد أن يهتك سترها أو يلمسها .. علموهم أن يصارحوكم بأي أمر شاذ قد يتعرضون له دون خوف من زجر أو عقاب.
 
أيضاً لا يجوز السماح لمدرس ـ مع الاحترام لكل المدرسين وعدم أخذهم بنموذج فاسد ـ بالاختلاء مع تلميذة أو تلميذ، فالدرس يجب أن يكون في ظل “مجموعة” وأن نختار من المدرسين من يشهد لهم الناس بحسن الخلق والأمانة.
وليعلم من يبتلى بمثل هذا المرض أو تقوده أقدامه إلى مثل هذا السقوط أنه سينجو إذا دخل الإيمان قلبه وابتعد قصراً عن كل الظروف التي تدفعه إلى هذا الطريق ..
 
عليه أن يصبر على العلاج ويتحمل العذاب وعندما يشعر بأي ضعف فلا يخلد إلى وحدته وشيطانه .. ليستعن بأهل المسجد .. ليغير طريقة حياته .. ليبتعد عن تجمعات هؤلاء المرضى .. سيشعر بعد فترة أنه بدأ يعود إلى طبيعته..  نسأل الله العفو والعافية. 
 
Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

حتى لا تستباح حرمة الجسد!

 

أ.عبد الرحمن هاشم.

 

قرأت رسالة ” المنحرفون ” التي أرسل بها شاب إلى بريد الأهرام كشف فيها عن مأساته ومرضه الذي حاول البرء منه مرات عديدة لكنه فشل.. تمثلت البداية في وفاة والده الذي كان يشغل منصباً مرموقاً إذ صدمته سيارة وهو يعبر الطريق.. هذه الطريقة الخاطفة والمؤلمة التي مات بها أصابت أمه بفزع دائم جعلها تدخله وشقيقته الوحيدة سجناً كبيرا.. أصبحت أمه ترى الموت حوله في كل مكان، فلا خروج بمفرده ..

 

 تنتظره أمام باب المدرسة .. تجلس على رأسه حتى ينام .. لم يكن تدليلا بقدر ما كان خوفاً وفزعاً تسلل إلى نفسه وروحه فعاش بنفسية وديعة منكسرة تميل إلى البنات أكثر منها إلى الأولاد، مما زاد من انطوائه وابتعاده عن زملائه وحين تقدم إلى أخته عريس من محافظة بعيدة عن مدينته، وجده لطيفاً، سرعان ما اكتسب حب أخته وأمه الأمر الذي جعله يأمن له ويقترب منه .. بعد فترة من الخطوبة عرضت عليه الأم أن يبيت بالمنزل حتى لا يعود إلى مدينته في وقت متأخر مستندة ـ كما قالت أن في البيت رجلا، والطبيعي أن يبيت هذا العريس مع الإبن ( الطفل ) في حجرته.

 

 

في هذه الليلة البغيضة، نام العريس بجوار صاحب الرسالة في فراشه.. خطيب شقيقته، احتضنه، مرر أصابعه على جسده.. قال له لا تخف أنا أحبك وسأجعلك سعيداً.. فعل معه أشياء غريبة لم يعترض عليها .. كل ما أحس به هو أمان لم يعرفه من قبل .. طلب منه أن يظل ما حدث بينهما سراً .. وكان عند حسن ظنه فلم يبح بما حدث لأحد!

 

ما حدث معه في تلك الليلة، تكرر مرات عديدة في كل زيارة كان العريس يأتي لزيارتهم .. فكان ينتظره ويفتقد حضنه ويحس إحساساً خفياً بأنه أباه لذلك لم يفهم أحد في البيت لماذا انهار بالبكاء عندما حدثت مشكلات أدت إلى فسخ الخطبة وانسحاب العريس .. كان حزنه أكبر بكثير من حزن شقيقته وأمه.

 

عاش شهوراً عديدة متألماً يشعر بالوحدة والفزع حتى انتقل إلى المرحلة الإعدادية، ولأن أمه حريصة على تفوقه فقد اختارت له مدرساً شهيراً واشترطت أن يعطيه درساً خاصاً بمفرده حتى يتفرغ له ويتقن تعليمه.. ولأن هذا المدرس لا يذهب إلى التلاميذ في بيوتهم، كانت أمه تصطحبه مرتين في الأسبوع إليه في شقته، وتنتظره أو تقضي بعض المصالح ثم تعود لتأخذه بسيارتها..

 

بعد حصص قليلة حدث ما يمكن توقعه .. بدأ هذا المدرس يتلمس جسده وكأنه يتأكد منه .. وجده فريسة سهلة مهزومة صامتة.. ظل مع هذا المدرس سنوات حتى أدرك ما هو فيه .. أدرك أنه منحرف، غير طبيعي .. كره نفسه .. كره أمه .. فقد أي قدرة على المقاومة أو الانسحاب.

 

بدأ يقرأ حول هذا الموضوع وعرف أنه شخص منبوذ وأن عقابه سيكون جهنم.. فزع وامتنع وحاول الانتحار ولكن إرادة الله كانت غير ذلك.

 

تزوجت شقيقته، ونجح هو بتفوق في الثانوية العامة كما أرادت أمه، والتحق بكلية الطب ودخل في معاناة أخرى..

 

 

يبدو أن هناك ملامح لمن هم مثله، فقد تقرب منه آخرون يشبهونه.. حرضوه وأغروه، وفي النهاية ضعف ودخل في دائرة السقوط التي لا تنتهي.. ويظل السؤال : ماذا يفعل هذا الشاب؟

 

في تحليله لهذه الرسالة يقول الأستاذ خيري رمضان محرر بريد الأهرام : منذ توليت مسئولية هذا الباب وأنا لا أفضل نشر مثل هذه الرسائل، وأختار الردود السريعة أو الاتصال المباشر .. لكن ما ألجأني إلى النشر هذه المرة هو ما تتضمنه الرسالة من نقاط خلل في أساليب التربية ، ومن شريحة من المنحرفين سلوكياً غير راضية عن وضعها وتبحث عن علاج، وليتها تكون فرصة للبحث عن علاج ينجي من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.

 

 

فما تتضمنه الرسالة من أسلوب تربية خاطىء اتبعته الأم بزعم الخوف أو القلق أو التدليل، لا ينتج سوى شخصية مشوهة، ضعيفة، ليس لديها استقلالية أو فهم.

 

فالحرص الشديد المبالغ فيه يفرز شخصية انطوائية غير قادرة على المواجهة، تسلب الطفل حقه في البوح أو الاعتراف، القبول أو الرفض.

 

أيضاً يجب على الآباء أن يفهموا أبناءهم معنى وحرمة الجسد ووظائف أعضائه ودورها في الحياة.. فالخجل أحياناً من تعريف الأبناء بأجسادهم وما هو المسموح به وما هو الممنوع يعرضهم لمثل تلك المخاطر،

 

 هذا الجهل هو الذي جعل صاحب الرسالة لا يفهم ما يفعله معه خطيب شقيقته، فاستغل جهله وخوفه واحتياجه للحنان الأبوي، متجرداً من كل المشاعر الإنسانية، مرضياً حيوانيته فجذبه إلى مستنقع قذر وباء بإثمه وإثم جميع من أضلهم وتسبب في انحرافهم.

 

” فرقوا بين الأبناء في المضاجع “، هكذا أمرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ولكن الأم وبحسن نية قد قبلت أن ينام بجوار ابنها شخص غريب فحدث ما حدث.

 

علموا أبناءكم ـ ذكورا وإناثاً ـ أن أجسادهم محرمة ، مصانة ، لا يحق لأحد أن يهتك سترها أو يلمسها .. علموهم أن يصارحوكم بأي أمر شاذ قد يتعرضون له دون خوف من زجر أو عقاب.

 

أيضاً لا يجوز السماح لمدرس ـ مع الاحترام لكل المدرسين وعدم أخذهم بنموذج فاسد ـ بالاختلاء مع تلميذة أو تلميذ، فالدرس يجب أن يكون في ظل “مجموعة” وأن نختار من المدرسين من يشهد لهم الناس بحسن الخلق والأمانة.

 

وليعلم من يبتلى بمثل هذا المرض أو تقوده أقدامه إلى مثل هذا السقوط أنه سينجو إذا دخل الإيمان قلبه وابتعد قصراً عن كل الظروف التي تدفعه إلى هذا الطريق ..

 

عليه أن يصبر على العلاج ويتحمل العذاب وعندما يشعر بأي ضعف فلا يخلد إلى وحدته وشيطانه .. ليستعن بأهل المسجد .. ليغير طريقة حياته .. ليبتعد عن تجمعات هؤلاء المرضى .. سيشعر بعد فترة أنه بدأ يعود إلى طبيعته..

 

نسأل الله العفو والعافية. 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم